المعرض لا يتمتع بالصفة الدولية التي يلصقها بها المسؤولون على الشأن الثقافي في الجزائر، وذلك لأن دور النشر الكبرى في العالم بأسره لا تشارك فيه ولا تعتبره ظاهرة ثقافية جادة.العرب أزراج عمر [نُشر في 2017/11/03، العدد: 10801، ص(15)] هل يمثل المعرض المنعقد حاليا بالجزائر، والمسمى اعتباطيا بالدولي، ظاهرة ثقافية لها هوية جزائرية حداثية وآفاق عالمية متطورة يمكن أن تشع على الداخل وثؤثر إيجابيا على الإنسان الجزائري وعلى الفضاء الثقافي والفكري الإقليمي والدولي أم أن طقوس هذا المعرض النمطي ليست سوى تغطية محبوكة بإتقان للوضع الثقافي الجزائري المزري على مدى سنوات طويلة؟ لا بدّ من القول إن هذا المعرض في مختلف طبعاته السابقة والراهنة لا يتمتع بالصفة الدولية التي يلصقها بها المسؤولون على الشأن الثقافي في الجزائر، وذلك لأن دور النشر الكبرى التي تطبع حصة الأسد من الإنتاج الثقافي والفكري والعلمي والفني في العالم بأسره لا تشارك في هذا المعرض ولا تعتبره ظاهرة ثقافية جادة خاصة، وأنها تدرك أن الجزائر ليست مركزا ثقافيا استقطابيا على المستوى المغاربي أو العربي أو الأفريقي. وفي الحقيقة فإن المسؤولين الجزائريين على تنظيم هذا المعرض وفي المقدمة وزارة الثقافة الجزائرية لا يفقهون في أمور الصناعة الحديثة لمتطورة للكتاب إنتاجا وتصميما وترويجا وطباعة وتوزيعا وتسويقا شيئا يذكر، بل هم مجرد بيروقراطيين مقحمين إقحاما على الثقافة بالقوة. ومن جهة أخرى فإن المسؤولين الجزائريين قد عجزوا على مدى سنوات عجاف على خلق حركة ثقافية وطنية منتجة ومتطورة ومتفاعلة حقيقة مع الحركات الثقافية في المنطقة المغاربية أولا وفي المحيط العربي ثانيا ومن ثم على مستوى آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا وهلمّ جرا، بل إن الشأن الثقافي يعامل من طرف الإدارة الجزائرية معاملة رديئة قلّ نظيرها. هناك مثل جزائري يقول “يا لمزوّق من الخارج أشحالك من الداخل” ويعني أن تلميع شيء مهترئ من الخارج لا يمكن أن يغطي على هشاشته في الداخل. في هذا السياق لا بدّ من التوضيح أن الثقافة التي يكرسها معرض الكتاب الذي يعقد بالجزائر تتميز بالقليدية والتكرار النمطي للمطبوعات التي يغلب عليها الطابع الديني السلفي والأدبيات التي أكل عليها الدهر وشرب. لا شك أن ما ينتج في العالم، وخاصة المتطور منه، من أمهات المؤلفات في مختلف ميادين الفكر النظري والتطبيقي، وفي حقول العلوم، وفي مجال ثقافة المهنيات الأكثر تطورا لا مكان له في المعرض الجزائري لأن مثل هذا الإنتاج لا يترجم إلى العربية إلا بعد مرور عشرات السنوات وبعد أن يكون قد أصبح تقليديا ومتجاوزا في البلدان التي ولد فيها. ينبغي أن يفهم المسؤولون الجزائريون على الشأن الثقافي أن النهضة الثقافية لا تصنعها كمشة من الكتب المستوردة التي عفا عليها الزمان ولا يمكن أن تفجر ينابيعها ندوات هامشية تسند مهمتها إلى أشخاص معيّنين ومكررين دائما وبطرق مخلة بأخلاق الثقافة والفكر وفي مقدمتها المحسوبية والشللية والجهوية. كاتب جزائريأزراج عمر
مشاركة :