تطبيق «واتس أب» وضياع العيش والملح

  • 9/7/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

نظام (واتس أب) ببساطة هو نظام تواصل اجتماعي تم تأسيسه في العام 2009م من قبل اثنين من موظفي شركة (ياهو) السابقين. ومقر الشركة هو ولاية كاليفورنيا الأمريكية. قد بلغ انتشار استخدامه لدرجة أن نظام فيس بوك قام بشراء هذا النظام بمبلغ وصل إلى (19) بليون دولار. أي ما يعادل حوالي (70) ألف مليون ريال سعودي. وهذا المبلغ يعادل الميزانية العامة للكثير من دول العالم. وهو نظام يسمح لك بإرسال رسائل مجانا مهما كان حجمها، ما دام هناك شبكة إنترنت ليصل عدد الرسائل المتبادلة في أحيان كثيرة ثلاث مرات عدد سكان الكرة الأرضية. ورغم ما قيل عن هذا النظام وعن الثغرات الأمنية، إلا أن انتشاره كان فوق ما يتصوره الكثير. وفي الماضي القريب كان التخاطب والحديث عن أي شأن كان عبر طرق تقليدية. فإما عن طريق الهاتف بين اثنين أو جلسة اجتماعية تجمع الأصدقاء أو الأقارب. وحيث إن اللقاء كان وجها لوجه، فإن طابع الاحترام أو البعد عن جرح المشاعر هو السائد رغم ما يمكن أن يخفيه البعض في صدورهم، ولكن كان هناك ما يسمى الاحترام المتبادل ودائما يقال لا تزعلون، فبينكم عيش وملح. ولكن ومع تطور أنظمة التواصل الاجتماعي تطور نظام يمكن من خلاله جمع مجموعة تصل للمئات في شبكة مغلقة فيما بينهم مهما كان عددهم، وتم تسميتها مجموعات (قروبات). وتتكون هذه المجموعات إما من أقارب أو أصدقاء تربطهم صداقات تمتد لعشرات السنين. ولكن من الملاحظ في مجتمعنا هو أننا نكون هذه المجموعات المختلفة التوجهات، ولكننا نتحدث دون النظر إلى ما يمكن أن يسببه طرح وجهات نظر قد تكون جارحة لبعض أعضاء المجموعة. وما يتم تناقله في هذا التطبيق أصبح فيه نوع من الإقصاء والشحن. والسبب يعود إلى أنك تخاطب آخرين دون أن تراهم أو تسمعهم، وهذا يعطيك حرية أكثر وجرأة أكثر رغم أن ما يطرحه الكثير في مجتعنا هي أمور للأسف الشديد غير مفيدة وبعضها استفزازي، خاصة إذا كانت الرسائل في (واتس أب) فيها اي نوع من الطائفية أو القبلية. لأن المجموعة عادة تضم شريحة واسعة من جميع الأطراف والتوجهات حتى لو كانوا من اسرة واحدة. وكل ما نراه في أساليب البعض هو إذابة العيش والملح، وإلغاء ذكريات صداقات الطفولة والزمالة التي تمتد لعشرات السنين بمجرد كتابة رسالة غير مناسبة. إن تطبيق نظام (واتس أب) كان بالإمكان أن يكون وسيلة للتواصل فقط ومعرفة أخبار الأصدقاء فقط. وكان بالإمكان أن يكون هذا النظام تثقيفيا عن طريق طرح معلومة جديدة أو إنجاز علمي. ومن المفروض أن تكون رسائل هذا التطبيق قصيرة أو برابط مع جملة واحدة. ولكن وفي كثير من الأحيان تجدها جملا وصفحات طويلة لو قام كل متابع بتفحصها لأخذت منه الوقت الكثير. وبعضها لا يستند إلى تأكيد علمي ويطلب منك صاحبها ضرورة نشرها. ونحن الآن وفي ظل هذه الطفرة في الاتصالات بدا واضحا أنها بدلا من تقريب وجهات النظر، فقد قامت بزيادة التنافر لأننا بدأنا ننظر إلى ما نحن مختلفون فيه بدلا من أن ننظر إلى ما نحن متفقون عليه. ففي الماضي قلنا.. الصيف ضيعت اللبن والآن نقول (واتس أب) ضيع العيش والملح.

مشاركة :