في تحرك رائع وناجع، ثمة عزم في السعودية لإنشاء «مرصد» شامل لمكافحة المخدرات داخل البلاد. حسب التفاصيل التي نشرتها جريدة «الرياض»، فإن وزير الداخلية السعودي، الأمير محمد بن نايف، وجّه بإنشاء المرصد السعودي لمكافحة المخدرات. وكذلك إنشاء مشروع شبكة إلكترونية مع الجهات المعنية والشريكة في مواجهة ظاهرة المخدرات مثل: مصلحة الجمارك. الأمن العام، المديرية العامة لمكافحة المخدرات، المديرية العامة لحرس الحدود. مستشفيات الأمل التي تتولى علاج مدمني المخدرات وتأهيلهم. أعلن ذلك أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية عبد الإله الشريف، موضحا أن المرصد السعودي لمكافحة المخدرات سيكون قاعدة معلوماتية تختص برصد مجالات مكافحة المخدرات، كما سيتضمن التقارير الصادرة عن الهيئات الدولية ذات الصلة. أهمية هذه الخطوة في تكثيف جهود الجهات المختلفة التي تصب في نفس الهدف، حتى لا تتضارب الجهود، وتذهب سدى، وحتى تتوفر قاعدة بيانات ومعلومات تمكّن الجهات المتعددة، وصانع السياسات العليا، من التحرك على هدى وبصيرة. ماذا لو نقلنا هذه التجربة إلى مجال آخر، ليس بعيدا عن المخدرات العضوية التي تفتك بالجسد والأعصاب، والمال والأسرة، ماذا لو نقلنا هذه التجربة إلى مكافحة المخدرات الفكرية والعقلية؟ ماذا لو جرى إنشاء «مرصد» وطني لمكافحة الإرهاب؟ الإرهاب الديني كما نعلم آفة تفتك بالمجتمعات والأسر والدول، وتنثر الفوضى، وتشيع الإجرام، وتكفر بالقانون والنظام، و«تستبيح» الدماء والأموال والأعراض، بحجة نصرة الدين. خطاب جماعات مثل «داعش» و«النصرة» و«القاعدة»، وقبلها جماعة قطب والظواهري والمقدسي، وغيرهم، يحرك الداء الخفي لدى شباب المسلمين، وما زالت المكافحة مقصورة على الشق الأمني. واقعنا يقول إننا لا نكافح الإرهاب، بضراوة، إلا حين يحمل السلاح، ويحشد الأنصار، ويعلن شبابه تكفير الدولة عيانا بيانا. قبل ذلك لا ضراوة ولا نجاعة. وعظ بلا حصيلة، عن خطر التزمت والفئة الضالة أو الخوارج، كما يفضل خطاب الوقاية. ولا شفاء من الداء. لكن ليست هذه قضية أجهزة الأمن، بل «الأمة» كلها بعقلها ووجدانها. دعونا في فكرة المرصد هذه. السعودية على مستوى الجهد الدولي، في مقدمة دول العالم التي تكافح الإرهاب بصدق، دون أجندة سياسية خفية، ويكفي جهدها في إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، وهو الذي كرر خادم الحرمين دعوة المجتمع الدولي للمسارعة في دعمه. يكفي إسهامات الأمن السعودي، المعلن منها والخفي، في حماية العالم والمجتمع السعودي، من شرور الإرهاب. كل هذا معلوم. يبقى تكثيف الجهد الداخلي، عبر تنشيط جهات مثل: وزارة الشؤون الإسلامية، المسؤولة عن خطاب الإرشاد الديني، وزارة التربية والتعليم، الجهات الدينية في القطاعات العسكرية والمدنية، الجامعات، وغير ذلك من الجهات. يجب أن يعمل الجميع وفق رؤية واحدة، وهي رؤية رسمها بالفعل قائد السفينة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. مرصد كهذا، لو أقيم بصورته الصحيحة، سيكون خير دفاع مبكر يحمي أجهزة الدولة والمجتمع من «إيبولا» الإرهاب الأصولي، قبل أن يتسلل لخلايا الجسد. m.althaidy@asharqalawsat.com
مشاركة :