الشارقة: عثمان حسن تدرك الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات، أن الثقافة صانعة المستقبل، وأن الطفل هو الأساس الذي تنبني عليه ثقافة الأجيال، من هنا، نفهم سعيها الحثيث لإيلاء هذا الجانب أهمية استثنائية، لتطلق في العام 2007 مجموعة «كلمات» تلك الدار المتخصصة بثقافة الطفل، التي عبر سنواتها القليلة أصبحت تقف في طليعة المؤسسات في الوطن العربي، وتضم نخبة من الكتاب والرسامين من حاملي الجوائز العالمية في مجال اختصاص ثقافة الطفل..تنطلق الشيخة بدور القاسمي من رؤية واضحة ترتقي بأدب الطفل، سيما وأن الكتابة لهذه الشريحة العمرية، هي من أصعب الأشكال الأدبية، فكانت أن اختصت الدار وبإشراف الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي شخصياً على اتباع خطة متينة، مدعمة بقرارات تم تنفيذها بدقة وبحرفية عالية، ومحاطة بدعم منقطع النظير وفريق مؤهل من المختصين والخبراء، الذين أنجزوا خلال سنوات تأسيس مجموعة «كلمات» منشورات حققت شهرة عالمية على صعيد صناعة كتاب الطفل محتوى ومضموناً.وهذا فتح المجال رحباً أمام الكتاب والمبدعين العرب وكذلك المترجمين ليقدموا عشرات الكتب من وإلى اللغتين العربية والإنجليزية، فتحقق الدار الكثير من الإنجازات والفوز بجوائز عربية وعالمية رفيعة ليس آخرها فوزها بجائزة الشيخ زايد للكتاب في أكتوبر الماضي حيث جاء في حيثيات الفوز: أن المجموعة اهتمت منذ تأسيسها، بالمعايير العالمية للنشر، وأصدرت كتباً مميزة للأطفال، فاستحقت الفوز بالجائزة، في فرع النشر والتقنيات الثقافية، كما جاء في حيثيات الجائزة ما يؤكد أن كلمات دار النشر الأولى في الإمارات العربية المتحدة المختصة بنشر وتوزيع كتب قيمة للأطفال باللغة العربية وإنتاجها وفق المعايير العالمية، وأنها في غضون فترة قصيرة أصدرت عشرات الأعمال المميزة، ما بين الكتب المصورة وكتب الأطفال الرضع وغيرها من الإصدارات ذات الأفكار الحيوية وتلك التي تهتم بالأساطير القديمة.ورأت لجنة تحكيم جائزة الشيخ زايد للكتاب، أن «مجموعة كلمات» تتميز بتصاميمها الخلاقة ورسوماتها اللافتة للأنظار والمضمون الهادف والمبتكر في الكتب الصادرة عنها، وهي تصدر عن مشروع معرفي يهدف إلى تشييد أفق حضاري متفتح ومستنير، بعيداً عن التعصب وأحادية المنظور.وكان من حصيلة الخطط الناجعة التي اتبعتها الشيخة بدور القاسمي لكي تتبوأ «كلمات» مكانة رفيعة بين دور النشر المختصة بثقافة الطفل أن حازت المجموعة جوائز عدة منها: جائزة معرض بيروت للكتاب لسنتي 2009 و2010 على التوالي، وجائزة أفضل كتاب في الملتقى الدولي لثقافة الطفل الذي عقد في الرياض في عام 2011، وكان أن فازت مجموعة كلمات كذلك بجائزة معرض بولونيا الدولي لكتب الأطفال 2016 عن كتاب «لسانك حصانك» لفاطمة شرف الدين، من رسوم الفنانة حنان قاعي، والكتاب موجه للأطفال الذين يجدون صعوبة في النطق، وقد سبق ل «كلمات» أن حصلت في 2014 على جائزة تقدير خاصة من ذات المعرض اعترافاً بدورها في تطوير الكتاب العربي، وذلك عن فئة «الآفاق الجديدة» عن كتاب «لا تفتحي هذا الكتاب» للكاتبة فاطمة شرف الدين كذلك من رسوم الفنانة فريشتا نجفي.من المهم أن نشير في هذه العجالة إلى بعض التوجهات التي اتبعتها مجموعة «كلمات» لتحقق مثل هذا التميز على المستوى العربي، فقد سبق للشيخة بدور القاسمي وبمناسبة العيد العاشر للدار أن أشارت إلى واحدة من المبادرات التي تبنتها المجموعة وهي مبادرة «كتابي الأول» وهي خطة تنسجم مع الاستراتيجية الوطنية للقراءة / 2016 / 2026، التي عبرت عنها الشيخة بدور القاسمي بقولها «اختارت دار كلمات منذ انطلاقها ألا تكون داراً لنشر وتوزيع الكتب وحسب، وإنما وضعت رؤى متينة قائمة على عقد علاقة ثقة ومعرفة وتعلم مع القراء الصغار والأهالي من جهة، والكتّاب والرسامين والعاملين على صناعة الكتاب من جهة أخرى، لذلك لا يعدّ اليوم احتفاءً بالعيد العاشر للدار، بقدر ما يعد احتفاءً بمسيرة نموّ كبرت فيها الدار مع قرائها ومؤلفيها وفنانيها، فكنا عائلة واحدة يجمعها الشغف بالقراءة والتعلم والاكتشاف». والمبادرة سالفة الذكر، اتبعت خطة لتوزيع نحو 25 ألف كتاب على 5000 من الأمهات اللاتي ينتظرن مولودهن الأول في كل من دبي والشارقة وعجمان ورأس الخیمة والفجیرة وأم القیوین، وهو رقم قياسي مقارنة بدور نشر عربية متخصصة ومعروفة منذ سنوات.اللغة العربية كتابة وتجويداً تقع في سلم أولويات مجموعة كلمات، حيث سبق للشيخة بدور القاسمي أن أشارت إلى هذا الموضوع على وجه الخصوص منطلقة من رؤية لتوفير الكتاب الجيد والمتميز والذي يجذب الأطفال إلى عالم القراءة بلغتهم الأم وهي العربية، فكانت شراكة الدار مع مجموعة «كوارتو» العالمية، المختصة في مجال نشر وتوزيع الكتب المصورة حيث يتسنى إيصال إصدارات «كلمات» إلى فئات أوسع من القراء في الإمارات والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو الذي سيمكن قاطني هذه الدول من التعرف إلى منشورات باللغة العربية ذات جودة عالية.إن بناء أجيال واعية ومستنيرة، هو هدف أساسي تبنته مجموعة كلمات، التي حرصت على أن تكون متواجدة في كبريات المعارض الدولية ومنها معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، حيث كان ل «كلمات» مشاركة واسعة عرضت من خلالها أحدث إصداراتها من كتب الأطفال واليافعين والشباب، سيما تلك التي فازت بجوائز عالمية، كما حرصت المجموعة على عقد شراكات استراتيجية مع كبار الناشرين الدوليين لدعم وتطوير صناعة الكتاب.وفي غضون سنوات قليلة، حققت «كلمات» أرقاماً قياسية على صعيد توزيع الكتب في أكثر من 16 دولة وآلاف المدارس، وفي رصيد المجموعة أكثر من 30 إصداراً حائزاً جوائز عربية ودولية، كما بلغ رصيدها في إنتاج الكتب باللغة العربية أزيد من 350 كتاباً، ونحو 42 إصداراً مترجماً من العربية إلى لغات عالمية.تؤمن الشيخة بدور القاسمي بقوة التأثير الإيجابي للكتاب، وهو تأثير يأتي من التفكير ومن شحنة الخيال التي تولدها متعة القراءة سيما مع نوعية الكتب الجيدة التي يؤلفها كتاب بارزون معروفون بأساليبهم وقدرتهم العالية على التأليف، فالكتاب هو أحد مداميك النهضة الشاملة، وهو أحد أشكال القوة الناعمة الأكثر تأثيراً في الأحاسيس والوجدان، وهو سبيل الدول إلى التقدم وتحقيق الإنجازات.
مشاركة :