أرباح الشركات تدفع لارتفاع أكبر للأسهم - اقتصاد

  • 11/10/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعيش أسواق الأسهم في معظم الدول المتقدمة حالياً فترة إيجابية للغاية، في ظل استمرار مؤشرات الأسهم فيها بتحقيق المكاسب الجيدة ونجاحها بالوصول على الدوام إلى مستويات قياسية جديدة. ومن الطبيعي أن تمثل هذه المرحلة فترة تبعث على السرور في نفوس المسؤولين الحكوميين والمراقبين والمحللين، ولكن قبل هؤلاء جميعاً المستثمرون في قطاع الأسهم. ولكن على الرغم من هذه الموجة الإيجابية التي تشهدها الأسواق، إلا أنه وكالعادة في مثل هذه المراحل تبدأ التحذيرات بالانطلاق من جميع الاتجاهات. وقد انضم أخيراً إلى هذه الجوقة من المحذرين والمتشككين، بعض المراقبين والسياسيين والمعلّقين والاقتصاديين وعدد من مديري المحافظ أصحاب السمعة المميزة في الأسواق. ويبدو أن ما نسمعه حالياً أصبح عادة، حيث كلما ارتفعت الأسواق ووصلت مؤشرات الأسهم إلى مستويات قياسية جديدة تبدأ موجة من القلق والمخاوف بالانتشار بين الجميع. وباستخدام نظرية احتمالات بسيطة، لا بد من الإشارة إلى أنه كلما ارتفعت مؤشرات الأسهم تراجع مستوى الزخم، وتزايدت احتمالات خضوع الأسواق لعمليات تصحيح صغيرة أو عمليات توحيد، إذ إن حدوث ذلك يتبعه دورة في القطاعات وإعادة توزيع الأصول. ومن الواضح أن هناك الكثير من الأسباب التي تدفع مؤشرات الأسهم للوصول إلى مستويات قياسية جديدة، ويرتبط بعض هذه الأسباب بالأسس الجيدة للأسواق مثل مستوى التقييمات الجاذبة، والعرض والطلب على الأسهم، والسيولة العالية وأرباح الشركات. وترتبط بعض الأسباب الأخرى بالأسس الاقتصادية والسياسات النقدية، ولا بدّ من التذكير أن قيام معظم البنوك المركزية في الدول المتقدمة في عام 2008 بخفض معدلات الفائدة على مستويات منخفضة قياسية تقارب الصفر بالمئة وفي بعض المناطق إلى معدلات فائدة سلبية، كما في منطقة اليورو، أدى إلى توفر مستويات عالية جداً من السيولة عملت طوال الفترة الماضية على دعم الأصول المالية العالمية. ولم تتوجه معظم هذه السيولة إلى القطاعات الإنتاجية والأنشطة الاقتصادية، بل صبّت في الأسواق المالية العالمية، وبالإضافة إلى هذه المستويات العالية من السيولة كانت الأرباح النقدية المتراكمة للشركات التي تم استخدامها في عمليات إعادة شراء الأسهم وزيادة الأرباح لأغلب الشركات الكبرى. وقد تنخفض في الوقت الحاضر بعض هذه السيولة على خلفية ارتفاع النشاط الاقتصادي والإنفاق التجاري، ولم تستنزف البنوك المركزية حتى الآن السيولة من النظام المالي، ولكنها ستعمد في وقت ما من المستقبل على تنفيذ بعض التدابير واتخاذ بعض القرارات من أجل تشديد السياسات النقدية والحد من إمدادات السيولة. وبدءاً من الآن ينبغي على المستثمرين في قطاع الأسهم التركيز على أرباح الشركات، إذا كانوا يريدون تحقيق أداء جيد. وفي نهاية المطاف، فإن أداء سعر السهم يتبع الإيرادات والأرباح وليس السيولة فقط. إن معظم مؤشرات أسواق الأسهم باهظة الثمن على أساس تاريخي، ولكن عند الأخذ بعين الاعتبار مستوى أسعار الفائدة ومعدل التضخم والسيولة العالمية واستناداً إلى التقييمات الآجلة، فإن هذه الأسعار مازالت عند مستويات تبدو جاذبة. وبعد أخذ كل ذلك بعين الاعتبار يبقى السؤال الرئيسي والأهم بالنسبة للمستثمرين، هو كيف وشكل العملية الانتقالية التي سيقوم بها السوق بمجرد انعكاس تلك العوامل الداعمة؟ وتتوفر بعض الدلائل المشجعة على بدء الشركات بالعودة مرة أخرى إلى تحقيق الأرباح، وعلى الرغم من أن هذه الأرباح قد لا تكون بمستويات عالية، إلا أن ذلك يؤكد نجاح أرباح الشركات بالخروج من فترة الركود التي عاشتها على مدى السنوات القليلة الماضية. وتشكل الشركات الأميركية مثالا جيدا على ذلك، ووفقا لوكالة «بلومبرغ» فقد ارتفعت الأرباح التشغيلية للسهم الواحد للشركات الأميركية المنضوية ضمن مؤشر «S&P 500» بنسبة تتجاوز 8 في المئة بالربع الثالث من العام بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وينبغي أن توفر هذه الربحية المتجددة الدعم لأسواق الأسهم في المستقبل، على الرغم من أن ارتفاع الأجور الناجم عن ارتفاع معدلات التضخم والزيادات المستقبلية في أسعار الفائدة قد تعرّض هوامش الربح للمخاطر. وإذا ترافقت هذه التطورات الجديدة مع نمو اقتصادي عالمي أقوى، فقد يكون من المقبول تسجيل إيرادات أقوى، لمواجهة أي انخفاض في هوامش الربح وتوفير الدعم للأرباح. ومما لا شك فيه أن مشروع الإصلاح الضريبي للشركات والأفراد في الولايات المتحدة المقترح من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سيوفر عند إقراره والبدء العمل به دفعة كبيرة لإيرادات الشركات وأرباحها. واعتماداً على القطاع، فإن تخفيض الضرائب ينبغي أن يصبّ في مصلحة معظم الشركات باستثناء تلك التي تدفع بالفعل معدلات ضريبية منخفضة. وينبغي أن يؤدي انخفاض معدل الضريبة بنسبة 10 في المئة إلى زيادة الأرباح بنسبة 12 في المئة على الأقل، ولقد بدأت أسواق الأسهم الأميركية أخذ فرص التخفيضات الضريبية بالفعل في بعض القطاعات المحددة والشركات الفردية أيضاً. وتتوقع تقديرات المحللين الحالية ارتفاع أرباح الشركات الأميركية بنسبة 10 في المئة عام 2018، وقد تبدو هذه التوقعات متفائلة جداً ولكن من الممكن أن تحدث في ظل تحول الدورة الاقتصادية، لتكون دورة موجهة نحو تحقيق المزيد من النمو. ونحن نعتقد أن زخم الأرباح سيتسارع لبعض القطاعات المحددة مثل قطاع التكنولوجيا المتقدمة، وقطاع التعدين، وقطاع البيع بالتجزئة، وقطاع البنوك والقطاع الصناعي. وينبغي أن يكون المستثمرون في الأسهم أكثر نشاطا في تلك القطاعات، وأن يضعوا أنفسهم في مواقع تتيح لهم الاستفادة من اتجاهات هذه الإيرادات في العام المقبل. ويُعد قطاع التكنولوجيا من أكثر القطاعات جاذبية من وجهة نظر التقييم الأساسية، بما أن لهذا القطاع هوامش أعلى بالمقارنة مع أيٍّ من قطاعات سوق الأسهم الرئيسية الأخرى وتوقعات نمو الإيرادات له قوية جداً. إننا بشكل عام نشعر بإيجابية شديدة بفضل كافة المؤشرات المتوفرة، ونشعر بالتفاؤل للعامين المقبلين، كما نعتقد أن أسواق الأسهم ستنتقل بنجاح إلى مرحلة تحقيق الأرباح، بدلاً من استمرار اعتمادها على معدلات السيولة النقدية العالية التي توفرها معظم البنوك المركزية. وقد يؤدي الارتفاع التدريجي في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، إلى إيجاد رياح عكسية في أسواق الأسهم الأميركية، ولكن يجب على المستثمرين التركيز على القطاعات التي يمكن أن تستفيد من مستويات النمو، ومعدلات التضخم وبيئة أسعار الفائدة التي نتوقعها في السنوات المقبلة.

مشاركة :