الديري يحول جدران المخيمات الفلسطينية إلى لوحات

  • 8/26/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت: مازن مجوز على أحد جدران مخيم الرشيدية في مدينة صور (جنوب لبنان) يمتد وجه الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، ليعانق كوفية الرئيس الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) مؤسس حركة فتح، في محاولة لحل خلاف لا يزال قائما بين الحركتين منذ أكثر من 5 سنوات. فنانٌ غزّي يجيد فن الغرافيتي ورسم «البورتريه»، حاول بريشته مصالحة أطراف الانقسام. ففي «جدارية الوحدة الوطنية» نجح في جمع ما عجز عنه ساسة مخضرمون: «وحدة وطنية بين فتح وحماس». إنه الرسام محمد الديري الذي يحاكي العالم بلوحاته حول حق الشعب الفلسطيني بالحياة ويفضح العدو الإسرائيلي في انتهاكه لحقوق الإنسان ومنها الطفل والمرأة وكبار السن. رسوماته على الجدران الشوارع والمنازل ثم على لوحات فنية حيث وصل إلى شوارع المخيمات الفلسطينية داخل الوطن والشتات. ويقول الديري في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته أثناء تواجده في مخيمات صور: «تناولي للموضوعات التي تحمل رسالة وطنية، من خلال جدارياتي وباستخدام فن الرسم، هو بمثابة فخر لي كونه يقدم واجبا وطنيا في ظل ما يعيشه قطاع غزة من حروب ومعاناة أوجدها الاحتلال الإسرائيلي». ويضيف «بدأت الرسم في بداية الانتفاضة الأولى 2001 وكان عمري 14 عاما، وكنت ارسم قبلها هاويا على الجدران، إلى أن طورت عملي بالرسومات الوطنية حيث رسمت الطفل محمد الدرة الذي كان لاستشهاده أثر كبير على نفسي». ثم راح ابن الخمسة وعشرين عاما يستخدم الفن كوسيلة للمقاومة من خلال رسوماته وليعبر عن الوضع المأساوي الذي تعانيه فلسطين من خلال الجرافيتي «لأنه فن أقرب إلى الناس والجميع يراه، وهو وسيلتي للتعبير عن الألم والتضحيات». والكتابة على الجدران، أو فن الغرافيتي كما يطلق عليه، هو صوت الجدران حين تصرخ وتعبر عن فكرة ما، تتحسس واقعا سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا. ومع الوقت استطاع هذا النوع من الفن أن يفرض نفسه كأحد أشكال التعبير الحديث، وكان سمة بارزة في الثورات والمظاهرات، وسبيلا للاحتجاج، وكان أيضا وسيلة للتعبير عن الكبت الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني. وردا على سؤال يجيب الديري: «الرسامون لا يجيدون الكلام!! ولكن يجيدون فن الصمت الموسيقي. الرسم هو في البداية عبارة عن موهبة ومن ثم ينطلق من أسس ودراسة وبعدها تأتي الممارسة، كي تعكس الإبداع الداخلي. لكل رسام أسلوبه الخاص، وأنا أعتبر الرسم كل شيء عندي، وهو كل حياتي». كان لوالدة الديري الدور الأهم في تنمية قدراته، إذ أدخلته إلى معهد في الهلال الأحمر الفلسطيني، الذي كان يشرف عليه أجانب يهتمون بفن الغرافيتي، فكانت أن جمعته الصدفة بأربع فنانين فلسطينيين كان لهم فضل عليه وهم عبد الرؤوف العجوري، رائد عيسى، بشير الصنوان ومحمد العواجري. هؤلاء أسسوا لاحقا جمعية للفنانين الفلسطينيين أصبح الديري عضوا فيها. وحول كيفية الرسم واختيار الوجوه يشرح: «أتخيل أي شخصية في العالم وأرسمها وكأنها أمامي، وأحرص في رسم الوجوه على استخدام، قلم الفحم، الريشة وألوان زيتية، لأنها تلفت النظر على الجداريات». ومنذ سنوات بدأ الديري استخدام قناني الرذاذ (السبراي)، مما جعله ينجز جدارياته بمدة تتراوح بين 5 - 20 دقيقة. في مخيم عين الحلوة رسم أبو عمار والقدس خلال ثلث ساعة، مبديا فخره بأنه فلسطيني وبأنه يرسم لبلده: ويقول: «سأبقى أناضل بالريشة والرسم كالشاعر الكبير محمود درويش الذي ناضل بالشعر، والرسام ناجي العلي الذي ناضل بالقلم من أجل أن نثبت للعالم بأننا شعب غير إرهابي». ويفتخر الديري بأنه رسم رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان وأهداه العمل، نظرا لتقديماته الكثيرة للشعب الفلسطيني في لبنان. واللافت أن إبداع الديري المميز وريشته الجميلة أهلته للمشاركة في التصفيات النهائية من برنامج المواهب الشهير «أرابز غوت تلنت» الذي من المنتظر أن يبدأ عرضه مجددا الشهر المقبل. هذه الزيارة الثانية للديري إلى بيروت، استغلها ليلتقي بالفنان الفلسطيني محمد عساف الفائز بالبرنامج، مقدما له لوحة مميزة من رسمه. ريشته الجميلة لم تتوقف عند عساف بل أهدى لجنة التحكيم الخاصة بالبرنامج لوحات من رسمه، فرسم راغب علامة ونانسي عجرم وحسن الشافعي. ومن المعارض التي شارك فيها الديري معرض «شهداء الأرض» الذي أقامته السفارة الفلسطينية هذا العام في قصر اليونيسكو، في بيروت، لمناسبة يوم الأرض، حيث باتت غالبية جدران المخيمات الفلسطينية شاهدة على ريشته في رسم القادة الذين سطروا مراحل النضال الفلسطيني لا سيما الرئيس الراحل أبو عمار. واليوم يستكمل الديري طموحه بعد أن أنجز ثلاث جداريات لأبو عمار على جدران مخيم الرشيدية ضمن مشروعه في مخيمات اللجوء في لبنان. بدأ الديري المشروع في مخيم برج البراجنة في بيروت ويسعى لاستكماله في مخيم البص وباقي المخيمات الفلسطينية الأخرى، مركزا في أعماله على حق العودة. ويختم الديري متمنيا من كل الجهات الفلسطينية المختصة أن تهتم بهذا الفن، نظرا لوجود شباب لديهم الموهبة والخبرة بفن الرسم، ومن الضروري أن تمد لهم يد المساعدة «من أجل أن نبني دولة متكاملة تتوافر فيها الثقافة والتربية والفن، الذي هو عنصر مهم في بنائها».

مشاركة :