كلما سمعت مصطلح "الإسلاميين" تذكرت على الفور كتاب "مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، للإمام أبي الحسن الأشعري، وهو كتاب يعرض لكل مقالة عقائدية للمسلمين وغيرهم من النصارى واليهود وحتى من يشبه الوثنيين مثل من يرون ربهم يقاس بالأشبار، ماداموا يعيشون في دولة إسلامية هي يومئذ الإمبراطورية العباسية، بما فيها من تنوع ديني وعرقي، فكأنه ينسبهم لدولة المسلمين لا للإسلام ذاته، ومن يقرأ هذا الكتاب يعلم ما أقول يقينا. فالمنتسب إلى الإسلام مسلم لا إسلامي، فليس في كتاب الله نسبة إلى الإسلام إلا مسلم ومسلمون فالله عز وجل يقول: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ)، فنحن المسلمون منذ عهد أبينا إبراهيم عليه السلام وسنبقى كذلك حتى نلقى الله. وأما مصطلح إسلاميين فقد ظهر حديثاً حينما تكاثرت الجماعات التي تنسب نفسها إلى الإسلام، ومن ارتضى هذا مسمى له، فهو يرى غيره لا ينتسب إلى ما نسب نفسه إليه، حيث إن هذه الجماعات ذات المناهج المختلفة لا تعترف بما عليه السواد الأعظم من المسلمين، وتميز نفسها عنهم، بل وفي كثير من الأحيان تعزل نفسها عنهم، وتراهم قد ارتدوا عن الإسلام وحينئذٍ كان ظهور هذا المصطلح شؤما على الإسلام وأهله. ومن يرتضي الأدنى دون الأعلى فيستنكر أن يكون مسلماً ويرتضي أن يكون إسلامياً، فهو يبعد نفسه عن المصطلح القرآني الأولى، وواقع الحياة يدل على ما أقول، فاليوم جماعات ترى نفسها أنها التيار الإسلامي الأولى بالرعاية، بل وترى باقي المسلمين أعداء لها فهم ليسوا إسلاميين، ولا ينتمون لتيارهم، ونسمع النغمة الجديدة اليوم أن كل الدول الإسلامية التي لا يحكمها إسلاميون بهذا المعنى يزعمون أنها تحارب الإسلاميين ونبحث عن الحقيقة فنجد أن كل الدول الإسلامية بها من هذا الصنف من المسلمين أعداد لا بأس بها تعيش فيها بأمان وليس كما زعموا أنها تعاديهم. ويضم لهذا التيار تيار آخر يسميه الإسلاميون الجهاديين، وهم جماعات انتهجت العنف في مواجهة مجتمعاتهم، بزعم أن هذه المجتمعات قد ارتدت عن الإسلام وهم وحدهم الذين يعرفونه ويأتمرون بأمره وينتهون عما نهى عليه، وتعددت هذه الجماعات وتنوعت وإن كان المصدر الذي انبعثت عنه واحداً، والرأي والسلوك واحداً، تتعدد المسميات ولكنها صدرت عن منبع واحد، أولها الخوارج في عصر الصحابة رضوان الله عليهم، وحتى من سموا داعش اليوم. وللأسف أن من سموا أنفسهم إسلاميين إلا ما ندر يعتبرون هؤلاء جهاديين، فينسبونهم إلى الفريضة الأسمى في الإسلام ألا وهي الجهاد، والجهاد هو وصف لا يقتصر على فعل القتال لعدو الإسلام والمسلمين فقط، بل منه ما سماه سيدي رسول الله وهو يعود من إحدى غزواته أنهم يعودون للجهاد الأكبر جهاد النفس، ولعل أنواع الجهاد تتعدد من جهاد بالعلم إلى جهاد بالجهد الجسدي إلى جهاد بالنفس والكل مأجور عليه وفيه الخير. أما الجهاد بمعنى القتال في ساحات المعارك دفاعاً عن الدين والوطن فهذه الجماعات التي تعددت، والتي عانت منها سائر بلاد المسلمين في هذا الزمان لا تعرفه ولا تعرف شروطه، والذي منه يأتي ومنه يترك، أعضاؤها العاملون وأمراؤها المُبَايَعُون لا علم لهم بالإسلام حتى يكون لهم علم بما هو فوقه من تفاصيل الأحكام وعلينا أن نقف صفاً واحداً في مواجهة كل شر، ونحمي أوطاننا منه ما استطعنا، وأن نواجه فكر هذه الجماعات بفكر وسطي معتدل يقضي عليه، ويعيد إلينا كل أوطاننا الإسلامية ليعمل أهلها في نهضة بلدانهم بعيداً عن كل جدل عقيم وسلوك رديء، فإذا تم لنا هذا أعدنا الحيوية حتى لفكرنا الإسلامي بعد أن ركد، وأصبح ركوده إحدى مشكلاتنا الكبرى، فهل نعي هذا؟ هو ما أرجوه، والله ولي التوفيق. alshareef_a2005@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (15) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :