لا تزال دول غرب افريقيا تصارع وباء ايبولا الذي تحاول ابطاء سرعة تفشيه مع تنامي الشعور بالعجز في ليبيريا حيال مكافحة المرض، في حين اعلنت سيراليون انها تتوقع تشخيص عشرات الاصابات الجديدة. وسيفرض هذا البلد حظرا للتجول في مختلف انحائه بعد تسعة ايام للكشف عن المرضى الذين لم يتوجهوا الى المستشفيات بعد. وبات ايبولا ينتشر في اربع دول في غرب افريقيا، بعد ان ظهر في غينيا بداية السنة وانتقل منها الى سيراليون وليبيريا ونيجيريا. في حين اعلن عن ارتياح نسبي في السنغال بعد شفاء مريض غيني. وقالت صوفي جان، المتحدثة باسم منظمة اطباء بلا حدود الدولية في ليبيريا "نحن في حالة ارتباك تام. المرضى يتدفقون علينا باعداد كبيرة". ولاحظ مراسل فرانس برس تدفق المرضى الى مركز مكافحة ايبولا في مونروفيا، بعد ان اصبحت ليبيريا اكثر البلدان معاناة من الوباء الذي لا يتوفر علاج له. واعرب وزير الدفاع الليبيري براوني ساموكاي الثلاثاء امام مجلس الامن الدولي عن اليأس الذي تشعر به بلاده امام الوباء "الذي يتفشى مثل النار في الهشيم، ويلتهم الأخضر واليابس". واضاف "ان وجود ليبيريا نفسها مهدد إلى حد كبير" امام اخطر موجة للوباء منذ التعرف على الفيروس في 1976. وتابع "ليس لدى ليبيريا مرافق صحية كافية ولا امكانات لوجستية ولا الخبرة المهنية والموارد المالية لمواجهة هذا الوباء بطريقة فعالة". واعلن متحدث باسم المفوضية الاوروبية الاربعاء ان المفوضية ستنظم الاثنين اجتماعا يضم عدة وزراء وعددا من الخبراء لتنسيق المساعدات التي يقدمها الاتحاد الاوروبي الى الدول المصابة. وكات اللجنة اعلنت الجمعة تخصيص 140 مليون يورو للدول الاربع المصابة في غرب افريقيا. كما اعلنت مؤسسة بيل غيتس الخيرية انها وضعت 50 مليون دولار "على الفور" تحت تصرف هيئات الامم المتحدة والمنظمات الدولية لشراء اللوازم الضرورية للعمليات العاجلة في البلدان المصابة. كما اعلنت انها ستسهم في الابحاث الجارية لوضع ادوية ولقاحات بهدف تسريعها. وقدمت المؤسسة حتى الان عشرة ملايين دولار لجهود مكافحة ايبولا. واودى الوباء حتى الان بحياة 2296 شخصا من اصل 4293 اصابة، توفي منهم 1224 في ليبيريا وحدها وفق اخر بيان لمنظمة الصحة العالمية في 6 ايلول/سبتمبر. وتعيش مونروفيا حالة مأسوية حيث يجد الوباء تربة خصبة بسبب تهالك البنى التحتية والمرافق الصحية. والاربعاء رفض مركز يكتظ بالمرضى استقبال المزيد، وقال مريض بدا عاجزا عن الوقوف امام المدخل لمراسل فرانس برس "جئت للعلاج، ولكنهم قالوا لي ان ليس لديهم مكان. اشعر بصداع وحرارة. ساعود الى بيتي". وبالقرب منه رفعت غريس صمويلز صوتها بالدعاء "ساعدنا يا رب. لا تجعل مصيرنا مثل هذا الرجل واعنه للعودة الى منزله". وازدادت النداءات في العاصمة الى تعزيز تدابير الوقاية. وتتردد هذه النداءات منذ اعلان منظمة الصحة الدولية الاثنين عن "توقع تسجيل الالاف من الاصابات الجديدة في ليبيريا خلال الاسابيع الثلاثة المقبلة". وتقول كلوبو جونسون البالغة من العمر خمسة واربعين عاما قبل مغادرة منزلها متوجهة لابنها "ايمانويل، لا تخرج من المنزل، ولا تفتح الباب لاحد". وتقول ردا على سؤال "انا خائفة، لا اعرف ماذا افعل، هل سنموت كلنا؟". ورغم تخفيف الحظر الليلي ساعتين ليصبح من التاسعة مساء الى السادسة صباحا، يخشى كثير من الناس التوجه الى المطاعم والمقاهي. وقال مدير مشرب في مونروفيا "الناس لا يأتون، انهم يخافون الخروج من منازلهم بسبب ايبولا". ويضيف "جاء رجل امس. شرب الكثير، وظل يردد ان الالاف سيصابون بايبولا خلال الاسابيع المقبلة" مستعيدا تحذير منظمة الصحة العالمية. وقالت المنظمة الثلاثاء انه لن يكون من الواقعي القول انه من الممكن وقف الوباء في المناطق التي تشهد انتشارا متسارعا، مثل مونروفيا. وقالت المنظمة ان الاجدى هو ان يتم العمل على وقف انتقال العدوى. وفي فريتاون، اعلنت الحكومة انها ستفرض على السكان في عموم البلاد البقاء في منازلهم لمدة 72 ساعة ابتداء من 19 ايلول/سبتمبر، وقالت ان 20 الف متطوع سيتجولون من منزل الى منزل بحثا عن مرضى محتملين لاصطحابهم الى المستشفى لتلقي العناية، وجمع الجثث. وحددت العملية الحكومية الطارئة عشر مناطق "ساخنة" في العاصمة ستتولى التعامل مع الحالات الجديدة، بينها مراكز عزل ومدارس مجهزة بأسرة. وقال ستيفن نغاوجا، المسؤول عن مركز التنسيق الحكومي المشرف على العملية "نتوقع اكتشاف حالات اضافية بزيادة 5 الى 20% خلال العملية الهادفة الى كسر حلقة انتشار العدوى" بالفيروس. وسجلت في سيراليون 500 وفاة من اصل نحو 1400 اصابة منذ ايار/مايو. واعلن وزير مالية سيراليون كايفالا مارا ان الوباء تسبب بتراجع النمو السنوي في البلاد بنسبة 7%، بدلا من 11,3% المتوقعة، وهي ادنى نسبة منذ ثلاث سنوات. واعلنت السنغال شفاء المريض الوحيد المصاب بالمرض لديها وهو طالب غيني عولج في مستشفى في العاصمة دكار. واصبحت السنغال في نهاية اب/اغسطس خامس بلد ينتشر فيه المرض بعد عدة انذارات خاطئة. ودخل الطالب قبل اغلاق الحدود مع غينيا في 21 اب/اغسطس. وفي تطور مواز، اعلن بعض طياري الخطوط الجوية الفرنسية رفضهم قيادة رحلات باتجاه الدول الافريقية المصابة، كما علم لدى نقابتهم، بعد قرار مماثل للمضيفين. وتحدث الطيارون عن "خطر محدق ووشيك" في غينيا وسيراليون ونيجيريا. والشركة هي بين قلة من الشركات التي لا تزال تنظم رحلة يوميا الى كوناكري في غينيا، وثلاث اسبوعيا الى لاغوس في نيجيريا. لكنها اوقفت في اب/اغسطس رحلاتها الى فريتاون، عاصمة سيراليون، بناء على توصية من الحكومة الفرنسية. وقال مسؤول في النقابة لفرانس برس انه يحق للعاملين الجويين سواء كانوا طيارين او مضيفين رفض المشاركة في الرحلة من دون اي عواقب مالية او ادبية.
مشاركة :