استقالة الحريري.. معركة «تكسير عظام» بين السعودية وإيران

  • 11/6/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يؤكد إعلان استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المفاجئ من السعودية حدة الصراع المتنامي بين طهران والرياض، ويثير الخشية من تصاعد التوتر في الداخل اللبناني، ومن مواجهة إقليمية على أراضي هذا البلد الصغير والهشوفي خطوة مفاجئة، أعلن الحريري في خطاب متلفز بثته قناة «العربية» السعودية السبت استقالته من منصبه الذي عين فيه بحكم تسوية سياسية بين الأفرقاء اللبنانيين، حاملاً على كل من إيران وحزب الله. ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان لوكالة فرانس برس «هذا قرار خطير، وله تبعات أكبر من أن يتحملها لبنان». وأوضح خشان أن «الحريري بدأ الحرب الباردة اللبنانية، التي ممكن أن تتحول إلى حرب داخلية، برغم أنه ليس هناك منافس لحزب الله على الصعيد العسكري في لبنان». وفي نوفمبر 2016، كُلف الحريري، المولود في السعودية، رئاسة الحكومة بموجب تسوية سياسية أتت بحليف حزب الله الأبرز ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية بعد عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي. ومنذ التسوية التي أوصلته إلى سدة رئاسة الوزراء وتشكيله الحكومة في أواخر 2016، شهد لبنان هدوءاً سياسياً نسبياً، وتراجعت حدة الخطاب السياسي اللاذع. ومنذ أيام قليلة، زار الحريري السعودية مرتين، والتقى مسؤولين بينهم ولي العهد محمد بن سلمان. وبعد عودته من الزيارة الأولى، التقى الحريري في بيروت الجمعة مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي. وما هي إلا ساعات حتى توجه مجدداً إلى السعودية ليفاجئ الشارع اللبناني في اليوم التالي بإعلان استقالته. وقال الحريري في خطاب الاستقالة إن إيران «تطاولت على سلطة الدولة وأنشأت دولة داخل الدولة (...) وأصبح لها الكلمة العليا». واتهم حزب الله، المشارك في الحكومة، بـ»فرض أمر واقع بقوة سلاحه». وغداة خطاب الحريري، وبرغم حدته، دعا الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إلى الهدوء وعدم القلق. وأكد أن حزب الله لم يكن يتمنى حصول الاستقالة التي اتهم الرياض بإملائها على الحريري. معركة كسر عظم وأتى خطاب الحريري وسط حالة من التوتر الشديد بين السعودية وإيران. وتقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف فاديا كيوان «الاستقالة توقيتها مفاجئ، والمكان الذي أعلنت منه مفاجئ»، إلا أن القرار ليس مفاجئاً «لأن هناك جو مواجهة منذ فترة (...) وأحداثاً متلاحقة في المنطقة تظهر أن هناك منعطفاً مقبلاً». وتضيف «هناك مواجهة كسر عظم بين السعودية وإيران»، ستنعكس بالضرورة «مواجهة» بين الأطراف السياسية اللبنانية. والحريري هو الوريث السياسي لوالده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الذي قتل في تفجير استهدفه في العام 2005. واتهمت المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتياله خمسة عناصر من حزب الله بالتورط في العملية. وخاض الحريري منذ دخوله معترك السياسة قبل 12 عاماً مواجهات سياسية عدة مع حزب الله، لكنه اضطر مراراً إلى التنازل لهذا الخصم القوي، وربما الأقوى على الساحة اللبنانية سياسياً وعسكرياً. وترى كيوان أن «وجود قوى سياسية لديها أفكار متناقضة داخل الحكومة كان من شأنه أن يشل عملها، أو يفجر الوضع سياسياً»، محذرة أيضاً من فراغ سياسي «قاتل (...) كون حكومة تصريف أعمال تجعل البلد يهترئ على نار خفيفة». ويتلقى حزب الله دعماً سياسياً وعسكرياً كبيراً من إيران، وهما يساندان النظام السوري في النزاع الجاري في هذا البلد. ورفض الحريري على الدوام مشاركة حزب الله عسكرياً في النزاع في سوريا. ولطالما كان الحريري حليفاً للرياض التي كانت تضخ أموالاً ومساعدات على نطاق واسع للبنان لدعم موقف حلفائها. وحصل فتور خلال الفترة الأخيرة بينها والحريري، الذي أخذت عليه خضوعه لإرادة حزب الله. ولكن خطاب الحريري من السعودية مؤشر على فتح فصل جديد من الحرب الباردة بين الرياض وطهران على الساحة اللبنانية. ويقول الكاتب السياسي سركيس أبو زيد لفرانس برس إن استقالة الحريري بمثابة «رسالة كبيرة من السعودية إلى لبنان وإيران، وهذا يؤكد أن هناك مواجهة مفتوحة» بين طهران والرياض لها انعكاساتها على لبنان. وتؤكد كيوان أن «السعودية لا تريد أن يبقى (الحريري) رئيساً لحكومة فيها حزب الله». وكان السبهان دعا الشهر الماضي إلى تشكيل «تحالف دولي» ضد حزب الله الذي تصنفه الرياض «إرهابياً»، وعدم الاكتفاء بالعقوبات التي تفرضها واشنطن عليه. ويرى خشان في استقالة الحريري أبعد من توتر داخلي لبناني، بل يحذر من تصعيد إقليمي ضد حزب الله قد يتحول إلى حرب عسكرية.;

مشاركة :