آلام المفاصل.. التشخيص الدقيق يحد من المضاعفات

  • 11/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: راندا جرجس تندرج تحت مسمى التهابات المفاصل، مجموعة من الأمراض التي تصيب الجهاز الحركي، ما ينتج عنه تلف سطحي في المفصل وأحياناً في العظم، وتصيب كل الفئات العمرية بدون استثناء، ويستهدف النساء بثلاث مرات أكثر من الرجال وخاصة اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و60، ويرافق هذه الآلام بعض الظواهر التي تتراوح شدتها، وخاصة عند الاستيقاظ مبكراً، حيث يكون هناك شعور ببعض الألم والتصلب في المفاصل والجسم كله، وأحياناً يصاحبها تورم في المفاصل المتضررة، ولذلك نسلط الضوء في هذا التحقيق على كيفية تشخيص التهابات المفاصل، والوسائل العلاجية للحد من آلامها.تقول الدكتورة غيتا حارفي، أخصائية أمراض الروماتيزم، إن مفهوم التهاب المفاصل أو الروماتيزم يُطلق على العديد من الأمراض التي تصيب بالأساس مفاصل الأطراف والعمود الفقري، ولا يمكن تحديد التهاب المفاصل في نوع واحد، ولكن يقدر عدد التهابات المفاصل التي يتعرض لها الأشخاص تقريباً بـ 200 نوع مختلفة الأسباب والعلامات تندرج جميعها تحت مسمى الروماتيزم، ومن أهم هذه الأنواع هي الإصابة بمرض التهاب المفاصل الرثّي، ويُصيب هذا الروماتيزم 1٪ من سكان العالم، وتبلغ نسبته في الإمارات ما بين 0.6٪ و0.8٪، وهي نسبة قريبة من النسب العالمية، وفى بعض الحالات يؤدي تطور هذا المرض إلى تشوهات وضرر بالمفاصل وفقدان وظائفها إذا لم يُشخص ويُعالج في الوقت المناسب. أنواع التهاب المفاصل وتفيد د. حارفي بأنه على الرغم من تعدد أنواع التهابات المفاصل، إلا أن هناك نوعين هما الأكثر شيوعاً بين الإصابات:* النوع الميكانيكي، وهو بالأساس مرض خشونة المفاصل، الشائع بنسبة كبيرة بين البشر، ويصيب قرابة 20٪ من الأشخاص، ويتميز بعدم وجود مؤشرات الالتهاب بالدم، كما انه يؤثر بالأساس على سماكة الغضروف التي تقل تدريجياً مع السن وزيادة الوزن.} أما النوع الثاني، فهو الذي يُطلق عليه «التهاب المفاصل» وذلك لوجود مؤشرات التهاب على مستوى المفاصل وكذلك بالدم، من أهم أشكال التهاب المفاصل من هذا النوع هو التهاب المفاصل الرثي. علامات التهاب المفاصل وتذكر د. حارفي أن من أهم الأعراض التي ترافق التهاب المفاصل هي الآلام التي تزيد حدّتها عند الراحة، وتقل نوعاً ما مع الحركة، وأيضاً الإحساس بالتيبّس وخصوصاً في الفترة الصباحية عند الاستيقاظ، ومن المؤشرات التي يجب الانتباه لها، إذا زادت مدة هذا التيبس عن نصف ساعة يومياً، وأيضاً عند حدوث «انتفاخ» في المفاصل، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالمفاصل الصغيرة والأطراف، ومن الأعراض المبكرة للمرض التعب والإعياء الشديدين، ولذلك يعتبر مرض التهاب المفاصل من الأمراض المزمنة التي يجب أن تعالج بالطريقة الصحيحة، حيث إن الإصابة بها تترك تأثيراً سلبياً على حياة المريض سواء على المستوى الشخصي، النفسي أو المهني، وأيضاً يقلل من القدرة على أداء المهمات اليومية، كما أن التهاب المفاصل يؤدي إلى الشعور الدائم بالآلام المزمنة والتشوهات التي تحدث من جراء الروماتيزم، إلى مرحلة العجز المتفاوت. المسببات وتشير د. حارفي إلى أن أهم الأسباب المتعلقة بالإصابة بالتهاب المفاصل (الرثي)، تكون ناتجة عن تراكم عوامل وراثية مع عوامل خارجية، تؤدي إلى خلل في جهاز المناعة ما يسبب التهاباً في أنسجة المفاصل، ولكن لا يمكن حصر جميع المسببات في نقاط محددة، حيث إن هناك مجموعة من العوامل، إذا اجتمعت، تجعل الشخص عُرضة أكثر للإصابة بهذا المرض، ومنها:* عوامل وراثية، فعلى الرغم من أن المرض لا يتنقّل بالضرورة من جيل لآخر، إلا أن وجود حالات روماتيزم في تاريخ العائلة، يجعل الشخص معرضاً أكثر للإصابة بهذا المرض.* عوامل هرمونية، حيث تلعب الهرمونات دوراً في معظم الإصابات بأنواع الروماتيزم، والتي تبدأ عادة في فترات عُمرية تحصل فيها تغيرات هرمونية عند النساء، أي ما بعد الولادة، قبل سن اليأس.* التدخين، وهناك علاقة مُثبتة علمياً بين التدخين والإصابة بالتهاب المفاصل الرثّي.* عوامل بيئية، وهي أكثر المسببات التي ربطتها الأبحاث والدراسات بالإصابة بالروماتيزم، وخاصة بوجود بعض أنواع البكتيريا والفيروسات، والتي يُصاب بها الأشخاص في الصغر وتُحدث تغيرات في جهاز المناعة. معلومات دقيقة وتوضح الدكتورة هميرة بادشاه، استشاري أمراض الروماتيزم، أن التهاب المفاصل غير المعالج يمكن أن يؤدي إلى تلف وتشوهات في المفصل، وفي هذه الحالة يمكن أن يحتاج المريض إلى جراحة لاستبدال المفصل، ومن المضاعفات الأخرى التي تصيب مرضى التهاب المفاصل، هي الإعاقة وقصر العمر إذا لم يتم العلاج، وتُعد الخطوة الأولى في التشخيص هي معرفة تاريخ المرض، وأيضاً معرفة الطبيب بالقصة المرضية التي يعاني منها المريض، من خلال إعطاء الطبيب معلومات كافية، ليستطيع التشخيص بدقة، وهي كالاتي:* عدد المفاصل التي تؤلمه، فإذا كان لدى المريض ألم في مفصل واحد فقط مثل الركبة، فمن المرجح أن يكون مصاباً بخشونة المفاصل، أما التهاب المفاصل الرثي وغيره من أنواع التهاب المفاصل عادة ما يؤثر على العديد من المفاصل.* مكان الألم، فإذا كان المريض يشتكي من ألم في الفخذ، وخاصة منطقة الأرداف فإن الألم يمكن أن يأتي من عصب مضغوط في الظهر. بينما إذا كان المريض يشتكي من آلام الكتف فهي غالباً ما تكون نتيجة التهاب الأوتار وليس التهاب المفاصل، أما إذا كان الألم يؤثر على المفاصل الصغيرة لليدين، فيمكن أن يكون المريض مصاباً بالتهاب المفاصل الرثي أو الروماتويدي.* تأثير الألم على جانبي الجسم، حيث إن التهاب المفاصل الرثّي غالباً ما يؤثر على الجسم بطريقة أكثر تناسقاً.* زمن الشعور بالألم وكيف بدأ، فإذا كان هناك ألم بالكاحل لمدة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين بعد حدوث التواء، فمن غير المرجح أن يكون ذلك بسبب التهاب المفاصل، وفي المقابل إذا استمر الألم لأكثر من 6 إلى 8 أسابيع فهو يكون على الأغلب التهاب المفاصل.* مراحل تطور الألم للأسوأ، فعادة ما تكون آلام التهاب المفاصل الرثي وغيره من التهابات المفاصل في الصباح، ويرجع ذلك إلى تراكم الالتهاب والسوائل في المفاصل طوال الليل، وفي خشونة المفاصل يكون الألم أسوأ خلال اليوم مع الاستخدام المتزايد للمفصل.* تيبس في المفاصل في الصباح ومدته، حيث إن تصلب المفاصل لأكثر من ساعة يمكن أن يشير إلى التهاب في المفاصل الرثي، أما التيبس الذي يحدث نتيجة خشونة المفاصل عادة ما يستمر لأقل من نصف ساعة، وإذا كان التيبس أقل من 5 دقائق فذلك أمر طبيعي.* وجود طفح جلدي أو صدفية، لأن التهاب المفاصل الصدفي هو شكل من أشكال التهاب المفاصل، ويكون مشابهاً جداً لالتهاب المفاصل الرثي، أما الطفح الجلدي على الوجه أو الحساسية الشديدة لأشعة الشمس فيمكن أن تشير إلى الإصابة بالذئبة الحمراء.* ترافق حُمى أو فقدان في الوزن، حيث يمكن حدوث ذلك مع الأشكال الشديدة من التهاب المفاصل، إلا أنها عادة ما تكون علامة على حدوث عدوى.* وبالإضافة إلى جميع المعلومات التي يجمعها المريض، يتم إجراء بعض اختبارات الدم، والأشعة السينية، والموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي. وسائل علاجية لالتهاب المفاصل وتذكر د. بادشاه أن علاج التهابات المفاصل مبني على النظام الغذائي وممارسة الرياضة، حيث يتم الاستعانة بهما بجانب وصف أدوية خاصة بجهاز المناعة، الذي يشتمل على أقراص أو حقن تسمى الأدوية البيولوجية، التي يتم حقنها تحت الجلد، وهناك الأقراص التي من شأنها السيطرة تماماً على المرض ومنع تلف المفاصل، أما بالنسبة للمرضى المصابين بخشونة المفاصل فتعطى حقن زيتية تسمى حمض الهيالورونيك، يتم حقنها مباشرة في المفاصل لتغليفها، أما المراحل المتأخرة فهي تستلزم الجراحة. نصائح وقائية وتوصي د. بادشاه ببعض الإرشادات العامة التي تساعد في الحد من الإصابة والوقاية من مرض التهاب المفاصل مثل:* الحفاظ على الوزن الصحي للجسم ومؤشر كتلة الجسم، حيث أظهرت الأبحاث أن كل كجم زيادة في وزن الجسم عن المعدل الطبيعي، يزيد من الضغط على الركبتين بوزن 5 كجم.* يجب تناول ما يكفي من الكالسيوم، حيث يحتاج الشخص البالغ نحو 1000 ملجرام من الكالسيوم يومياً، وتحتاج النساء بعد انقطاع الطمث إلى 1500 ملجرام من الكالسيوم يومياً، كما أن كوب 200 مل من الحليب يحتوي على حوالي 300 ملجرام من الكالسيوم.* الحصول على فيتامين (D) بشكل كاف، لأن الاحتياج اليومي للشخص هو 1000 وحدة دولية، وعادة ما يتم الحصول عليها عن طريق التعرض للشمس حوالي 15 دقيقة يومياً لذوي البشرة الفاتحة، أما البشرة المتصبغة، فتجد صعوبة في امتصاص هذا الفيتامين وربما تحتاج إلى مكمل غذائي أو الأطعمة المدعمة بفيتامين (D).* ممارسة الرياضة يومياً أو على الأقل من 3 إلى 4 مرات في الأسبوع، ومن المهم أيضاً دمج تمرينات الأيروبكس مع تمارين القوة.* الإقلاع عن التدخين، حيث أظهرت الأبحاث أن التدخين يمكن أن يزيد من خطر التهاب المفاصل الرثي بنسبة تصل إلى 20 ضعفا.* انتبه لجسمك، ولا تتجاهل الألم أو تورم أو تصلب المفصل، مع ضرورة مراجعة طبيب الروماتيزم على الفور إذا ظهرت لديك هذه الأعراض.* تناول الأسماك بشكل دوري، حيث إن زيوت الأوميجا في أنواع معينة من الأسماك والجوز تساعد على الوقاية من التهاب المفاصل.* راقب طعامك، فهناك خصائص مفيدة مضادة للالتهاب توجد في الزنجبيل والكركم والأفوكادو، ومن المهم الحد من تناول اللحوم الحمراء وتجنب شرب الكحوليات.* الاسترخاء، حيث إن الإجهاد يمكن أن يسبب مرض المناعة الذاتية وأشكالا معينة من التهاب المفاصل كالرثي أو الروماتويدي.* ممارسة تمارين تمديد العضلات، قبل ممارسة الرياضة بانتظام خلال اليوم، ليحد من تشنج العضلات ويساعد على تفادي الإصابات المصاحبة للتمارين. النقرس يستهدف الرجال يعد النقرس من أهم الأمراض المنتشرة، التي تصيب المفاصل، وهو يستهدف الرجال بنسبة كبيرة في المراحل العمرية، ويصيب النساء بعد سن الـ50، وتحدث الإصابة بهذا المرض عن تكوّن بلورات من حمض اليويريك في المفصل، وتأتي أعراضه على شكل آلام شديدة تصيب المريض في مفصل واحد بشكل مفاجئ، وفي الغالب تحدث نوبة حادة من التورم والاحمرار ويهاجم الألم قاعدة الأصبع الكبير بالقدم، وربما تتكرر هذه النوبات، إذا لم يلجأ المريض إلى الطبيب، ويجب معالجة الأمر بفاعلية بخطة علاجية وقائية، لتخفيف مستويات حمض اليويريك في الدم؛ ليعود المفصل إلى حالته الطبيعية.

مشاركة :