الضجيج الذي يسود حول استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وإقامته الجبرية في المملكة العربية السعودية نقضته الوقائع الميدانية، فغداة لقائه أمس الاول في الرياض الملك سلمان بن عبدالعزيز، انتقل الرئيس الحريري امس الى أبو ظبي، حيث التقى ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتم عرض العلاقات الاخوية والاوضاع والتطورات في لبنان، ثم عاد الى الرياض. ورحب الشيخ محمد بن زايد «في بداية اللقاء بزيارة الرئيس الحريري وبحث معه العلاقات الأخوية وسبل تعزيزها. واطلع على الأوضاع في لبنان وتطورات الأحداث فيها، مؤكدا وقوف دولة الامارات العربية المتحدة إلى جانب لبنان في شأن التحديات والتدخلات الاقليمية التي تواجهه وتعيق طريق البناء والتنمية فيه وتهدد سلامة وأمن شعبه الشقيق». وتمنى الشيخ محمد للرئيس الحريري «التوفيق والنجاح في سبيل خروج لبنان من محنته والسعي إلى تحقيق طموحات الشعب اللبناني في حياة كريمة وآمنة». استنفار سياسي وفي وقت أكد رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة انه على تواصل مع الرئيس الحريري، وقد اجرى اخر اتصال به مساء امس الاول، مؤكدا ان الاولوية اليوم لعودته، يشهد لبنان الرسمي أوسع استنفار للدولة بأركانها ومسؤوليها وقياداتها السياسية لحصر تداعيات ومضاعفات استقالة الحريري المجهولة الدوافع والخلفيات، لكن مجمل الاتصالات بالداخل والخارج والاجتماعات المكوكية لم تفضِ حتى الساعة على ما يبدو الى «فك شيفرتها». واذا كان قصر بعبدا الرئاسي تحول الى خلية نحل لا تهدأ مع مشاورات واجتماعات مكوكية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرؤساء السابقين للجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، ورؤساء أحزاب وفاعليات سياسية، لبحث تداعيات الاستقالة، فإن مقرات عدة أخرى لأقطاب سياسيين وروحيين بدت بدورها في حال استنفار دائم في مقدمها دار الفتوى، للاتفاق بين أبناء الفريق الواحد على موقف سني موحد مما يجري والتشاور مع مسؤولين سياسيين ودبلوماسيين في ما آلت اليه الاوضاع اللبنانية. وبينما يجمع المسؤولون في الدولة على اعتبار الوقت مبكرا للحديث عن قبول استقالة واجراء استشارات التكليف النيابية لتشكيل حكومة جديدة، في انتظار اتضاح مشهد الاستقالة، يجري الحديث عن سيناريو وحيد يمكن ان يلي مرحلة اتضاح الرؤية وعودة الحريري الى البلاد عنوانه اعادة تكليفه لتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة من السياسة، كخيار وحيد متاح في هذا الظرف بالذات وفي ضوء المعطيات المستجدة بفعل الاستقالة واسبابها ونتائجها، ذلك ان حكومة من هذا النوع لا تعيد الغطاء الرسمي لحزب الله الذي فتحت معه المواجهة على مصراعيها، خاصة بعد اعلان وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، إن بلاده سوف تعامل الحكومة اللبنانية على أنها حكومة إعلان حرب على المملكة بسبب حزب الله. وأردف السبهان محذرًا على اللبنانيين أن يعوا هذه المخاطر، وأن يعملوا على تدارك الأمور قبل أن تصل إلى نقطة لا رجعة فيها. وتابع: إذا وصلت الأمور إلى المضرة والمشاركة في حرب ضد المملكة، فسوف نقف أمام هذه المحاولات بكل قوة وبكل حزم، وآمل ألا يجربوا كما جرب غيرهم تحركات المملكة على هذا الصعيد. وقال السبهان ان بلاده لن ترضى أن يكون لبنان مشاركا في حرب على المملكة، وستكون المسارات السياسية وغير السياسية متاحة للمملكة على جميع الأصعدة، وعلى لبنان وعلى اللبنانيين أن يعوا هذه المخاطر. لقاءات القصر ولا يزال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على موقفه في ما يتعلق بالتريث في قبول الاستقالة وعدم الذهاب إلى أي خطوة قبل أن يلتقي الرئيس الحريري شخصيا، ويستمع الى ما لديه في هذا الخصوص. وبحسب ما اكدت مصادر القصر الجمهوري، فإن تصريف الأعمال يحتاج إلى وجود رئيس الحكومة في لبنان وتحديدا في السراي الحكومي. هذه الأسباب، اضافت المصادر، شرحها عون في لقاءات المشاورات التي عقدها امس مع الشخصيات السياسية. وقالت «لا شيء في الدستور ينص على أن الاستقالة يجب أن تقدم بشكل خطي أو مباشر، فمجرد اعلانها من رئيس الحكومة، يعني أنها تمت. لكن وعلى رغم ذلك، فإن رئيس الجمهورية يصر على التريث واستيعاب الموضوع وتحضير الأرضية للمرحلة المقبلة». وكان عون بدأ اجتماعاته التشاورية، بلقاء مع الرئيس امين الجميل الذي اعتبر «ان كل تسوية لها اجل وربما البعض اعتبر ان اجل التسوية الحالية قد حان، لذلك قدم الرئيس الحريري استقالته»، تلاه الرئيس ميشال سليمان الذي طمأن الى «ان الازمة ستمر بخير»، معتبراً «ان الحكومة الحيادية او التكنوقراط افضل حل لإجراء الانتخابات، تتزامن مع تشكيل هيئة الحوار الوطني لإعادة التأكيد على «إعلان بعبدا» ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية». وفي حين لفت الرئيس نجيب ميقاتي الى «ان تريّث الرئيس عون في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة من باب الحكمة»، شدد الرئيس فؤاد السنيورة على «ضرورة تصويب البوصلة وإعادة الاعتبار على الصعيد الداخلي عبر احترام «اتفاق الطائف» والدستور واستعادة الدولة القوية المسؤولة عن كامل أراضيها». ومن زوّار قصر بعبدا ايضاً، النائبة بهية الحريري، تيمور وليد جنبلاط والنائب غازي العريضي نيابة عن النائب وليد جنبلاط الذي تعرض لوعكة صحية، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية.(ا ف ب، رويترز، الاناضول)
مشاركة :