شيفرة دافنشي! - مقالات

  • 11/5/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

ليس من عادتي قراءة الروايات القصصية لاعتقادي بأن وقتي أثمن من أن أضيّعه على قصص خيالية! ولكن لا أدري لماذا شدتني قراءة رواية «شيفرة دافنشي» للكاتب الأميركي دان براون والتي ألّفها العام 2003. الرواية هي عبارة عن قصة بوليسية مشوقة تدور أحداثها في متحف اللوفر الشهير في فرنسا حيث تقع جريمة قتل تقف وراءها منظمة سرية باسم «أخوية صهيون» والتي تضم كبار مشاهير العلماء الغربيين أمثال إسحق نيوتن وليوناردو دافنشي! ثم تبين بأن تلك الجريمة تخفي وراءها صراعاً كبيراً ما بين الفاتيكان وتلك المنظمة السرية التي من تعاليمها الدينية تأليه المرأة وإعطاؤها دوراً كبيراً في المجتمع! ولقد استطاع براون أن يشد إليه القراء من خلال سرده لأحداث القصة وتصويره لوجود شخصية مهمة أسماها «مريم المجدلية» والتي تزوجها المسيح عليه السلام وأنجب منها ذرية، وحاول المسيح تسليم قيادة النصارى لمريم المجدلية لكن لم يمكّنه الكاثوليك من ذلك! وأضاف براون أن دافنشي قد جسّد تلك العقيدة من خلال لوحاته الفنية، ومنها لوحة العشاء الأخير الشهيرة حيث صوّر للقارئ بأن اللوحة تضم صورة المجدلية من ضمن الاثني عشر حوارياً من أتباعه! بصراحة، لست مهتماً بقبول أو رفض ما ذكره براون في روايته، لكنني فوجئت بأن هذه الرواية قد لاقت من الرواج والتصديق من ملايين البشر في العالم، وقامت العديد من دور النشر بترويج تلك الرواية وترجمتها إلى العديد من اللغات، حتى بلغت مبيعاتها أكثر من 400 مليون نسخة، والأدهى من ذلك هو أنها قد ولدت قناعات لدى الكثيرين بصحة تلك المعلومات، لذلك فقد قام الكثير من الكنائس الكاثوليكية بالرد عليها وبيان كذب وادعاءات الكاتب! لم يكتف براون بترويج نظريته حول مريم المجدلية، لكنه حاول بيان كذب الأديان جميعها وبيان أن المسيح عليه السلام لم يكن إلهاً وأنه قد مات، كما أنه أبرز دور المنظمات السرية في المسيحية وتأثيرها، واستخدم الكثير من الرموز السرية في كتابه، ما يدل على سعة اطلاعه! وقد استدل براون بالوثائق التي تم اكتشافها في العام 1945 حول بعض الأناجيل الأصلية التي كانت مخفاة في البحر الميت والتي اصطلح على تسميتها (وثائق البحر الميت)! وفيها الكثير من الأدلة على بشرية المسيح عليه السلام! التذبذب بين الإلحاد والشرك! إذا كانت رواية لكاتب تحدث كل ذلك الارتباك في قناعات متبعي الديانة النصرانية، ألا يدلنا ذلك على عظمة الدين الإسلامي الذي لم يترك شاردة أو واردة في حياة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - إلا أوضحها للجميع، حتى علاقاته بزوجاته وخدمه وأصحابه! ولم يدع المجال لمن هب ودب للتقول على ذلك الدين من دون علم! إن مشكلة البشر اليوم ليست في جهلهم للحقائق الساطعة التي تتكشف أمامهم كل يوم، ولكنها في الإصرار على التنكر لتلك الحقائق والإصرار على ألوهية المسيح يقابلها فريق آخر قد أغلق عقله ورفض كل شيء وحاول نقل الناس من الوثنية التي ينادي بها دعاة الدين إلى الإلحاد والكفر والتنكر لجميع الحقائق الساطعة التي جاء بها الدين الإسلامي قبل أكثر من 14 قرناً ودلت عليها الأدلة والمنطق! يقول الله تعالى في وصف هؤلاء: «وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون، وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون».

مشاركة :