من الجيد أن يكون للشعب اليهودي اليوم دولته المستقلة، لكن ليس من العدل منع الفلسطينيين حتى اليوم من إقامة دولتهم، فوعد بلفور كان في الحقيقة من جزاءين، كما يرى راينر هرمان من صحيفة فرانكفورتر الغماينين تسايتونغ. على هذا النحو مضت قبل 100 عام سياسة العالم: فبجرة قلم اقتسمت بريطانيا وفرنسا فيما بينهما بلاد الشام، وبرسالة وضع وزير الخارجية البريطاني أرثور بلفور حجر الأساس للتأسيس اللاحق لدولة إسرائيل، وقدمت القوى الاستعمارية بمليء فمها الكثير من الوعود للعرب. لكن كل هذه الوعود كانت فارغة على غرار ما حصل مع الوعد البريطاني للعرب بتأسيس دولة عربية مقابل تقديم دعمهم في الحرب العالمية الأولى، وعوض ذلك استحوذ البريطانيون لأنفسهم على الأرض. فرسالة أرثور بلفور لليونيل والتر روتشيلد في الثاني من نوفمبر 1917 تتألف من جملة واحدة مكونة من 67 كلمة ووعدين. في المقام الأول وعدت الحكومة البريطانية الشعب اليهودي بحصوله على وطن في فلسطين. وهذا كان وعدا سياسيا. وكانت فسلطين في ذلك العهد في حضن الإمبراطورية العثمانية. شعب قدم لشعب ثاني أرض شعب ثالث، كتب لاحقا المؤلف أرثور كوستلر. راينر هرمان، من صحيفة فرانكفورتر الغماينين تسايتونخ. والوعد المقدم للحركة الصهيونية وجد مرجعية له في اتفاقية الانتداب التي منح بها المجتمع الدولي بعد الحرب جزءا من بلاد الشام لبريطانيا لتصبح بذلك جزءا من القانون الدولي. واليهود الذين هربوا من الاضطهاد في أوروبا والمحرقة اليهودية وجدوا ملجأ لهم في فلسطين حيث قامت دولة إسرائيل في 1948. والجزء الثاني من الرسالة ظل بدون تنفيذ، حيث التزمت الحكومة البريطانية بموجبه "بأن لا يحصل شيء يؤثر على الحقوق المدنية والدينية للمجموعات غير اليهودية في فلسطين". يا له من استخفاف! فالعرب كانوا يشكلون حينها أكثر من 90 في المائة من مجموع سكان فلسطين، وصاروا فقط "مجموعات غير يهودية". وكيف تم التأثير على حقوقهم! فالاستيلاء اليهودي ـ الصهيوني على الأرض هجَر ويهجر السكان العرب، وهذا التهجير يستمر بلا تغيير ـ من خلال بناء مستوطنات والاستحواذ على الأرض التي تخضع حسب القانون الدولي ـ لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية. من الجيد أن يكون للشعب اليهود الذي عانى طويلا من الاضطهاد اليوم دولة مستقلة. لكنه ليس من العدل منع الفلسطينيين حتى اليوم من إقامة دولة مستقلة. والحل القائم على أساس "الدولتين الجارتين" كان سيفي بالوعد الوارد في رسالة لورد بلفور. راينر هرمان
مشاركة :