دخلت المواجهة مع جماعة الحوثيين في اليمن مرحلة أخرى من التصعيد، بعدما صدت قوات الأمن اليمنية في صنعاء أمس تظاهرة حاشدة لهم، حاول المشاركون فيها اجتياز الحواجز المحيطة بمبنى رئاسة مجلس الوزراء، ما أدى إلى مقتل عشرة محتجين وإصابة عشرات بقنابل الغاز والرصاص الحي، غداة تهديد زعيمهم عبدالملك الحوثي بخطوات تصعيدية «استراتيجية» إذا لم تُستَجَب مطالب جماعته بإسقاط الحكومة وإلغاء الزيادة في أسعار الوقود. وتحدثت قناة «العربية ليل أمس، عن قرار وزاري بإقالة المدير العام لشرطة صنعاء، على خلفية الحادث. وفيما جدد الطيران الحربي أمس قصفه مواقع للحوثيين في محافظة الجوف ومخازن للذخيرة لليوم الثالث على التوالي، أعلنت وزارة الدفاع أن قوات الجيش أحبطت فجر أمس هجوماً لتنظيم «القاعدة» استهدف نقطة عسكرية في وادي سر وسط حضرموت (شرق)، ما أدى إلى مقتل عشرة مسلحين وتفجير سيارة مفخخة وسقوط جنديين. وروى شهود لـ «الحياة» «إن قوات الأمن ومكافحة الشغب استخدمت قنابل غاز وخراطيم مياه وأطلقت الرصاص الحي في صنعاء لصد تظاهرة للحوثيين شارك فيها آلاف، وحاولت اجتياز الحواجز المحيطة بمبنى رئاسة الوزراء لاقتحامه. كما أرسلت السلطات تعزيزات من الجيش فككت خيماً حاول المتظاهرون نصبها حول مقر الحكومة». وأكد ناشطون حوثيون ومصادر طبية حكومية أن عدد القتلى ارتفع إلى عشرة أشخاص، وأصيب 50 بحالات اختناق نتيجة الغاز المسيل للدموع وجُرح آخرون بالرصاص ونُقلوا إلى عدد من المستشفيات الحكومية. وجاءت التظاهرة الحاشدة غداة خطاب لزعيم الحوثيين، أكد فيه تمسكه بالمطالب المعلنة قبل وقف الاحتجاجات، وهي إسقاط الحكومة وإلغاء الزيادة في أسعار الوقود وإشراك جماعته في القرار السياسي، مشيراً إلى وجود اتصالات مع الأطراف الحكومية للتوصل إلى حل للأزمة. وهدد الحوثي بخطوات تصعيدية إضافية قائلاً: «إذا لم تُستَجَب المطالب الشعبية سنلجأ إلى خيارات استراتيجية تتعدى صنعاء ومحيطها، وسنتشاور فيها مع القوى والشخصيات الشريفة في هذا الوطن». ويطوق آلاف من المسلحين الحوثيين منذ أكثر من ثلاثة أسابيع محيط العاصمة من كل الجهات، انتظاراً لـ «ساعة الصفر»، كما يتجمع آلاف في مخيمات أقاموها في شارع المطار ومحيط عدد من الوزارات والمصالح الحكومية، في سياق ما يسمونه «التصعيد الثوري». وحمّلت اللجنة الأمنية العليا الحوثيين مسؤولية أحداث أمس، واتهمت الجماعة بأنها دفعت عناصرها لاقتحام مبنى مجلس الوزراء ومبنى إذاعة صنعاء، مؤكدة «سقوط عدد من الضحايا من حراسات مجلس الوزراء وإذاعة صنعاء»، وفي صفوف من حاولوا اقتحام مبنى المجلس. ونفت اللجنة أن يكون الجنود هم الذين بادروا بإطلاق النار، وأكدت أن مصدره «عدد من الأشخاص المنتشرين في محيط الإذاعة ومجلس الوزراء، ومن أوساط محاولي الاقتحام الذين تتعقبهم الأجهزة الأمنية». إلى ذلك، اتهم الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبدالسلام السلطات بإطلاق النار على «المتظاهرين السلميين». وقال في تصريح نشره على صفحته الرسمية على «فايسبوك» إن «انتهاج السلطة للقمع وإطلاق الرصاص الحي يثبتان أنها هي من يسعى إلى الدفع بخيارات أخرى غير الخيار السلمي والشعبي، لتفرضها فرضاً على الشعب». وتخوض الجماعة معارك عنيفة في محافظة الجوف في مواجهة قوات حكومية يدعمها مسلحو القبائل الموالون لحزب «الإصلاح». وكانت الجماعة رفضت مبادرة قدمتها لجنة رئاسية ووافقت عليها غالبية الأطراف، تتضمن إقالة الحكومة وتشكيل حكومة شراكة وطنية، إلى جانب خفض جزئي للزيادة الأخيرة في أسعار الوقود. وأكدت مصادر قبلية وأمنية أمس أن الطيران الحربي قصف لليوم الثالث على التوالي، مواقع للحوثيين ومخازن للسلاح في مديريتي المطمة والزاهر، في حين دارت معارك «كر وفر في مديريتي الغيل ومجزر». وفي نيويورك دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «كل الأطراف اليمنيين الى الامتناع عن مفاقمة التوتر في ظل الوضع الهش» الذي يعيشه اليمن معرباً عن القلق جراء استمرار التوتر في صنعاء ومناطق أخرى من البلاد. وشدد بان على أن «الطريق الوحيد أمام اليمن هو الحل السياسي من خلال حوار مباشر مبني على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والاتفاقية الانتقالية”. وقال إن المبعوث الخاص الى اليمن جمال بنعمر «على اتصال مع كل الأطراف وهو في طريقه الى صنعاء».
مشاركة :