كشف تحقيق صحافي دولي أمس الأول الأحد، مستنداً إلى تسريب عدد هائل من الوثائق تفاصيل حول دوائر عالمية للتهرب الضريبي، من وزير أميركي يعقد صفقات مع مقربين من الرئيس الروسي إلى استثمارات لملكة بريطانيا في جزر برمودا. وبعد 18 شهراً على «وثائق بنما» التي تتعلق بالتهرب الضريبي، بدأ الكونسورسيوم الدولي للصحافيين الاستقصائيين (آي سي آي جي) الذي يضم 96 وسيلة إعلام في 67 بلداً، في كشف «وثائق بارادايز».وكشفت المعلومات استناداً إلى 13,5 مليون وثيقة مالية قادمة، خصوصاً من مكتب دولي للمحاماة مقره برمودا، ويحمل اسم «ابلباي». وقد حصلت على هذه الوثائق صحيفة «سوددويتشه تسايتونغ» الألمانية. وتشير الوثائق التي جاءت من مكتب «ابلباي» خصوصاً إلى أن وزير التجارة الأميركي وليبور روس أبقى على مساهماته في شركة للنقل البحري على علاقة وثيقة مع ثري روسي، فرضت عليه عقوبات أميركية، ومع صهر للرئيس الروسي فلاديمير بوتن، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز». صهر بوتن رأى ريتشارد بيتر المسؤول السابق في مكتب الأخلاقيات في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن أن قضية وزير التجارة الأميركي يمكن أن تطرح مشكلة أخلاقية. ورجل المال المعروف ويلبور روس خفض بعدما تسلم مهامه الوزارية في فبراير، مساهمته الشخصية في شركة «نافيغيتور هولدينغ»، لكنه ما زال يمتلك 31 % من أسهمها بواسطة شركات أوفشور. وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية التي شاركت في التحقيق أن من أبرز زبائن «نافيغيتور هولدينغ» شركة «سيبور» الروسية للغاز والمنتجات البتروكيميائية، والتي بلغت قيمة تعاملاتها المالية مع شركة النقل البحري 23 مليون دولار في 2016. ومن بين مالكي «سيبور» كيريل شامالوف المتزوج من صغرى بنات الرئيس الروسي، وغينادي تيمتشينكو رجل الأعمال الثري المقرب من بوتن، والذي يخضع لعقوبات أميركية منذ ضمت روسيا شبه جزيرة القرم. ورداً على هذه المعلومات، قالت وزارة التجارة الأميركية في بيان تلقته وكالة فرانس برس إن «الوزير روس لم يشارك في قرار نافيغيتور القيام بأعمال مع سيبور» التي «لم تكن خاضعة لعقوبات يومها ولا هي كذلك اليوم». وأضاف البيان أن روس «لم يلتق أبداً المساهمين في سيبور المذكورين» في التحقيق، مشدداً على أن الوزير الأميركي يحترم المعايير الأخلاقية الحكومية المتبعة في الولايات المتحدة. وما زالت التحقيقات حول احتمال تواطؤ روسي مع فريق الحملة الانتخابية لدونالد ترمب يسمم ولاية الرئيس الأميركي منذ بدايتها. من جانبها، قللت روسيا أمس الاثنين من شأن التسريبات، فيما يخص مسؤولين وشركات روسية، مؤكدة أن الصفقات المذكورة في التحقيق الصحافي تمت بشكل قانوني وبدون دوافع سياسية. وانتقدت شركة سيبور الروسية للغاز، إحدى الشركات الروسية المذكورة في الوثائق، التقارير الإعلامية بخصوص النتائج التي تم التوصل لها رغم تأكيدها للحقائق المذكورة. وعبرت الشركة في بيان نشرته وكالات أنباء روسية عن «استغرابها التفسيرات السياسية التي أوردتها بعض وسائل الإعلام لأنشطة تجارية عادية». مشاكل أخلاقية وذكرت البي بي سي وصحيفة «ذي غارديان» أن حوالى عشرة ملايين جنيه إسترليني (11,3 مليون يورو) من أموال الملكة البريطانية استُثمرت في جزر كايمان وبرمودا. من جهتها، كشفت صحيفة «تورونتو ستار» في كندا أن الملياردير ستيفن برونفمان الذي يرأس الشركة السابقة لإنتاج النبيذ والمشروبات الكحولية «سيغرام» وظف مع راعيه ليو كولبر ستين مليون دولار (52 مليون يورو) في شركة أوف شور في جززر كايمان. وبرونفمان، صديق جاستن ترودو والذي كان مسؤولاً عن جمع التبرعات خلال الحملة الانتخابية في 2015 لحساب الحزب الليبرالي الكندي، يمكن أن يسبب إرباكاً لرئيس الوزراء الذي انتخب بناء على وعود بتقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق العدالة الضريبية. والقنوات التي لجأ إليها هؤلاء الأثرياء والشركات المتعددة الجنسيات لنقل أموالهم إلى ملاذات ضريبية بحد ذاتها ليست غير قانونية. وهذه الطرق تستفيد من الثغرات التنظيمية ليتاح لهم دفع أقل قدر ممكن من الضرائب. ورد زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن على تويتر، معتبراً أن «هناك قاعدة للأثرياء وقاعدة للآخرين عندما يتعلق الأمر بدفع الضرائب».;
مشاركة :