القاهرة: خالد محمود بينما ناقش المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا الأوضاع الأمنية خاصة عقب الاشتباكات الدامية التي وقعت غرب العاصمة طرابلس بين منطقتي ورشفانة والزاوية، أطلقت أمس الحكومة الانتقالية في ليبيا برعاية الأمم المتحدة مبادرة جديدة للحوار الوطني عبر هيئة مستقلة تضم في عضويتها عددا من الشخصيات العامة، وأعلنت أن هذه اللجنة ستكون مستقلة في عملها ولا تخضع للحكومة أو المؤتمر الوطني. وقالت مصادر ليبية لـ«الشرق الوسط» إن قوات من الجيش الليبي توجد حاليا للفصل بين المتنازعين في الاشتباكات التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وأسفرت عن مصرع وإصابة 13 شخصا وفقا للإحصائيات الرسمية. وقال رئيس الحكومة الانتقالية في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي مساء أول من أمس إنه تم الاتفاق مع كل الأطراف لوقف إطلاق النار حتى تتولى قوة عسكرية نظامية التمركز في المواقع الفاصلة بين طرفي النزاع الذي اندلع بسبب خلاف حول تبعية مركز صحي، مما أدى إلى قطع الطريق الساحلي الذي يربط العاصمة طرابلس بمدن غرب ليبيا. وناقش المؤتمر الوطني الذي يعتبر أعلى سلطة دستورية في للبلاد في جلسته الصباحية أمس تقرير لجنة الأمن القومي في ما يخص الحقول النفطية، بالإضافة إلى تقرير اللجنة الدستورية حول المعايير والضوابط التي اتخذت في شأن شغل منصب رئيس ووكيل هيئة الرقابة الإدارية. وجاء هذا الاجتماع في وقت أكدت فيه وزارتا الداخلية والعدل أن ما يجري من اعتداء على مؤسسات الدولة واغتصاب للأراضي والغابات والممتلكات يشكل جرائم يعاقب عليها قانونا، ولن يفلت مرتكبوها من العقاب، محذرة كل من تسول له نفسه المساس بأملاك الدولة أو التصرف فيها أو محاولة شرائها أو نقلها إلى ذمته أو ذمة غيره. وقالت الوزارتان في بيان مشترك بثته وكالة الأنباء المحلية، إن «الدولة الليبية في حل كامل من الالتزام بدفع أي تعويضات نقدية أو عينية عند استردادها لأملاكها، أو عند إزالتها للمباني والمنشآت التي تقام على الأراضي المغتصبة، بل ستلزم المغتصبين بالتعويض». في غضون ذلك، تعهد الدكتور علي زيدان، رئيس الوزراء الليبي، في مؤتمر صحافي عقده أمس بالعاصمة طرابلس مع الدكتور جمعة عتيق النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني، وطارق متري رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، بأن حكومته ستكون محايدة وستكون مهيأة ومسيرة فقط لأن تؤدي المجموعة المنوطة بمبادرة الحوار الوطني دورها ولا تتبع لأحد ولا تتبع الحكومة ولا المؤتمر. وأضاف «بالتأكيد ستكون الحكومة والمؤتمر في اطلاع، ولن تتدخل إلا في الضرورة، لأننا على ثقة بأن الأشخاص على قدرة على إدارة الحوار». وأعلن زيدان انطلاق هذه المبادرة التي لم يحدد موعدا رسميا لها، من أجل ما وصفه بحوار وطني شامل عام إطاري يتناول كل الموضوعات الرئيسة المنوطة بالشأن العام الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي وكل القضايا الملحة وعلى رأسها إعادة بناء الدولة وكتابة الدستور. من جهته، كشف جمعة عتيقة النقاب عن أن القائمين عليها هم متطوعون لا يتقاضون فلسا واحدا على حد تعبيره، لكنه أكد في المقابل أن الحكومة تكفلت بتوفير الأشياء اللوجيستية الإدارية العادية. وقال متري، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، إن هذه المبادرة ستلعب دورا في حسم الخلافات الراهنة بين الليبيين، معلنا وضع إمكانيات بعثة الأمم المتحدة تحت تصرف المبادرة ضمانا لإنجاحها. وأعلن أن هناك اضطرابا في الأمن الليبي قد أثار قلقا لدى الأوساط الدبلوماسية، مشيرا إلى أن الاعتداءات التي طالت دبلوماسيين أجانب في العاصمة طرابلس ذات خلفية إجرامية. وأضاف «أعترف بوجود مشكلات أمنية في ليبيا، ولا يمكن الادعاء بأن الأمن مستتب، لكن هذا الاعتراف لا يعني وضع المسؤولية على الدولة، والاعتراف بوجود المشاكل الأمنية لا يعني وصف ليبيا بالغابة، هناك سلاح منتشر واضطرابات أمنية لكنه ليس بالسوء الذي يصور في وسائل الإعلام أو لجهات سياسية محلية أو دولية، حيث يجري تضخيم للأوضاع الأمنية». وخلال رده على أسئلة الصحافيين دافع رئيس الوزراء الليبي عن حكومته، وقال عندما تسلمنا الحكومة كانت ليبيا مدمرة تماما، ولم يفعل أي من مئات الآلاف من المشاريع، وبدأنا منذ البداية استدعاء الشركات من الخارج، ونحاول أن نتنازل عن بعض الأمور، والميزانية لم تصرف بكاملها الآن، والميزانية لم تعط لنا في كيس حتى نصرفها كما نشاء بل وضعت قيود حالت بيننا وبين صرفها». وأضاف «تتحدثون عن الحكومة وكأنها تسلمت دولة متكاملة، لكننا بدأنا كل شيء منذ البداية، لا شرطة ولا جيش ولا إدارة فاعلة ولا مؤسسات قائمة، والدولة تشتغل بمؤسساتها وجهازها الإداري والتنفيذي». وتابع قائلا «قد يتوهم بعض الناس أن الوجود في رئاسة وزراء ليبيا شيء ممتع ورائع، هذا مغرم، لكنه في سبيل الوطن.. والحكومة ليست ضعيفة، بل الضعف في مؤسسات الدولة، والأمر سيأخذ وقته، والشعب الليبي متعجل ولا نستطيع تعجل الوقت». وسئل عن الاغتيالات التي شهدتها عدة مدن ليبية مؤخرا وطالت مسؤولين عسكريين وناشطين سياسيين وإعلاميين، فقال زيدان «هناك أشخاص تم القبض عليهم والتحقيق جار والنيابة العامة وأجهزة الأمن هي المخولة بالأمر». لكن زيدان امتنع عن الإفصاح عن المزيد من المعلومات في هذا الإطار، لافتا إلى أن الإدلاء بالمعلومات قد يعود بالضرر على التحقيقات الجارية. ونفى زيدان صحة تقارير تحدثت عن دخول قوات أجنبية إلى الحدود الجنوبية لليبيا، وقال «نحن الآن في شأن ترتيب الجيش، ووزير الدفاع الجديد ورئيس الأركان الجديد في سباق مع الوقت لترتيب الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية»، معتبرا أن «الحديث عن دخول قوات غير صحيح، وهناك تفاهم بيننا وبين تشاد أن الحدود لن تكون مكانا للتجاذب بين البلدين، ونحاول أن نقوم بذلك مع النيجر، وكنت قبل فترة في الجزائر، ونحن في اتصال مع مصر، وليس هناك أي تهديد للسيادة الليبية».
مشاركة :