العنف الأسري .. وبشاعة النتائج

  • 9/7/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

من أسوأ ما تواجهه المجتمعات الحديثة من أمراض هو العنف الأسري، وهذا لا يعني أن المجتمعات القديمة لم تعان من هذا المرض الاجتماعي الذي يرفضه حتى الذين يمارسونه إذا فكروا مليا في أضراره ونتائجه البشعة، لكن المجتمعات الحديثة في ظل الوعي الثقافي والتقدم العلمي يفترض أن تعي تماما خطورة تلك الأضرار والنتائج البشعة، ومع ذلك فإن أعداد الذين يتعرضون للعنف الأسري ما زالت تتزايد في العالم، وخاصة في المجتمعات الفقيرة والأقل فقرا، حيث تتفشى البطالة والجريمة والعنف بصورة عامة، دون أن يعني ذلك خلو المجتعات الغنية من هذه الممارسات غير الأخلاقية، وإن اختلفت الأسباب عنها في المجتمعات الفقيرة، وفي النهاية يظل العنف هو أبشع ما يمكن أن يرتكبه الإنسان ضد غيره، وإن تعدد أسباب هذا العنف وأشكاله ونتائجه، وهي أسباب وأشكال ونتائج قد لا يتصورها الإنسان في بعض الحالات التي تخرج مرتكبيها من إنسانيتهم، لبشاعة صورها ووحشية أساليبها وقسوة نتائجها، وهي نتائج تتجاوز الأفراد، لتشمل المجتمع وتؤثر في مساراته التنموية، التي تتطلب أناسا أسوياء في سلوكهم، وليسوا منحرفين أخلاقيا ومشوهين سلوكيا ومعاقين تربويا وعاجزين عن تحقيق الثقة بالنفس، وما هذه الظواهر السلبية سوى يعض نتائج العنف الأسري الذي يمارسه بعض الرجال ضد أسرهم بجهل وعنجهية ورعونة، بعيدا عن التعقل والاتزان والحكمة. وفي المجتمع الإسلامي الذي يستظل بتعاليم صارمة فيما يخص أفراد الأسرة حيث ضمن للمرأة والطفل حقوقا واضحة، ورغم تجاهلها فإنها تظل علامة مضيئة في تعاليم الإسلام الذي حفظ حقوق الإنسان منذ قرون عديدة، وقبل أن تقررها المنظمات الدولية في هذا العصر، لكن بعض المسلمين يتجاهلون هذه التعاليم، كما يتجاهلون غيرها من تعاليم الدين الحنيف، وهم المسلمون الذي يفترض أن يكونوا دعاة خير وحكمة، وبناة أمن وإصلاح. وأقول المرأة والطفل لأنهما يمثلان الضلعين الضعيفين في مثلث كيان الأسرة، المكونة من الرجل والمرأة والأطفال، مما يعني أن الرجل يتحمل المسئولية الكاملة في ما تتعرض له المرأة والطفل من العنف في محيط الأسرة، وهي مسؤولية ذات اتجاهين: الاتجاه الأول هو عدم ارتكاب هذه الحماقة ضد المرأة/الزوجة والأخت والأم، أو ضد الأطفال/البنين والبنات، وهم أمانة في عنقه وتحت مسئوليته المباشرة شرعا وعرفا. أما الاتجاه الثاني من هذين الاتجاهين، فهو حتمية الدفاع عنهم في حالة تعرضهم لأي نوع من أنواع العنف، باعتبار ذلك من أولويات واجباته نحوهم، وهنا من حقنا أن نسأل، كيف يستقيم واجبه في الدفاع عنهم، مع قيامه شخصيا بما هو مسئول عن رفضه إذا ارتكب ضد أسرته!؟. إن مما يزيد الأمر سوءاً هو علم الرجل ـ المسلم تحديدا ـ بواجباته الدينية والأخلاقية تجاه أسرته، ومع ذلك نراه يقدم بكل جرأة على التعامل معهم بعنف يأخذ مداه في صور بشعة ضد المرأة والطفل، وما أكثر القضايا التي تطرح في هذا لمجال، والتي قد تعالج أو يصعب علاجها، وسببها في الغالب هو الرجل الذي لا يجني على أسرته فقط، ولكنه يجني على نفسه عندما يسيء التعامل مع أقرب الناس إليه، وأول هذه الإساءة إلى نفسه هي استغلاله حقه في القوامة التي منحها الله له، وهي قوامة مرتبطة بعدة شروط يتجاهلها معظم الرجال الذين لا يخافون الله في تعاملهم مع من هم تحت رعايتهم من النساء والأطفال، وبعيدا عن كل القوانين الوضعية والمنظمات الحقوقية المعنية بالدفاع عن المرأة والطفل، علينا أن نتذكر تعاليم الدين الحنيف الذي أوصانا خيرا بالمرأة والطفل، وصولا إلى استقرار المجتمع وأمنه، وضمان حمايته من كل أشكال الأخطار التي تهدده، ومنها العنف. ثم إن العنف الأسري يؤدي إلى تشتت الأسرة، فكيف يجيز الرجل لنفسه الوصول إلى هذه النتيجة، وهو المسئول عن حماية أسرته والحفاظ عليها من التفكك والضياع، وما يترتب على ذلك من نتائج بشعة أخرى يدفع ثمنها المجتمع والوطن والأمة؟.

مشاركة :