الرياض، واشنطن - وكالات - أكد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي الذي يرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن الشركات التابعة كلياً أو جزئياً لبعض المتهمين والموقوفين على خلفية موجة التحقيقات في قضايا فساد ستواصل عملها، مشدداً على أن ذلك سيدعم الاقتصاد المحلي، وذلك في قرار يأتي بالتزامن مع الإعلان عن تجميد الحسابات الشخصية للموقوفين. جاء ذلك خلال اجتماع عقده المجلس، ليل أول من أمس، برئاسة ولي العهد السعودي، أكد خلاله أن تعزيز النزاهة ومنع هدر المال العام يصبان في «مصلحة النمو المستدام للاقتصاد الوطني، ويزيدان من عدالة الفرص بين منشآت القطاع الخاص والشركات والمؤسسات المحلية والأجنبية». ورأى المجلس في تلك الإجراءات «أهمية في ضمان الاستقرار وحماية الفرص الاستثمارية، وتحقيق المناخ العادل لكل المستثمرين المحليين والدوليين»، مشدداً على التزام الحكومة السعودية بـ«حماية حقوق الأفراد والمؤسسات الخاصة والشركات الوطنية ومتعددة الجنسيات داخل وخارج المملكة، بما في ذلك القطاعات التجارية والمالية والاقتصادية المملوكة جزئياً أو كلياً لبعض المتهمين والموقوفين». وكلف الأمير محمد بن سلمان الوزراء المعنيين بـ«اتخاذ كل ما يلزم لتمكين الشركاء والإدارات التنفيذية في تلك الشركات والمؤسسات بمواصلة أنشطتها الاقتصادية ومشروعاتها ومعاملاتها المالية والإدارية، في ضوء أنظمتها ولوائحها الداخلية والمحافظة على حقوق كافة الأطراف ذوي العلاقة». ولفت المجلس إلى أن استمرار عمل تلك الكيانات يشكل دعماً للاقتصاد الوطني، ويحافظ على جاذبية المناخ الاستثماري بالمملكة، ويسهم في خلق فرص وظيفية، بما يعزز حماية الحقوق ويضمن التنافس العادل، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية الرسمية. يشار إلى أن عدداً من الأمراء والمسؤولين السابقين والأثرياء الذين شملتهم عمليات التوقيف، في إطار حملة مكافحة الفساد الجارية منذ السبت الماضي، يملكون مؤسسات تجارية ومالية وإعلامية كبيرة لديها امتدادات إقليمية ودولية. وفي السياق، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن الحملة ضد الفساد ستؤدي إلى مصادرة أرصدة وأموال تابعة للمحتجزين تبلغ قيمتها نحو 800 مليار دولار. ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصدر وصفته بالمقرب من الحكومة السعودية قوله «إن السلطات السعودية تعتزم مصادرة مبالغ تتراوح بين 2 و3 تريليون ريال (ما يعادل نحو 800 مليار دولار)»، مشيراً إلى أن كافة الأرصدة المصادرة من المعتقلين بتهمة الفساد ستصبح ملكاً للدولة السعودية. وذكرت الصحيفة أن حملة مكافحة الفساد أدت إلى اعتقال أكثر من 60 شخصاً، من بينهم أمراء وموظفون ورجال أعمال ومسؤولون رفيعو المستوى، مضيفة أن البنك المركزي السعودي جمد حسابات مصرفية للأشخاص المتهمين، لكنه لم يوقف عمل شركاتهم. وأوضحت أن هذه الخطوات هي بداية لحملة اعتقالات واسعة تهدف إلى اجتثاث الفساد من المملكة، مشيرة إلى أن التحقيق لا يزال جارياً وفي مراحله الأولية. وحسب معلومات الصحيفة، فإن جزءاً كبيرا من تلك الأرصدة يُحتفظ بها في الخارج، الأمر الذي سيعقّد محاولات إعادة الأموال إلى السعودية. وفي السياق نفسه، أعلنت مؤسسة النقد السعودي (ساما) أن تعليق الحسابات المصرفية للموقوفين على ذمة قضايا تتعلق بالفساد لن تشمل شركاتهم، لافتة إلى أن التجميد يتعلق بالحسابات الفردية، بدلاً من الأعمال التجارية للشركات، مشيرة الى استمرار التحويلات النقدية القانونية عبر القنوات المصرفية. وقال محافظ المؤسسة أحمد عبدالكريم الخليفي، في بيان، «إن الإجراء الذي اتخذته المؤسسة كان استجابة لطلب النائب العام، وذلك إلى حين صدور أحكام قضائية نهائية بحقهم». وأضافت المؤسسة، في البيان، «لا تزال شركاتهم التجارية غير متأثرة، ومن بينها الأعمال المعتادة لكل من البنوك والشركات». بدوره، أعلن وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي أن الشركات بما يشمل تلك المملوكة من الشخصيات الموقوفة، ستستفيد من «الحماية الكاملة» بموجب القانون، مؤكداً أن الإجراءات والتحقيقات التي تقوم بها لجنة مكافحة الفساد بحق عدد من الموقوفين لن تؤثر في الأعمال والمشاريع الجارية. في غضون ذلك، نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية عن مصدر سعودي قوله إن نتائج التحقيقات مع الموقوفين «ستُعلن فور الانتهاء منها»، معرباً عن استغرابه لما وصفها بـ«تأويلات بعض وسائل الإعلام بأن هذه الإجراءات يقصد بها أهداف اخرى وبطريقة غير دقيقة». وفي واشنطن، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت، في إفادة صحافية مساء أول من أمس، إن الولايات المتحدة لم تكن لديها معرفة مسبقة بالحملة على الفساد، مضيفة «نواصل تشجيع السلطات السعودية على ملاحقة المسؤولين الذين تعتقد أنهم فاسدون قضائياً، ونتوقع أن تفعل ذلك بطريقة عادلة وشفافة».
مشاركة :