اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري خلال رعايته أمس، مؤتمر «حماية الإبداع الإعلامي من القرصنة» الذي نظمته وزارة الإعلام بالتعاون مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ومجموعة من المؤسسات الإعلامية في السراي الكبيرة، «أن القرصنة لا تنطبق على الإبداع الفكري والفني والإعلامي فقط، بل السياسة تتعرض أيضاً للقرصنة». وقال: «الإنجاز الرئيسي الذي حققناه في لبنان والمتمثل بالأمن والاستقرار والأمان لكل اللبنانيين يتعرض لمحاولة قرصنة. وعندما تنظرون إلى الخريطة وترون كل ما يحصل من حولنا، ثم تنظرون إلى الاستقرار والأمن والأمان في بلدنا الصغير لبنان، ويأتي من يقول لكم أن هذا ليس إنجازاً، تكون هذه محاولة قرصنة». وأضاف قائلاً: «عندما ترون كمية الإنجازات التي قامت بها هذه الحكومة في أقل من 10 أشهر، من قانون انتخاب، إلى سلسلة الرتب والرواتب، إلى التعيينات في الإدارة والأسلاك الديبلوماسية والقضائية، إلى المجلس الاقتصادي الاجتماعي، إلى إقرار أول موازنة للدولة منذ 12 سنة، إلى تجييش الدعم لمؤتمر دولي في باريس للاستثمار بلبنان ومؤتمر دولي ثان في روما لدعم الجيش والقوى الأمنية، إلى خطة مواجهة تداعيات النزوح السوري، وإلى عشرات القوانين التي كانت نائمة بالأدراج، ومنها قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص، إلى وضع النفط والغاز على السكة، إلى الانضمام لاتفاقية الشفافية الدولية بالقطاع، إلى خطة الكهرباء، وخفض تعرفة الإنترنت وتسريعه وغيرها وغيرها، ويأتي من يقول لكم أن هذه الحكومة لم تقم بشيء: هذه محاولة قرصنة». وتابع الحريري قائلاً: «عندما نكون ناجحين في ربط النزاع مع التمسك بثوابتنا، بالسيادة، الاستقلال، الحرية، بناء الدولة، تفعيل المؤسسات، تدعيم الجيش والقوى الأمنية، المحكمة الدولية، والقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1701، ويأتي من يقول لكم أننا نتخلى عن ثوابتنا: هذه أيضاً محاولة قرصنة». وقال: «عندما يكون كل ما نقوم به هو استكمال لمسيرة رفيق الحريري بالنهوض الاقتصادي، بالبناء، بالتنمية، وإيجاد فرص العمل، والتسويات، نعم التسويات لحماية بلدنا، لحماية استقرار أهلنا وأمنهم وأمانهم، ويأتي من يزايد علينا بمدرسة رفيق الحريري: هذه أيضاً محاولة قرصنة. وعندما تصدر أصوات هدفها ضرب علاقات لبنان بإخوانه العرب، وهدفها تزوير نوايا اللبنانيين تجاههم وتزوير نوايا إخواننا العرب تجاهنا وتزوير هوية لبنان العربية وتزوير انتمائنا للعروبة ووقوفنا الدائم مع الإجماع العربي والمصلحة العربية: هذه أيضاً محاولة قرصنة». وأكد ثقته «بكل لبناني ولبنانية، وأنكم أقوى بكثير من محاولات التزوير، وأذكى بكثير من أن تنطلي عليكم محاولات القرصنة». وإذ اعتبر الحريري أن «قرصنة الإبداع الفني والفكري والإعلامي والسينمائي والتلفزيوني مشكلة عالمية»، قال: «لكنه ليس مقبولاً أن تكون بعض التقديرات في بلدنا أن أكثر من 50 في المئة من الأعمال التي تباع بالسوق من أغان ومسلسلات وأفلام سينمائية هي أعمال منسوخة بطريقة غير شرعية من دون أي احترام لحقوق الملكية الفكرية والفنية والأدبية والإعلامية». وإذ أشار إلى «التعاون الدولي القائم في هذا المجال»، لفت إلى أن «الدولة اللبنانية معنية بأن تقوم بدورها للحد من التعديات والتجاوزات الخطيرة التي تسبب خسائر ضخمة للدول والشركات». وأكد أن «التعاون بين الأجهزة المعنية قائم، ولكن هناك ضرورة لزيادته والتشدد بتطبيق القوانين من قبل الأجهزة الأمنية ووزارات الإعلام والعدل والاقتصاد والاتصالات، والأهم سد الفراغات القانونية والتشريعية. يعني أن هناك ضرورة لاستكمال الإطار القانوني لحماية الإبداع، خصوصاً في ظل العولمة وتطور تقنيات المعلوماتية والاتصالات ولحماية الدولة من الخسائر المالية الضخمة». وأوضح الحريري أن «قانون حماية الملكية الأدبية والفنية الذي أقر عام 1999 بحاجة لتعديلات تتماشى مع عالم اليوم، وتتناغم مع الاتفاقات الدولية مثل اتفاقية منظمة التجارة العالمية. وباتت الحاجة ملحة لقانون خاص بالجرائم الإلكترونية، بما أن تداول الإبداع الشرعي والمقرصن، صار يتم أكثر وأكثر عبر الإنترنت والاتصالات الحديثة». وأكد «استعداد الحكومة لأي خطوة تزيد القدرة على تطبيق القوانين وتسرع ورشة تحديث القوانين لمواجهة القرصنة لأن رأسمال بلدنا إبداع اللبنانيين وقدرتهم على الغزارة والنوعية بالإنتاج والأفكار، خصوصاً في مجال اقتصاد المعرفة». واستعاد الحريري بصورة غير مباشرة ذكرى أبيه رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مذكّراً بأن لبنان سنّ في العام 1999 قانوناً كان طليعيّاً على المستوى العربي، عن حماية الملكيّة الفكريّة التي تمثّل ركناً أساسيّاً في مكافحة ظاهرة القرصنة. ولفت إلى الحاجة إلى تجديد ذلك القانون الذي جاء آنذاك في سياق تفاعل لبنان مع ظهور «منظمة التجارة العالميّة»، مشدّداً على «ضرورة تحديث البنية التشريعية كي تتوافق مع معطيات العولمة والتطوّر المتسارع في المعلوماتية والاتصالات». وأبرز وزير الإعلام ملحم رياشي واقعة تتمثّل في «حلول لبنان ثانياً في قائمة عن ظاهرة القرصنة بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وبيّن «أن مكافحة ظاهرة القرصنة باتت ضمن الأساسيّات في العلاقات الدولية»، داعياً «إلى حماية الإبداع اللبناني عبر التشدّد في تنفيذ قوانين حماية الملكية الفكرية». ودعا إلى «إنشاء نيابة عامة مخصصة بالملكية الفكرية». ولفت المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان إلى «أنّ الجريمة باتت تشمل ما يحدث في العوالم الافتراضية للإنترنت وعبر شبكات الاتصالات»، مشيراً إلى «تمرّس الإرهاب الدولي بأدواته التقنيّة». وأوضح «أنّ الأمن اللبناني بات متمرساً أيضاً في مكافحة القرصنة والإرهاب الإلكتروني»، واعداً بـ «إحراز مزيد من التقدّم بهدف حماية أمن الوطن والمواطن». وتضمّن المؤتمر جلسات حوار شارك فيها عدد من مديري وسائط الإعلام العام في لبنان، خصوصاً المرئي- المسموع. وساد شبه إجماع بينهم على الدور الضروري لصنّاع السياسة ومشرّعي القوانين في مكافحة القرصنة بأنواعها كلها.
مشاركة :