إنسانية صاحب السمو في العلاقات الدولية - مقالات

  • 11/3/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كرس سموه قواعد عامة للإنسانية مبشراً بها ومذكراً في المحافل الدولية، بعد صرير المدافع وزمجرة الدبابات... 1 - الكرامة الإنسانية: فالكرامة الإنسانية يقررها القرآن والسنة لكل من يتحقق فيه معنى الإنسانية، وذلك الأساس قائم على ركيزتين، الأولى كانت بهبة العقل الذي سخر الله تعالى له به الكون بما فيه. سواء أكان على الأرض أم كان في جوف السماء، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا} البقرة 29. والركيزة الثانية، هي ألا تفاضل بين الناس، بالألوان فالأبيض والأسود على سواء إلا بالتقوى. قال صلى الله عليه وسلم: «أنتم بنو آدم وآدم من تراب» سنن أبي داود 2 - التعاون الإنساني: ولقد نفذ الرسول صلى الله عليه وسلم مبدأ التعاون الدولي عندما جاء إلى المدينة فعقد مع اليهود حلفاً أساسه التعاون على البر، وحماية الفضيلة ومنع الأذى، وأكد ذلك بالمواثيق، ولكن اليهود نقضوا حلف التعاون، ودبروا الأمر مع المشركين ضد النبي صلى الله عليه وسلم وكان أساس هذا التعاون أن يتضافروا على دفع الاعتداء وإقامة الحق أو بعبارة عامة ما يسمى في هذا العصر «بالتعايش السلمي». وقد حضر وهو شاب في الخامسة والعشرين من عمره حلفاً لبعض أشراف قريش عقد في دار عبد الله بن جدعان تعاقدوا فيه لينصرن الضعيف على القوي، فسر صلى الله عليه وسلم لذلك سروراً ظهرت آثاره من بعد فقد قال الهادي الأمين: «لَقَدْ شَهِدْتُ فِى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوِ أُدْعَى بِهِ فِى الإِسْلاَمِ لأَجَبْتُ» السنن الكبرى للبيهقي. اعتبر الإسلام الناس جميعأً أمة واحدة، ولقد صرح القرآن بهذه الوحدة في آيات كثيرة، وما دام الأصل واحداً فالوحدة شاملة، وقد جاء ذلك في سور وآيات عدة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النساء 1، وهذا يؤكد أن الأصل واحد، فقد خلق الله الناس جميعاً من نفس واحدة وخلق من هذه النفس زوجها، وتوالد الناس من هذين الأبوين الكريمين. وإن اختلاف الناس شعوباً وقبائل لم يكن ليتقاتلوا ويختلفوا ولكن ليتعارفوا ويتعاونا، وقد صرحت بذلك الآية الكريمة في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} الحجرات 13، وإن هذا التعارف يجعل كل فريق ينتفع بخير ما عند الفريق الآخر. وفي سبيل ذلك التعارف حث القرآن الكريم على السعي والضرب في الأرض طلباً للرزق وطلباً لهذا التعارف الإنساني، وليحصل أهل كل إقليم على ما عند الآخرين. وكما أن الإسلام حارب فكرة التمييز بالألوان، وحارب التمييز بالعنصر والجنس فالناس جميعاً لآدم، لا فرق بين آري وحامي وسامي بل الجميع ينتمون إلى أب واحد وأم واحدة. وقد طبق النبي صلى الله عليه وسلم مبدأ التسامح في علاقاته بالمشركين وغيرهم في معاهداته وفي حروبه، ففي المعاهدات تراه في صلح الحديبية، وهو الصلح الذي عقد بينه وبين المشركين عندما أراد أن يحج فمنعوه وأبوا أن يدخل البيت الحرام ومعه جيش يستطيع به أن يدك عليهم ديارهم، والسياسة الشرعية آثرت الصبر والسماحة وحقن الدماء ولم يكن ذلك قبولاً للدنية ولكنه الهدي الإسلامي الذي حث على الصبر بدل القتل والقتال، والرفق بدل العنف، وتأجيلٌ فيه رفق خير من تعجيلٍ فيه عنف. يتبع... dr.aljeeran2017@gmail.com

مشاركة :