مراقبون: هناك مؤشرات كثيرة على انطلاق مرحلة جديدة من الصراع الإيراني الأميركي على عراق ما بعد داعش. العرب [نُشر في 2017/11/04، العدد: 10802، ص(6)]المهندس على قائمة الشخصيات الإرهابية الأميركية بغداد – بعد اللقاء التاريخي الذي جمع رئيس الوزراء حيدر العبادي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وبحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، ظهرت ملامح صراع أميركي – إيراني جديد في العراق. كان وقود هذا الصراع تصريح تيلرسون خلال مؤتمر صحافي بعد الاجتماع بأن “هناك ميليشيات إيرانية في العراق ويجب عليها العودة إلى بلادها، لا سيما وأن الحرب على تنظيم داعش تقترب من نهايتها”، فرد قادة هذه الفصائل، الموالين لإيران، بتهديد القوات الأميركية. ويرصد مصطفى حبيب، الصحافي في موقع نقاش المعني بمتابعة التطورات الميدانية في الداخل العراقي، مؤشرات كثيرة على انطلاق مرحلة جديدة من الصراع الإيراني الأميركي على عراق ما بعد داعش. وستكون قوات الحشد الشعبي، وتحديدا ميليشياتها التابعة لإيران، عنصرا رئيسيا في هذه الحرب، حيث ستكون طهران خلالها بأمسّ الحاجة إلى “حرّاس” ثقات يحمون نفوذها في العراق، وأيضا سوريا. جاءت تصريحات تيلرسون متزامنة مع تصنيف الخارجية الأميركية نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبا مهدي المهندس إرهابيا. واستنكرت الفصائل الشيعية تصنيف الإدارة الأميركية لأبي مهدي المهندس إرهابيا، خاصة وأنه القيادي الميداني لميليشيا الحشد الشعبي. يأتي هذا التصعيد، مع اقتراب الحرب على تنظيم داعش في البلاد من نهايتها إذ شنت قوات الجيش العراقي هجوما على آخر معاقل المتطرفين عند بلدة القائم أقصى غرب الأنبار، بالتزامن مع معركة مماثلة ضد معاقل التنظيم في سوريا. لكن نهاية داعش في العراق لا تعني نهاية الصراع، بل سيتحول إلى مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. وفي الوقت الذي كانت فيه وزارة الخارجية الأميركية تعلن عن تصنيف المهندس على قائمة التنظيمات والشخصيات الإرهابية كان نائب رئيس الحشد الشعبي يجوب صحراء الأنبار بالقرب من قاعدة عين الأسد، أكبر قواعد الجيش الأميركي في العراق وتضم المئات من المستشارين وجنود المارينز. وفي ظل هذه التطورات، يطرح سؤال رئيسي حول الدور الذي سيلعبه رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، الذي سيجد نفسه خلال الأشهر القليلة المقبلة أمام إشكالية وهي حشره بين واشنطن، التي دعمته، وبين الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، التي يدين لها بالولاء والحاكم الفعلي في حزب الدعوة، والتي تلوح له بورقة نوري المالكي وإعادة تصعيده. ويخشى العراقيون من تكرار سيناريو الصراع الأميركي – الإيراني عندما أعلنت فصائل شيعية مدعومة من إيران القتال ضد القوات الأميركية قبل انسحابها من البلاد في العام 2011، وعلى الرغم من أن عدد القوات الأميركية المتواجدة في البلاد لا يتجاوز خمسة آلاف ويقوم أكثرهم بمهام استشارية، إلا أن المحافظات السنية تفضل بقاءها للحماية وتدريب مقاتليها المحليين. ونقل موقع “نقاش” عن النائب عباس البياتي، القريب من رئيس الوزراء العراقي، قوله “لن نقبل أن يكون العراق ساحة صراع أميركية إيرانية مجددا ولن نكون جزءا منه، أمامنا تحديات كبيرة بعد القضاء على داعش ونحتاج إلى إعادة الإعمار”. ولا تريد الحكومة العراقية التخلي عن التحالف مع الولايات المتحدة وهناك حاجة إلى تدريب القوات العراقية ومنع ظهور تنظيمات إرهابية في البلاد في المستقبل. وتقوم قوات أميركية في قاعدة عين الأسد منذ أشهر بتدريب تشكيلات مسلحة عشائرية بينها قوات الصاعقة وكتائب الحمزة، كما قامت بتوسيع القاعدة وتأهيلها لتكون أكبر قواعد الجيش الأميركي في العراق بسبب موقعها الاستراتيجي الواقع في محافظة الأنبار السنية البعيدة عن المحافظات الشيعية، وقربها من الحدود مع سوريا. وصرح رشيد المحلاوي، أحد مقاتلي قوات الصاعقة التي شكلتها القوات الأميركية لمجابهة تنظيم القاعدة عام 2007، “بصراحة الحكومة الاتحادية تخلت عنا، كنت أعمل مع قوات الحشد العشائري ووعدتنا الحكومة بتسليحنا ومنحنا رواتب كما هو الحال مع مقاتلي الحشد الشعبي من الفصائل الشيعية، ولكن هذا لم يحصل، فالفصائل الشيعية تمتلك تسليحا جيدا ورواتب مستمرة”. وأضاف المحلاوي أن “القوات الأميركية تقوم بتدريبنا بشكل جيد على الرغم من أعدادنا القليلة، وشاركنا في معارك حديثة وقبل أيام في المعركة الدائرة في بلدة القائم، وكانت مساهمتنا جيدة في المعركة بسبب التسليح الجيد، ونفضل بقاء القوات الأميركية في الأنبار بعد القضاء على داعش”. في المقابل، أصبحت قوات الحشد الشعبي عنصرا أساسيا في المنظومة الأمنية ومن الصعب تفكيكها بعدما ساهمت في محاربة داعش ولا يقبل قادتها تسريح مقاتليهم بسهولة. وتعتبر الفصائل الشيعية القريبة من إيران والتي تسيطر على إدارة الحشد الشعبي القوات الأميركية محتلة للبلاد ولا تستبعد إعلان القتال ضدها بعد القضاء على تنظيم داعش، وفقا لعباس الحسيني، أحد مقاتلي فصيل كتائب سيد الشهداء التي تدين بالولاء الديني لإيران، ولها مقاتلون في سوريا. تجد الحكومة العراقية نفسها أمام تحد كبير في التعامل مع الفصائل المسلحة الموالية لإيران، خصوصا وأن هذه الفصائل تحرج الحكومة أمام المجتمع الدولي لا سيما الولايات المتحدة، كما أن على الحكومة إقناع جناح سياسي شيعي واسع بالقبول ببقاء القوات الأميركية.
مشاركة :