الموسيقى هي اللغة العالمية التي تخاطب عقول المستمعين وقلوبهم مع اختلاف أعمارهم وأذواقهم وخلفياتهم الثقافية والاجتماعية. ومثل أي لغة تتنوع لهجاتها وتختلف أنواعها ولكن هذا التنوع والاختلاف يثري تجربة الاستمتاع بالعروض الموسيقية ويجعل الجمهور متشوقاً للحضور والتفاعل. وهذا الأسبوع كان جمهور أوبرا دبي على موعد مع وجبة موسيقية شديدة الثراء، فقد استضافت الأوبرا هذا الأسبوع عرضاً موسيقياً لواحد من أشهر فرق الروك في العالم وهو الفريق البريطاني الأسطوري «ستاتس كو» والذي تأسس في الستينيات وذاعت شهرته عبر نصف قرن من الزمان وشاهده أكثر من 25 مليون شخص بالعالم وما زال يتألق بعد أن فاقت مبيعات أسطواناته 120 مليون أسطوانة وفاق عمر أعضائه الستين عاما وهو الأمر الذي يجعله واحداً من أقدم الفرق الموسيقية وأهمها وأطولها عمراً في التاريخ.واستعدت الأوبرا استعداداً خاصاً لاستضافة هذا العرض الاستثنائي واستفادت من مرونة قاعة المسرح الرئيسية وقامت بإخلاء الجزء الأمامي من القاعة من المقاعد وترك مساحة لمن يرغب من الجمهور في حضور الحفل واقفا ليستمتع ويتفاعل أكثر مع أعضاء الفريق وتركت باقي المساحة بالقاعة مجهزة بالمقاعد كما هي مما حقق رغبات الشرائح المختلفة من الجمهور باختلاف أعمارهم.وعلى هامش الحفل كان لنا مجموعة من اللقاءات مع الحضور للتعرف على آرائهم في استضافة الأوبرا لهذه النوعية من الموسيقي ولهذا الفريق الأسطوري الذي نظم جولته الفنية هذا العام تكريما لذكرى وفاة عضو الفريق وعازف الجيتار الشهير«ريك بارفيت» بالعام الماضي واختار أن تكون دبي آخر محطة بالجولة. موسيقى حيويةتقول «إيمي جايل» التي تعيش في دبي منذ 8 سنوات وهذه هي زيارتها الثانية لأوبرا دبي: حضرت من قبل عرض مسرحية «قصة الحي الغربي» واستمتعت بها كثيرا، وحضرت اليوم لمشاهدة فريق الروك الشهير «ستاتس كو» وكنت أشعر بالفضول لمشاهدته في دار الأوبرا فقد اعتدت أن أحضر مثل هذه العروض في أماكن مفتوحة مثل مدينة الإنترنت بدبي وأن يكون الحضور وقوفاً حيث لا يرغب الحاضرون في الجلوس أثناء هذا النوع من الموسيقى الحيوية، ولكن أدهشتني قاعة الأوبرا لمرونتها في استيعاب أعداد كبيرة من الحضور وقوفا حيث تم رفع الصفوف الأولى لتكوين مساحة واسعة أمام خشبة المسرح تستوعب الجمهور الذي يريد أن يستمتع بموسيقى الروك وتفاعل معها ومع الفريق الموسيقي،وتشاركنا الحديث والدتها «أليسون جوت» فتقول: «أنا أقيم في انجلترا وحالياً أزور ابنتي التي تعمل في دبي ولم أصدق نفسي عندما وجدت فرصة لحضور عرض لفريق «ستاتس كو» الذي يمثل بالنسبة لي قطعة من شبابي حيث أحفظ موسيقاه وأغانيه عن ظهر قلب، وفي نفس الأسبوع سأحضر عرضاً من الموسيقى الكلاسيكية وهذا ثراء وتنوع كبير تقدمه دار الأوبرا لجمهورها، فلكل نوع من الموسيقى مذاقه الخاص وتأثيره المتفرد على حالتي المزاجية.. موسيقى الروك تعيدني لشبابي وتطلق روح الحماس والبهجة داخلي وتحرر طاقاتي بينما الموسيقى الكلاسيكية تنقلني لمستوى مختلف من المشاعر وتساعدني على صفاء الذهن وتجاوز أي توتر أو ضغط أعاني منه، وهي تخلق حالة من الرومانسية الحالمة.. وفي الواقع لم أكن أتصور أن رحلتي من انجلترا إلى دبي ستحمل لي كل هذا الثراء والتنوع في حضور العروض الموسيقية.أما فاليري تومسون فتقول: «أعيش في الشارقة منذ سنوات طويلة وأكثر الأماكن التي أستمتع فيها في وقت إجازاتي الأسبوعية هي زيارتي لأوبرا دبي التي تتمتع بمبنى رائع في كل مواصفاته وتقدم للجمهور إمكانات مشاهدة فائقة الجودة.. وعندما علمت باحتضانها عرض الروك لفريق «ستاتس كو» سارعت بالحجز والقدوم مبكراً لأحجز مكان وقوفي أمام المسرح مباشرة ودعوت أصدقائي للحضور معي واكتشاف مبنى الأوبرا وإمكاناته ونحن بصدد الحجز لحضور عرض الموسيقى الكلاسيك orchestra chamber of europe لأن الموسيقى الكلاسيكية أيضا لها مكانة عزيزة في قلبي وأنا أقدر وجود أوبرا بدبي، فقد أصبحت مكان نزهتي المفضلة ولم أعد مضطرة لقطع مسافات طويلة من السفر لمشاهدة هذه العروض الفنية العالمية. أصغر طفلة في الحفلأما الطفلة «سابينا ديلاهنت» 12 عاماً فقد كانت (فعلياً) تبكي ويرتعد جسمها من التأثر والحماس وهي تخرج من قاعة المسرح بعد انتهاء العرض وتمسك بين يديها ورقة تحتضنها مثل كنز ثمين.. وتبين أن هذه الورقة هي كلمات الأغاني ضمن النوتة الموسيقية التي يضعها أعضاء الفريق أمامهم على المسرح.. وقد صعدت إليهم لتحيتهم فأعطوها هذه الورقة كتذكار من فريق ستاتس كو.. وتقول في حماس شديد.. لا أصدق نفسي فقد التقيت بهم وقام «فرانسيس روسي» بنفسه بمنحي هذا التذكار.. أنا أسمع أغانيهم دائماً فهو الفريق المفضل لأبي وقد حملني أبي على كتفيه خلال العرض وكنت في غاية السعادة وأنا أمد يدي إلى المسرح وأصافح أعضاء الفريق.. أشعر أنني لمست السحاب. ويضحك والدها «إيان ديلاهنت» وهو يقول: «يبدو أنني السبب في عشق ابنتي لفريق «ستاتس كو» فأنا دائماً أقوم بتشغيل أغانيهم في السيارة وفي البيت.. وابنتي موهوبة ولديها أذن موسيقية جيدة وتمارس الغناء في المدرسة، ولذلك فقد تأثرت بأغاني الفريق وأصرت على أن تحضر معي هذا الحفل.. وتقريبا هي أصغر الحاضرات بين الجمهور الذي يرتفع معدل أعماره نظراً لأن الفريق يقدم أعماله منذ وقت طويل وبالتالي فهو أكثر شعبية لدى جيل السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.أما بازل نواز من الهند فيقول: أنا أعيش في دبي وتعودت حضور عروض الأوبرا.. حضرت من قبل مسرحية «كاتس»، كما شاركت ابنتي ضمن الموهوبين الذين حضروا الورش الفنية التي أقيمت بالأوبرا على هامش حفل الBBC PROMS وأنا أعتبر هذا الأسبوع هو أسبوع حظي مع أوبرا دبي لأنه في نفس الأسبوع حضرت عرض «ستاتس كو» لموسيقى الروك الذي أعادني إلى سنوات طفولتي وشبابي وفي نفس الوقت سأحظى بفرصة حضور عروض الموسيقى الكلاسيكية خاصة موسيقى بيتهوفن، فأنا من عشاقه ولا أجد الجمع بين تذوق نوعين مختلفين من الموسيقى أمرا غريبا بقدر ما أجد أن كل نوع يخلق حالة ثقافية ثرية.. فبرأيي موسيقى الروك تخاطب الجسد والموسيقى الكلاسيكية تخاطب الروح.. والإنسان يحتاج لإسعاد عقله وجسده معاً.
مشاركة :