محبة النبي «صلى الله عليه وسلم»

  • 11/3/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لا يزال المسلم بخير وعلى خير إذا تعلق قلبه بحب نبيه الكريم، بل هي من علامات النبل والكرامة وكمال الإيمان، وليس أدل على ذلك من قول عمر رضي الله عنه: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا والذى نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك»، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الآن يا عمر»، أخرجه البخاري في صحيحه. ولكن للأسف الشديد في زمننا هذا أضحى حب النبي صلى الله عليه وسلم لسانا لا قلبا، قولا لا فعلا، وانتكست الفطرة فعمت الفتن، وكثر الخبث. وكلنا نبحث عن مخرج من هذه الدوامة، ونريد أن نمد أيدينا إلى من نجد فيه علامات الصدق والحب، لأننا ـ والحقيقة هذه ـ مللنا من النفاق وأهله، ومللنا ممن يبيع دينه بثمن بخس دراهم معدودة، بل يبيع أمته في سوق النخاسة من أجل منصب أو مكانة مزيفة. ولا يمتلك صفات الصدق والمحبة الخالصة إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الوحيد في هذه الدنيا من يأخذ بأيدينا إلى بر الأمان والعيش الرغيد في الدنيا والآخرة. ولا يخفى على أي أحد من أهل الكياسة والفطنة بأن محبة النبي صلى الله عليه وسلم تنفع يوم الفرار الأكبر، كل الناس تفر منك حتى أقرب الناس إليك، ولكن الذي يأخذ بيدك ويسقيك ـ والظمأ يكاد يفتت شفتيك ـ بيده الشريفة من حوضه هو محمد صلى الله عليه وسلم، فما عليك إلا أن تمد يديك إليه بكل صدق وحب وإخلاص وذلك ب:1.التوبة: أن تتوب إلى الله توبة صادقة، بأن تفر من غضب الله إلى رحمة الله، وما قصة الغامدية عنا ببعيد، جاءت الغامدية فقالت: «يا رسول الله، إني قد زنيت فطهرني»، وإنه ردها فلما كان الغد، قالت: «يا رسول الله، لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزا! فوالله إني لحبلى»، قال: «إما لا فاذهبي حتى تلدي»، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: «هذا قد ولدته»، قال: «اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه»، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: «هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام»، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم سبه إياها، فقال: «مهلا يا خالد، فوالذي نفسي بيده، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له»، ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت. 2 .الهجرة: وذلك بأن تهجر رفقاء السوء، مهما كانت هذه العلاقة، لا بد عليك أن تبتعد عن من يجرك إلى معصية الخالق، وتقترب من هدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وفي هجرة صهيب الخبر اليقين، قال سعيد بن المسيب: «أقبل صهيب مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاتبعه نفر من قريش، ونزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته ثم قال: يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا، وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، ثم افعلوا ما شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وقينتي بمكة وخليتم سبيلي»، قالوا: نعم، ففعل، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: «ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى»، قال: ونزلت: «ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد» (البقرة: 2077). 3.الخلق الحسن: زينة الإنسان المسلم تنحصر في خلقه الحسن، لأن الخلق الحسن جالب لكل خير، فقد روى النسائي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن جبريل عليه السلام كان يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه، قال العلماء: بأن دحية كان جميل الصورة، فيه شبه من الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي أخلاقه أيضا. 4. الرجولة: قد يتبادر إلى ذهنك أننا نقصد بها الذكورة، ولكننا نريد بها الرجولة الحقة التي ذكرها القرآن ومدحها، وهي تأتي نكرة منونة، مفرد أو جمع، وهي تدل عموما على قوة الإيمان وقوة الصدح بالحق، «وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين» (القصص: 20). 5. طلب العلم: أشد ما يرفع الأمة ويزيدها قدرا وشرفا في الدنيا والآخرة طلب العلم، جاء في الأثر: «طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات»، «تناصحوا في العلم ولا يكتم بعضكم بعضا، فإن خيانة في العلم أشد من خيانة في المال»، أبو نعيم في «الحلية» عن ابن عباس. 6. العمل بجد وإتقان: يفترض في الإنسان المسلم أن تكون شخصيته إيجابية، مقبلة على الحياة، متفاعلة معها، ولأنه مطالب باستيفاء شروط الخلافة في الأرض والسعي في مناكبها عبادة لله، وإعمارا للأرض، واستفادة مما فيها من ثروات وخيرات لا يصل إليها إلا بالعمل والعمل الجاد، لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقن الإنسان عمله: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، ومن هنا فإن الإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام فيه منذ أن يدخل فيه، وهي التي تحدث التغيير في سلوكه ونشاطه، فالمسلم مطالب بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي، لأن كل عمل يقوم به المسلم بنية العبادة هو عمل مقبول عند الله يجازى عليه، سواء كان عمل دنيا أم آخرة، قال تعالى: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين» (الأنعام: 162، 1633). 7.السلامة والجمال: إن الصبغة الجمالية التي تميز الطبيعة التي خلقها الله تعالى - على اختلاف مكوناتها - ليست إلا تطبيقا لقاعدة عامة أقرها الله تعالى في كل ملمح من ملامح الكون، كما أحب لعباده أن يتخلقوا بها، تلك هي قاعدة «الجمال»، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله جميل يحب الجمال». يمكن أن نرتب منهج الإسلام في النظافة عبر ثلاث خطوات: نهي عن القذارة، ثم أمر بالنظافة، ثم استحباب للزينة، وهذا فوق النظافة، وعلم المسلمون أن الاستهانة في عدم التطهر من النظافة سبب عذاب، إذ أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر على قبرين فقال لأصحابه ـ يحدثهم عن صاحبي هذين القبرين، كما يروي ابن عباس رضي الله عنه ـ: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة». وحين رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا لم يهذب شعر رأسه ولحيته أشار إليه بيده: أن اخرج، كأنه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل، ثم رجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان». هذه فرصة عظيمة لينزاح عنك الهم وتسعد بأيامك، وتعيش عيشة راضية بعيدا عن كل ما يشينها، بادر واعزم وتوكل على الله لتحظى بصحبة النبي يوم القيامة في جنة الفردوس.

مشاركة :