معظم الأطفال الذین یسیئون التصرف في الأماکن العامة مسببين الحرج لآبائهم، لم يتعلموا احترام القواعد والقوانين، كما لم يعلمهم أحد أنماط السلوك المقبول وغير المقبول.العرب [نُشر في 2017/11/03، العدد: 10801، ص(21)]أزمة تربوية القاهرة- يشتكي بعض الآباء والأمهات من أنماط سلوكية غير محببة يتبعها الأبناء، ويعتبرونها دليلا على وجود فارق كبير في منظومة القيم بين أطفال هذا الجيل وأطفال جيل الآباء والأمهات، وهو ما يؤكد عليه جيل الأجداد ويعتبرون أن هذا السلوك ناتج عن تساهل الآباء والأمهات في تربية أبنائهم. خبراء في التربية اعتبروا أن مثل هذا السلوك يؤشر في حقيقة الأمر على أزمة تربوية في الوقت الراهن، مشيرين في نفس الوقت إلى ما يعتبره كثير من التربويين بمثابة “انقلاب اجتماعي في أنماط التعامل بين الأبناء والآباء، وهو ما يجب الانتباه له والتعامل معه بمنتهي الحرص واليقظة”. الخبيرة التربوية صبرة السيد من مصر تتفق على أن هناك تغييرا في أنماط السلوك الاجتماعي المقبول من جيل إلى جيل آخر، إلا أنها تؤكد أن هذا التغيير طبيعي بسبب اختلاف المتغيرات التي يتعرض لها جيل وجيل آخر، وحيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي إحدى وسائل التنشئة للأجيال الجديدة والتي لا يمكن للآباء السيطرة عليها. وتوضح قائلة إنه ليس بالضرورة أن يؤدي التساهل في المعاملة من قبل الآباء والأمهات إلى تصرف الأولاد بوقاحة، لكن في نفس الوقت يسود اعتقاد كبير بأن هنالك ارتباطا في الغالب بين الأمرين. فمعظم الأطفال الذین یسیئون التصرف في الأماکن العامة مسببين الحرج لآبائهم، لم يتعلموا احترام القواعد والقوانين، كما لم يعلمهم أحد أنماط السلوك المقبول وغير المقبول سواء في المنزل أو خارجه. وتضيف إن بعض الآباء يعتقدون أن مجرد تلقين أبنائهم بعض الكلمات مثل شكرا، أو من فضلك، أو مخاطبة الآخرين بلفظ حضرتك، يدل على اهتمامهم بتهذيب أبنائهم، وإن كان من الضروري تعليم الأطفال قول مثل هذه العبارات في الوقت المناسب قبل أن يكبروا ويعتبروا أن قول هذه المفردات لمستحقيها ليس ضروريا. وأشارت إلى أن الغالبية منهم يغفلون عن تكريس قواعد مهمة وضرورية تتعلق بسلوكهم اليومي وطريقة تعاملهم مع الآخرين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: التحدث بصوت خافت، التزام الهدوء في الأماكن العامة، والتعامل مع الأقارب والمعارف باحترام وتهذيب. كما أشارت إلى ما تصفه بتداخل المعايير في تربية الأطفال نتيجة قلة خبرة الآباء والأمهات، فعلى سبيل المثال تدرك العديد من الأمهات أن تنمية الجانب الإبداعي في شخصيات أبنائهن يعتمد في أحد جوانبه على تنمية فضول الطفل، ولكن بينما يمكن قبول تجول الطفل في المنزل ومساعدته على اکتشاف محتویاته لتنمیة فضوله، لا یمكن الصمت مطلقا على تجول الطفل في أحد الأماكن العامة أو العبث بمحتويات منازل الأصدقاء تحت ذريعة تنمية فضوله. أما الخبيرة التربوية بثينة عبدالرؤوف فتشير إلى أن بعض الآباء يتلمسون أعذارا واهية لأخطاء أطفالهم، بل يتقمصون دور الاختصاصي النفسي ويحاولون أن يجدوا لهم عذرا مقبولا، وهو ما يعتبره الطفل مبررا له لتكرار مثل هذا الخطأ في وقت لاحق. وتؤكد عبدالرؤوف على أن الطفل في سن الـ3 والـ4 سنوات يمكن أن يتعلم أنه ليس مقبولا أن يزعج الكبار أثناء انشغالهم أو يصرخ في وجه الآخرين، لكن إذا استمر مثل هذا السلوك غير المقبول حتى فترة متقدمة من عمر الطفل فسوف يصبح من العسير تغيير هذا السلوك، والذي سوف يتحول إلى طباع سيئة لصيقة بالطفل وليس مجرد سوء سلوك يمكن تقويمه”.
مشاركة :