الرئيس حسن روحاني إبان حكم هاشمي رفسنجاني كان يتردد على المملكة كثيراً وقتها كان يعد وفريق أمني معه الاتفاقية الأمنية بين الرياض وطهران. إذن يدرك تماماً الرئيس الإيراني، ما أولويات المملكة على المستوى الأمني إذ مكنت المداولات آنذاك الجانبين السعودي والإيراني من فهم ما يريد كل منهما من الآخر، في ذلك الوقت تقريباً عام 98م، كانت موجة الإرهاب في بداياتها في المملكة. كانت المملكة حريصة على درء تلك الآفة في بداياتها وكانت الاتفاقية الأمنية ستؤسس لعمل مشترك سيشكل اختراقاً في ذلك الوقت، إلا أن أوضاع المنطقة اختلطت تماماً بعد الحادي عشر من سبتمبر. اليوم وفي ظل الحديث عن تقارب سعودي – إيراني على خلفية " داعش" وهو الذي سيقودنا ربما إلى تسويات سياسية غير مكتملة ومحددة الأهداف مدفوعة برغبة أميركية وغربية بضرورة إيجاد تحالف دولي في وجه " إرهاب داعش " الذي امتد لينال من الكبرياء الأميركي ويخلط أوراق طهران كثيراً على الجبهة العراقية والسورية على حد سواء، إذ ترى الجمهورية الإسلامية أن إستراتجيتها في العراق سقطت بسقوط الموصل، وأن الجماعات الارهابية ستحرق أوراق طهران في المنطقة خصوصاً أن إيران لديها رغبة في لعب دور سياسي في ملفات الشرق الأوسط المستعصية على الحل. في هذا الإطار كان ولابد من أن ندرك أن " داعش " كانت وليدة الأزمة السورية التي طفت على السطح بعد أن أهملت أربعة أعوام من قبل الفاعلين في القرار الدولي، وعلى رأسهم واشنطن التي أضرت مواقفها كثيراً بمسار الأحداث في سورية وإذ هي تلتفت الآن لتقيم وضع هذه الجماعة وفق مصالحها، ولذا نحن اليوم بصدد الاعلان عن استراتيجية الرئيس الاميركي باراك أوباما لمواجهة " داعش". جدير بنا إذن أن نرى أن التحالف الدولي، وإن كان سيقودنا إلى عمليات عسكرية واستخباراتية في غاية الأهمية محددة ودقيقة من الضروري أن نعرف أن القضاء على "داعش" لن يكون نهائياً، إذا ما عالجنا الأمر من جذوره وأعني هنا الأزمة السورية، التي أصبحت مصدر الجماعات الإرهابية وإن تم القضاء على المنتمين إلى داعش، فإن آخرين سيخرجون لينهوا ما بدأه الأولون. التفاهم السعودي الإيراني يجب أن يكون شاملاً، الالتفاف إلى داعش فقط، خطأ استراتيجي، الوضع شبيه بأفغانستان حيث لم تفلح قوات حلف شمال الأطلسي في القضاء على "طالبان" وتحولت أفغانستان إلى مخبأ للإرهابيين والمصدِر لهم، والحال ينطبق على سورية التي تعيش وضعاً مماثلاً، لذا فالأولى تسوية الملف السوري لإنهاء تحدي الإرهاب وعدم معالجة العرض وإهمال المرض، والفرصة الآن مواتية للاتفاق حول سورية وإقفال الملف نهائياً واعتماد مسارين متلازمين لتسوية الأزمة.
مشاركة :