تراوح العلاقات الأردنية –الإيرانية بين الدبلوماسية الحذرة والقطيعة، هذه العلاقات لم تشهد تطوراً عبر مراحل العصر الحديث. إيران تسعى إلى خلخلة استقرار الاردن وبث الفوضى فيه وصولاً إلى حلمها التوسعي في المنطقة، حيث حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مراراً وتكراراً من وجود الميليشيات الموجّهة من الحرس الثوري الإيراني المتمركز على بعد 70 كم من الحدود الأردنية داخل الجنوب السوري. من الجهة الأخرى، تنظر إيران إلى الأردن كونه «منطقة وادي اليابس» التي من خلالها تسعى لتحقيق حلمها بأن تصبح مركز الإمبراطورية الموعودة بحسب مفاهيم «الثورة» الإيرانية، ومن هنا نجد محاولات إيران المتكررة في إيجاد موطئ قدم للقوة العسكرية لها على امتداد الجغرافيا الأردنية وإصرارها على اختراق الأمن الأردني. هذه العلاقات يمكن وصفها بالهشة وغير البناءة، على أساس أحداث كثيرة تم رصدها من قبل عدد من المراقبين، عملت على قطع حبل الوصل بين الطرفين وزادت من الرفض الأردني للسياسيات الإيرانية التي وصفها عاهل الأردن بأنها تداعم المنظمات الإرهابية وتؤجج الصراع الطائفي في المنطقة. وقائع الأردن شهد على أرضه العديد من المساعي الإيرانية التي تهدف إلى زعزعة الأمن وقلب الأحوال بما يضمن لها التمدد الطائفي، ومن هذه المساعي الوثيقة الإيرانية التي كشفها مركز المزماة للدراسات والبحوث في عام 2016 التي تظهر بكل وضوح شيطنة وخبث النظام الإيراني وحرسه الثوري في السعي للنيل من أمن واستقرار الأردن وإدخاله في الفوضى الخلاقة التي عمت العراق وسوريا. في 3 أبريل 2015 اعتقلت السلطات الأردنية النرويجي من أصل عراقي خالد كاظم الربيعي (49 عاماً) يعمل لصالح فيلق القدس الإيراني، وكان يخطط لتنفيذ عمليات إرهابية من شأنها زعزعة أمن واستقرار الأردن، وتم ضبط 45 كيلوغراماً من المتفجرات كانت مخبأة في منطقة ثغرة عصفور في محافظة جرش شمالي المملكة. يقول السفير الأردني في إيران سابقاً، د. بسام العموش لـ«البيان»، إن إيران لا مشكلة لديها في إسقاط جميع الأنظمة العربية في سبيل تحقيق مشاريعها التوسعية، مشيراً إلى أنه في عام 2001 تم القبض على ما يقارب عشرة عناصر ينتمون إلى حزب الله قادمين من سوريا ومحملين بالسلاح وقد اعتقلتهم السلطات الأردنية وما لبثت أن أطلقت سراحهم لاحقاً بعد وساطة مع العاهل الأردني. وكانت حجتهم في وقتها هو الدخول إلى فلسطين. يضيف العموش إن أحداثاً كثيرة تجسد تدخلات طهران تحت غطاء الدين، حيث تعمل على إنشاء خلايا في الأقطار، مشيراً إلى أن الدولة الأردنية واعية وتراقب عن كثب، مؤكداً أن إيران اليوم لم تعد تتحدث عن تصدير الثورة لكنها تمارس تصديرها من خلال إنشاء الخلايا في الأقطار المختلفة. ويرى العموش أن إيران لا ترغب في إظهار حسن النية تجاه الأردن ولا أي دولة عربية، لأنها ما زالت تعيش على أحلام الإمبراطورية الفارسية وتحاول أن ترجع عقارب الساعة إلى الوراء. استغلال الأزمات ويقول المختص في الشؤون الإيرانية د. نبيل العتوم لـ«البيان»: لو عدنا بالتاريخ لوجدنا أن إيران طوال فترة حكم الملك حسين ومن ثم حكم الملك عبدالله الثاني تتصدر المشهد في تصدير الإرهاب للأردن، وذلك لأسباب سياسية واستراتيجية. ويرى العتوم أن الأردن مارس المجاملة السياسية مع إيران إلا أنه بعد انفجار الأزمات في العراق وسوريا، وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع تنظيمات حرس ثوري إيراني على مقربة من حدوده، مؤكداً أن صانع القرار السياسي والعسكري الإيراني تطلع للقضاء على الأردن اقتصادياً واستنزاف طاقاته السياسية والعسكرية وضرب مقومات الأمن والاستقرار. ويؤكد العتوم أن هذه العوامل سوف تسهم في نهاية المطاف في تعقيد الظروف المعيشية للشعب الأردني، ما سيخلق أرضية خصبة لنمو التيارات المتطرفة وسيُسهل مهمة نمو الخلايا النائمة التي تطمح الجبهة الإيرانية لوجودها. ويضيف إيران مارست سياسة التدخل في شؤون الأردن الداخلية من خلال تجنيد خلايا نائمة لزعزعة استقراره وكان آخرها خلية ثغرة عصفور التي كانت تستهدف أمن الأردن، وتسعى ايران لتحقيق اهدافها في الاردن مستغلة مدخل الأزمة السورية لنقل الفوضى والخلايا النائمة والمخدرات، في الوقت الذي تتصف عملية السلام بالجمود وقد رأت إيران في ذلك فرصة للدخول عبر بوابة التنظيمات تحت عنوان دعم حركات الممانعة. ورقة اللاجئين يرى مراقبون أردنيون أن إيران عملت على اللعب بورقة إغراق الأردن وإدخاله بأزمة لاجئين من الجانبين العراقي والسوري، وتكديس اللاجئين على مقربة من حدوده لتتمكن من زرع خلاياها النائمة وإدخالها لأراضيه لاحقاً مع تبني استراتيجية الزج بالحرس الثوري وميليشيات حزب الله والمجموعات متعددة الجنسيات ليتمكنوا من إدخال الأردن في أزمة سياسية وأمنية عميقة.
مشاركة :