اعتبر البروفيسور جاري سيك -الأستاذ بجامعة كولومبيا الأميركية، ومحلل شؤون الشرق الأوسط- أن السعودية تحت القيادة الجديدة الحالية هي القوة الأكثر زعزعة لاستقرار المنطقة وأخطرها، مضيفاً أن السعودية والإمارات تورطتا بحرب في اليمن تحولت إلى حالة «جمود».وألمح البروفيسور سيك -في حديث للشبكة الإخبارية لوكالة الأبناء الإيطالية- إلى أن زيارة الرئيس ترمب للرياض كأول محطاته الخارجية، ربما تكون شجعت السلوك السعودي، خاصة مع افتقار الإدارة الأميركية الحالية لأية استراتيجية محددة، تتعلق بسياسات الشرق الأوسط. وأشار إلى أن سياسات ترمب في الشرق الأوسط تعتمد على خليط من المشاعر الشخصية الغريزية، ومحاولة الإيفاء بالوعود التي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية، وأيضاً جزء منها يتعلق بنقض كل إرث الرئيس السابق باراك أوباما. وضرب سيك مثلاً على سياسات ترمب بالتحالف الموسع مع النظامين السعودي والإماراتي، وما نجم عنه من تجمد الموقف في اليمن، مع سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وأجزاء كبيرة من البلاد، مشيراً إلى أن ترمب تبنى الموقف السعودي دون أن ينتقده، على عكس أوباما. واستشهد البروفيسور الأميركي بشهادات عدة خبراء يمنيين قالوا، إن التحالف في اليمن يعاني حالة جمود، في وقت أدت فيه الحملة الجوية السعودية-الإماراتية إلى وقوع نسبة كبيرة من الضحايا المدنيين، مخلفة 10 آلاف قتيل، وأدت إلى اندلاع أسوأ وباء للكوليرا في العالم، إذ أصيب به ما يقرب من نصف مليون يمني معظمهم أطفال. وتناول سيك الأزمة الخليجية وقال، إن الهجوم السعودي ضد قطر، الذي يستند إلى نزاع قبائلي طويل الأمد بين الدولتين، يمثل أيضاً تهديداً خطيراً للمصالح الأميركية. وتابع محلل شؤون الشرق الأوسط، أن المحاولة غير المسبوقة لمعاقبة وعزل قطر نجم عنها تفسخ محتمل لمجلس التعاون الخليجي، مع تكتل البحرين والسعودية والإمارات في جانب، وقطر وعمان في جانب آخر، والكويت في المنتصف تحاول الوساطة. ورأى سيك أن سلوك إدارة ترمب يختلف عن نهج كل الإدارات الأميركية السابقة، فقد دأب صناع السياسة الأميركية من قبل على تشجيع التعاون داخل مجلس التعاون الخليجي، لكن الأمر صار حلماً مع سياسة ترمب الحالية. وفيما يتعلق بالصراع السوري، لفت سيك إلى أن الولايات المتحدة ودول الخليج -الذين دعموا المعارضة السورية- صاروا أطرافاً خاسرة، لأنها توقعت نهاية سريعة للصراع مع بدايته، على عكس الذين حذروا من طول أمده، وإن لم يكن معلوماً ساعتها أن حزب الله وإيران وروسيا سيدخلون على خط الأزمة. وقال سيك، إن الواقع يظهر أن نظام الأسد قد فاز بالمعركة، حتى لو استمرت الحرب الأهلية نفسها لسنوات مقبلة. وبشأن الأزمة الكردية، يؤكد سيك أن الأكراد أثبتوا قدرتهم على القتال والاحتفاظ بالأرض، لكن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي دعمت استفتاء الاستقلال عن العراق، بينما وصف البروفيسور الأميركي «تنظيم الدولة» بأنه أكبر خاسر، إذ تقلصت «خلافته»، لكنه أشار إلى عدم وضوح كيفية عمل روسيا والولايات المتحدة بشكل مشترك لما بعد هذه الهزيمة شبه الكاملة للتنظيم. واعتبر محلل شؤون الشرق الأوسط، أن إيران تمثل أكبر تغير في سياسة الولايات المتحدة منذ انتخاب ترمب، خاصة أن الرئيس الأميركي يعارض الاتفاق النووي الإيراني بشدة، مشيراً إلى أن قرار إنهاء الاتفاق من عدمه بيد الكونجرس الآن، الذي يمكن أن يتخذ عدة خيارات منها إعادة فرض عقوبات رفعت بموجب الاتفاق، أو عدم اتخاذ أي إجراء «ما يمكن أن يؤدي بترمب إلى انسحاب أحادي الجانب من الاتفاق»، أو تمرير قانون يشمل إرشادات جديدة حول قضايا إيرانية خارج الاتفاق النووي، لكن سيك توقع حالة من عدم اليقين بشأن التعاون بين البيت الأبيض والكونجرس. وحذر سيك من أن انسحاب ترمب من الاتفاق النووي سيكون له تداعيات على أمن الشرق الأوسط وبقية العالم لعقود مقبلة. ورأى سيك أن ترمب سيستخدم الكونجرس كوسيلة ضغط على الأوروبيين ودول أخرى مشاركة في الاتفاق النووي، من أجل دراسة وضع مزيد من الضغوط على إيران، فيما يخص المسائل غير النووية.;
مشاركة :