حافظت المنافذ اليمنية على رمق حياة الملايين، خلال عامين ونصف العام من الحرب، لكن خطوط الإمداد التي نقلت أطنان الغذاء والدواء وحالت دون حدوث مجاعة في البلد الفقير، باتت مسرحاً لصراع إقليمي متفاقم.الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون صوب العاصمة السعودية الرياض في الرابع من نوفمبر الجاري كان كفيلاً بدفع التحالف السعودي نحو قرار إغلاق جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية في اليمن. وزعم التحالف أن القرار يهدف إلى «سد الثغرات الموجودة في إجراءات التفتيش التي تسببت في استمرار تهريب الصواريخ من إيران إلى حلفائها الحوثيين». لم يخلق القرار حالة من الذعر لدى جماعة «أنصار الله» (الحوثيين)، التي واصلت استعراض الصواريخ الجديدة، لكنه أنتج خلال ساعات سلسلة من الأزمات المعيشية في بلد كان يشهد منذ اندلاع النزاع، أحد أهم الأزمات الإنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة. واستغل بعض التجار إغلاق المنافذ لرفع أسعار السلع الأساسية بشكل مضاعف، فيما شهدت غالبية المدن اليمنية أزمة خانقة للوقود بمشتقاته، وسط إعلان الأمم المتحدة توقف المساعدات الإنسانية، بعد تلقيها بلاغاً من التحالف بسحب السفن المرابطة قرب ميناء الحديدة غربي البلاد. ورغم إعلانه أن الإغلاق «مؤقت» وسيراعي استمرار دخول وخروج طواقم الإغاثة أو المساعدات الإنسانية وفق إجراءات محدثة؛ إلا أن التحالف رفض خلال الأيام القليلة الماضية السماح لطائرتين أمميتين بالوصول إلى اليمن، وفقاً للأمم المتحدة. وفيما يلي تستعرض الأناضول أبرز المنافذ اليمنية التي تم إغلاقها والقوى التي تسيطر عليها، وحجم الإمدادات التي كانت تصل إلى اليمنيين عبرها. الحديدة والصليف من أبرز المنافذ البحرية الواقعة على البحر الأحمر غربي اليمن وأكبرها، تقول الأمم المتحدة إنه يستقبل 75 % من الواردات الخاصة باليمن من بضائع وإغاثة. وتسيطر جماعة الحوثي على الميناء التابع لمحافظة الحديدة منذ أواخر العام 2014، لكنه ساهم بعد انطلاق عملية «عاصفة الحزم» في 26 مارس 2015، في إجلاء بعض الرعايا الأجانب بحراً، وعلى رأسهم البعثة الدبلوماسية الصينية، بعد إغلاق مطار صنعاء آنذاك. ويتهم التحالف جماعة الحوثي باستغلال الميناء الاستراتيجي، لشن هجمات على السفن التابعة له واستقبال الأسلحة المهربة من إيران، فيما تقول الحكومة الشرعية إن الميناء كان أحد أبرز مصادر قوة الحوثيين الاقتصادية؛ إذ يجنون من وراء إدارته مليارات الريالات يومياً. وبجانب ميناء الحديدة، يسيطر الحوثيون في المحافظة الساحلية ذاتها على ميناء أصغر هو ميناء الصليف، وهو ميناء محلي يستقبل السفن الكبيرة نظراً لعمق غاطسه الأكبر. مطار صنعاء كان المنفذ الجوي الرئيسي لليمن، لكن سيطرة الحوثيين عليه جعلت التحالف يفرض حظراً جوياً على الرحلات، منذ 9 أغسطس 2016، باستثناء الطائرات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية. ومع توقف الرحلات التجارية عبره منذ أكثر من عام، قد يشمل القرار الأخير الطائرات الإغاثية. وأعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن التحالف رفض منح طائرتين تابعتين لها تراخيص بالهبوط في مطار صنعاء. ولا يتمكن من الهبوط في المطار سوى طائرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة «أطباء بلا حدود»، فضلاً عن طائرات أممية. مطار عدن بعد حظر الرحلات في مطار صنعاء، أصبح مطار عدن (جنوب)، المنفذ الجوي الأول لليمن، رغم اضطراب الرحلات فيه جراء الأوضاع الأمنية خلال العام الماضي. ويقطع سكان المحافظات الشمالية والقاطنين في العاصمة صنعاء، قرابة 11 ساعة براً إلى المدينة الجنوبية من أجل السفر إلى الخارج. ويخضع المطار لسيطرة قوات موالية للتحالف العربي، وخلال الأشهر الماضية، كان مسرحاً لمعارك بين قوات تابعة للحماية الرئاسية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي وقوات تدعمها الإمارات، أدت لسيطرة الأخيرة على المطار، وهو ما يعني استحالة تهريب أي أسلحة عبره. ميناء عدن ثاني أكبر الموانئ اليمنية وأهمها بمنطقة خليج عدن، وساهم بعد اندلاع الحرب وتوقف المطارات في إجلاء مئات الرعايا والبعثات الخليجية، عقب اقتحام الحوثيين عدن في مارس 2015، وتسيطر عليه قوات موالية لحكومة «هادي» والتحالف. مطار سِيؤون يقع في محافظة حضرموت (شرق)، وتسيطر عليه القوات الحكومية، وهو ثاني وآخر المنافذ الجوية المتاحة في اليمن بعد مطار عدن، وشهد خلال العام الجاري، قرابة 70 ألف رحلة جوية حسب إحصائيات رسمية، وأغلب المسافرين من سكان المحافظات الشمالية. منفذ الوديعة البري يعد أحد أبرز المنافذ البرية التي تربط بين اليمن والسعودية، ويقع في محافظة حضرموت تحت سيطرة القوات الحكومية. شكّل المنفذ خلال الحرب أحد أبرز خطوط الإمداد لتدفق البضائع من السعودية إلى اليمن ووصولها بشكل دائم، كما ساهم في نقل الحجاج اليمنيين والمقيمين الذي ينتقلون براً إلى المملكة عبر حافلات نقل جماعي.;
مشاركة :