تراجع مصر على مؤشر الأعمال يفجر أزمة مع البنك الدوليفجّر تقرير سهولة ممارسة الأعمال أزمة بين القاهرة والبنك الدولي بعد أن أظهر تراجع أداء الاقتصاد المصري ستة مراكز خلال هذه السنة رغم تنفيذ الحكومة لبرنامج إصلاح اقتصادي شامل طال كافة القطاعات، أشاد به خبراء البنك في مناسبات عديدة طيلة العام.العرب محمد حماد [نُشر في 2017/11/06، العدد: 10804، ص(10)]رحلة مكافحة البيروقراطية لا تزال طويلة القاهرة- انتقدت سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي في مصر بشدة تقرير سهولة ممارسة الأعمال 2017 الذي أصدره البنك الدولي الأسبوع الماضي رغم الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة. وقالت نصر لـ“العرب” إن “التقرير تجاهل الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها مصر”. وأكدت أن الوزارة ستتقدّم بمذكرة احتجاج رسمية للبنك حول هذا التجاهل للرد على ما تضمنه التقرير بشأن بلادها. وأظهر التقرير السنوي للبنك والذي يتابع النشاط الاقتصادي لنحو 190 دولة، عن أخطاء ارتكبتها القاهرة شملت أساسا التوسع في السياسات النقدية علي حساب جذب الاستثمارات. ولم تشفع الإصلاحات التي تنفذها الحكومة، لمصر بالصعود في قائمة المؤشر إذ احتلت المركز 128 متراجعة بستة مراكز عن التصنيف السابق.رشاد عبده: لا نحتاج لسن قوانين، بل يجب القضاء على البيروقراطية التي تواجه المستثمرين ورغم تبسيط إجراءات الاستثمار، ومنها تأسيس الشركات عبر الإنترنت وتدشين مركز خدمات للمستثمرين لإنهاء كافة إجراءات الحصول على التراخيص من خلال شباك موحد، إلا أن ذلك لم يساعد مصر حتى على تثبيت تصنيفها. وأصدرت الحكومة العام الماضي أول قانون موحد للاستثمار في تاريخ البلاد، ما اعتبره مراقبون نقلة نوعية لتطوير الاستثمار والتخلص من القيود التي كبلته فترة طويلة. وشككت نصر في منهجية إعداد التقرير والذي يستقي بياناته حتى شهر مايو فقط، بينما حقّقت البلاد عددا كبيرا من الإصلاحات في مجال تهيئة مناخ الاستثمار من شهر يونيو وحتى نهاية أكتوبر الماضي. وحصلت القاهرة على نحو 50 بالمئة بالمؤشر الفرعي لمنح الائتمان رغم المبادرات التي تم الإعلان عنها من جانب البنك المركزي لتمويل المشروعات، في مقدّمتها مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة تصل لنحو 5 بالمئة. ورصد المركزي 11 مليار دولار لتلك المبادرة منذ أكثر من عام، وتم إدخال عدد من التعديلات عليها لتشمل تمويل المشروعات منذ البداية، بهدف تحفيز هذا القطاع على النمو، إلا أن التباطؤ العام للاقتصاد وتضخّم الأسعار وقفا حائلاً أمام حزمة الحوافز المالية. وانتقد التقرير في مؤشر حقوق التسجيل للمشروعات صعوبة تلك العملية، وقال إنها “تشهد صعوبة بالغة، فضلا عن ارتفاع تكاليفها، وطول فترة إنهاء الإجراءات والتي تستغرق نحو 75 يوما، كما حصلت مصر على نحو 55.5 بالمئة في هذا المؤشر”. أما عن مؤشر إنفاذ العقود فقد منح التقرير مصر 42.75 بالمئة، وأظهر أن متوسط عمليات إنفاذ العقود تصل لنحو 1010 أيام، لتحتل مصر المركز 160. وبالنسبة لمؤشر حل المشكلات المتعثرين فمنح التقرير مصر نسبة 38.9 بالمئة، لتحتل المركز 115، وقدّر التقرير متوسط حل مشكلات التعثر بنحو عامين ونصف العام، فيما بلغ معدل الاسترداد في مشكلات التعثر نحو 25.8 سنت لكل دولار.علي عيسى: مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الاقتراض من البنوك أعاق نشاط الشركات وقال علي عيسى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين إن “الارتفاع غير المسبوق في سعر الفائدة أدى إلى تراجع معدلات الائتمان للمشروعات”. وقفزت نسبة الفائدة على الإقراض لنحو 19.75 بالمئة بخلاف المصروفات الإدارية للبنوك والتي لا تقل عن 1.5 بالمئة، ما يرفع نسبة إقراض المشروعات إلى نحو 21.25 بالمئة. وأوضح لـ“العرب” أن مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الاقتراض من الجهاز المصرفي سبب آخر دفع البنوك إلى التوسع في تمويل أذون الخزانة الحكومية لأنها مضمونة بنسبة مئة بالمئة، بدلا من تمويل الشركات والبحث عن ضمانات. وأكد البنك الدولي في الذكرى السنوية الخامسة عشرة لإطلاق التقرير، أنه رصد نحو 3188 إصلاحا في بيئة الأعمال تم تنفيذها منذ أن بدأ مراقبة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال لمنشآت الأعمال المحلية الصغيرة والمتوسطة في أنحاء العالم. ولفت رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية إلى أنّ القوانين وحدها لا تكفي لتعزيز مناخ الاستثمار، بل إن العبرة في الأفراد القائمين على تنفيذ القانون. وقال في تصريحات لـ“العرب” إن “مصر لا تحتاج إلى سنّ قوانين، لكن تحتاج إلى القضاء على البيروقراطية التي تواجه المستثمرين”. وأضاف أن “قانون الاستثمار الموحّد خرج إلى النور بعد مناقشات دامت نحو عامين ونصف، فضلا عن عدم قدرة الحكومة على تنفيذ فكرة الشباك الواحد لإنهاء التراخيص وحل المنازعات، وتم استبدالها بمركز لخدمة المستثمرين، وهي رسالة على أن البيروقراطية لم تنته بعد”. وشدد على أن المؤسسات الدولية تراقب أداء جودة تقديم الخدمة والمدة الزمنية، وليس حصر عدد التشريعات، وهو ما لم تستطع وزارة الاستثمار فهمه حتى الآن. وتجد الحكومة نفسها في ورطة الآن على ما يبدو لأنها وعدت المواطنين بأن الإصلاحات الاقتصادية ستؤدي إلى تحسّن أحوالهم المعيشية. وفي ظل السلبيات التي رصدها البنك، يبدو المستقبل غامضا بالنسبة للقاهرة، وسط تساؤلات المحللين بشأن كيفية امتصاص التداعيات السلبية التي من المحتمل أن يخلّفها هذا التصنيف في الفترة المقبلة.
مشاركة :