أخطار تجاهل صغار المساهمين حضور الجمعيات العمومية للشركات

  • 11/4/2017
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

الجمعيات العمومية السنوية للشركات المساهمة العامة مناسبة مهمة جداً، تفرض عقدها قوانين الشركات والهيئات الرقابية. وتكمن أهمية الجمعيات العمومية في أنها أعلى سلطة في الهيكل التنظيمي للشركات المساهمة العامة، وبالتالي مصدر قوة صلاحياتها. ويفترض أن تجمع هذه المناسبة مساهمي الشركات وأعضاء مجالس الإدارة، والمديرين التنفيذيين، والمستشار القانوني، والمدقق الخارجي، وممثلي الجهات الرقابية. وخلال هذا الاجتماع، يتم الردّ على استفسارات المساهمين التي يتمّ توجيهها الى الإدارة التنفيذية ومجالس الإدارة، إذ يتم الإفصاح عن معلومات مهمة غير متوافرة في التقارير المالية والإدارية التي يتمّ توزيعها على المساهمين، وفي مقدمها توقعات أداء الشركات خلال العام الحالي والأعوام المقبلة ومشاريع الشركة التي هي قيد التنفيذ والمشاريع المستقبلية. ويفترض أن تساهم هذه المعلومات في إعادة احتساب السعر العادل لأسهم الشركات، وبالتالي يعاد ترتيب الكثير من المحافظ الاستثمارية خلال فترة انعقاد هذه الجمعيات. ومن خلال حضوري لعدد مهم من الجمعيات العمومية للشركات المساهمة، فإنني قد لاحظت أن كبار المساهمين يركزون على مؤشرات ربحية وأداء الشركات ومؤشرات نموها وتدفقاتها النقدية وغيرها من البيانات والمؤشرات المهمة. بينما في المقابل، يركز المضاربون على نسبة التوزيعات سواء النقدية أو الأسهم المجانية فقط، باعتبار أن استثمارهم في أسهم الشركات قصير الأجل. كما لاحظتُ استمرار عزوف نسبة مهمة من مساهمي الشركات عن حضور هذه الاجتماعات، بحيث لا يتجاوز عدد المساهمين الحاضرين في بعض الجمعيات العمومية عدد أصابع اليدين، ولا يتجاوز أحياناً عدد أعضاء مجلس الإدارة. وبالتالي نلاحظ أن غالبية المقاعد الشاغرة مشغولة من الصحافيين وكبار الموظفين، ما يعطي الفرصة لإدارة الشركات أو مجالس الإدارة لتمرير اقتراحاتها وقراراتها المهمة من دون مناقشة. يعتبر غياب نسبة مهمة من صغار المساهمين عن حضور هذه الاجتماعات من دون مبررات منطقية، تفريطاً بحقوقهم التي ضمنها القانون. وبالتالي فإن اشتراط القانون حضور ما لا يقل عن مالكي ٥٠ في المئة من أسهم الشركة، أو رأس المال لالتئام هذا الاجتماع أو ما يطلق عليه النصاب القانوني، نابع من أهمية القرارات التي تتخذ في هذا الاجتماع. بينما يشترط القانون حضور ما لا يقل عن مالكي ٧٠ في المئة من أسهم الشركات للحصول على النصاب القانوني للجمعيات غير العادية، نظراً الى أهمية القرارات التي يتمّ اتخاذها، ومنها على سبيل المثل زيادة رأس المال أو خفضه وتعديل الأنظمة الأساسية للشركات. لافت أن صغار المساهمين والذين لا يملكون قوة تصويت مؤثرة، يشكون من سيطرة كبارهم على قرارات الجمعيات العمومية، ويعتبرون أن هذه السيطرة من أسباب عزوف نسبة مهمة منهم عن الحضور. وبعض دول المنطقة وفي طليعتها السعودية، لجأ الى التصويت الالكتروني، وهو استخدام الوسائل الالكترونية للتصويت عبر الانترنت من كل مناطق المملكة وحتى من خارجها، ما دام المقترع هو أحد مالكي الأسهم في الشركة أياً كان موقعه. وللتصويت الالكتروني فوائد، أهمها إشراك أكبر عدد من المساهمين خصوصاً صغار المساهمين في عملية اتخاذ القرار، وإضفاء مزيد من الشفافية والوضوح على قرارات الشركة، إضافة الى تعزيز دور المساهمين في رسم سياسات الشركات وقراراتها، والتغلب على مشاكل عدم اكتمال النصاب القانوني والاضطرار الى إلغاء عقد الجمعية العمومية بسبب عدم اكتماله. وبذلك نعتبر أن التصويت الالكتروني هو إحدى الأدوات والآليات الفاعلة في تطوير سوق المال. وتكون الأقلية في الأسواق المتقدمة عادةً مؤلفة من المصارف أو صناديق استثمار أو مؤسسات مالية، تتمتع بخبرات مالية وقانونية عالية، بحيث تكون قادرة على مراقبة أداء الشركات والحصول على حقوقها، بعكس الأقلية في أسواق المنطقة ومعظمها أفراد ينقصهم الوعي المالي والقانوني، وبالتالي صعوبة الدفاع عن حقوقهم. وهذه الأقلية لا تتوافر لها الخبرة المالية التي تساهم في الحكم على كفاءة مجالس الإدارة أو الإدارة التنفيذية. يذكر أن معظم قوانين الشركات التجارية في المنطقة حدد الحقوق القانونية، بمعاقبة مجالس إدارة الشركات المساهمة العامة الضعيفة الأداء، أو التي تصرّف أمور الشركة بطريقة تضرّ بمصالح المساهمين. ومن هذه الحقوق عزل بعض أعضاء مجلس الإدارة أو جميعهم، والاعتراض على مكافآتهم السنوية أو حجبها، وكذلك حسم الغرامات التي وقعت على الشركة بسبب مخالفات المجلس خلال السنة المالية، وعدم إبراء ذمة المجالس المالية والاعتراض على إعادة انتخابهم. ومن المهم أن يشعر أعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة بأن هنالك جمعيات عمومية قوية قادرة على أن تحاسبهم أو تستبدلهم بآخرين، حتى يشاركوا بفاعلية بإدارة الشركة ولا يتغيبوا عن اجتماعات المجلس. ومنحت القوانين مساهمي الشركة رفع دعوى المسؤولية ضد مجلس الإدارة، بسبب الأخطاء التي ينشأ عنها أضرار بمجموع المساهمين. ونص بعض القوانين على أنه إذا ارتأى مساهم واحد أو أكثر يملكون على الأقل 5 في المئة من أسهم الشركة، أن تصريف شؤون الشركة تم بطريقة ضارة بمصالح مساهميها أو بعضهم، فإن له الحق بتقديم طلب الى هيئة الأوراق المالية مدعوماً بالمستندات الثبوتية، لإصدار ما تراه من قرارات في هذا الشأن. وعلى رغم أن لا عقوبات على المساهم الذي يتجاهل حضور اجتماع الجمعية العمومي، فإنه في المقابل يتخلى عن حقه في المشاركة باتخاذ القرارات التي تتخذها الجمعية العمومية أو الاعتراض على القرارات التي قد تكون ضد مصلحته.   مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»

مشاركة :