في عملية مهرولة وصفت بأنها تمت «في سباق مع الزمن»، أخرجت قوات سلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي، جثث خمسة فلسطينيين من حركة «الجهاد الإسلامي» كانت تحت الردم، في النفق الذي دمرته إسرائيل في الأسبوع الماضي. واعترف الناطق العسكري بأن الجيش يحتجز هذه الجثث، وبأنه لن يسلمها للفلسطينيين. وصرح رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من مقر إقامته في لندن، أمس، بأنه يرفض إعادتها بلا ثمن.وكانت إسرائيل قد دمرت هذا النفق، الذي تبين أن حركة «الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة هي التي حفرته، في الجانب الذي اجتاز السياج الحدودي قرب خانيونس، ووصل إلى عمق الجانب الإسرائيلي، لمسافة قريبة من كيبوتس كيسوفيم (وهو تعاونية زراعية).وقد طلبت حماس أن يتاح لها التنقيب عن الجثث في النفق، في المقطع الواقع في الأراضي الإسرائيلية. فرفضت إسرائيل ذلك بقرار سياسي وعسكري، واشترطت أن يتم التفاوض معها على تسليم هذه الجثث مقابل إعادة جثماني جنديين إسرائيليين تحتجزهما حماس منذ الحرب على قطاع غزة في صيف 2014. فتقدمت جهات حقوقية إسرائيلية إلى محكمة العدل العليا في القدس الغربية، بطلب تحرير الجثث بلا مقابل لأهداف إنسانية. فسارعت قوات الجيش إلى تغيير هذا الوضع القانوني، بواسطة إخراج الجثث بسرعة قبل أن تبت المحكمة في الطلب.وأعلن الناطق العسكري الإسرائيلي أن «قوات المنطقة الجنوبية وكتيبة غزة، قامت في الأيام الأخيرة، بأعمال مكملة لكشف وإحباط النفق الإرهابي»، وجرى خلال ذلك العثور على الجثث. وكانت إسرائيل قد قدمت، ردها إلى المحكمة العليا على الالتماس، الذي قدمه مركزا عدالة والميزان، بطلب السماح لحماس بالبحث عن الجثث على مقربة من السياج الحدودي. وحسب الرد، فإن قوات الجيش الإسرائيلي تعمل في المنطقة وتقوم بأعمال تتعلق بالنفق «بشكل قد يؤدي إلى مخاطر»، لكن «جوهر هذه الأعمال سري». وقد تخوف مسؤولون إسرائيليون من أن يؤدي الالتماس إلى جعل إسرائيل تسمح لحماس بإنقاذ الجثث أو نقلها إلى الصليب الأحمر، بناء على القانون الدولي. وحقيقة احتجاز إسرائيل للجثث تغير الآن حالتها القانونية، ويمكن لإسرائيل استخدامها كورقة مساومة في المفاوضات حول الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في القطاع.وكتبت إسرائيل في ردها على الالتماس أنه «غير ذي صلة، لأن حماس أعلنت أن الناشطين الخمسة المحاصرين قد قتلوا، وأن البحث عنهم قد انتهى». وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت نيابة الدولة أنها تجري اتصالات سرية مع الصليب الأحمر، الذي طلب، أيضا، السماح بعمليات التفتيش. بل ادعت الدولة أن الالتماس يتعلق بالعلاقات الخارجية والأمنية للدولة، وبالتالي لا يفترض بالمحكمة أن تتدخل في هذه المسألة. وكان منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، الجنرال يوآب مردخاي قد أعلن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لن تسمح بالبحث عن الجثث على مقربة من الحدود، ما دام لم تتقدم الاتصالات بشأن الأسرى والمفقودين في غزة.وقد أصدر نتنياهو، أمس، في ختام زيارته لبريطانيا، بأن «الحكومة مكلفة بتحقيق مهمتين كبيرتين - الأولى هي الدفاع عن الدولة والأخرى هي بناء الدولة. نحن نقوم بهاتين المهمتين في آن واحد. ندافع عن الدولة ونحافظ على مبدأين بسيطين. الأول هو أننا نهاجم من يحاول أن يهاجمنا والآخر هو بأننا لا نعطي هدايا مجانية لأحد. سنعيد جميع أبنائنا إلى أحضان عائلاتهم ولن نعطي هدايا مجانية».وأعلنت حركة حماس أن سلوك إسرائيل لا يردعها ولن يقود إلى تغيير سياستها. وقال الناطق بلسان الحركة فوزي برهوم، إن احتجاز جثث المقاتلين يثبت أن إسرائيل فشلت في الرهان على استعادة جنودها. وقال إن الخطوة التي قامت بها إسرائيل، باحتجاز الجثث، لن تملي صيغة جديدة أو شروطا جديدة. وقال المسؤول في حركة الجهاد الإسلامي، أحمد المدلل، إن «إسرائيل لن تحتجز الجثث لفترة طويلة، إذ لن نسمح ببقاء الجثث في أيديها. والجهاد ستجد طريقة لاستعادتها». وقال مسؤول في كتائب القدس، الجناح العسكري للجهاد، إن الكتائب ستكسر رقبة إسرائيل.
مشاركة :