قالوا «من لا يتعب بقرشه، سرعان ما يخسره»، لأنه لم يجتهد للحصول عليه وبذلك لا يعرف قيمته، فيخسره سريعا. وكذلك الثروة المجانية، حين تهبط على شعب، فلا يعرف قيمتها أو سبل المحافظة عليها. فنحن نتقن بناء العمران والمجمعات لا الإنسان. انظروا لمجمعات تجارية كبرى... لا توجد فيها مكتبات أو مسارح أو قاعة فنون أو غاليري لوحات أو متحف. مجمعات تجارية تروج للاستهلاك. تأكل فيها وتشرب وتشتري... غالباً أشياء لا تحتاجها ولا تحبها. نجهل بناء الإنسان. بناء فكره. عقله. شخصيته وأخلاقه. أما في مكتبات بريطانيا الكبرى، تجد استراحات وكافيهات وأماكن للاسترخاء وأخذ قيلولة، ثم متابعة القراءة... إنه مجمع بصورة مكتبة. شاهدت منذ أيام مكتبة أسطورية في العاصمة بكين، فيها 5 آلاف مقعد مجهزة بكل سبل الراحة والجمال والتنظيم لتسهيل سبل الإطلاع. لماذا؟ لأنهم يقدرون فكر الإنسان ويعملون المستحيل لجعله يهتم به، لتطويره وتثقيفه. أما نحن فالعكس... نطور ونجمل العمران ونهمل العقل. لكن المستقبل لن يتحقق من دون عقول تفكر وتبدع وتبتكر. فكيف سيكون لدينا مستقبل من دون عقول ذكية مجتهدة؟ نشرت صورة وضعها أحدهم لمكتبة شارع في مصر... خزانة صغيرة فيها كتب مستعملة. تأخذ كتابا وتترك آخر قرأته وانتهيت منه. وهكذا يشارك بها كل سكان الشارع ويجلسون أحيانا في الكافيه أو السوق يتكلمون حول كتاب ما ويناقشونه. تفاعل الكثيرون معها ودعوا لتنفيذها خصوصاً بعد جمود وموت المكتبة العامة المهملة بلا تنظيف أو تجديد أو متابعة ونشاطات. أما زيارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لمعرض الشارقة، فكان من أجمل نشاطات هذا الأسبوع، حين ألقى خطابه البليغ الذي قال فيه إن الإمارات تستمر بالقراءة والتنمية لأن الكتاب أساس المعرفة وهو ما يبني الإنسان. فليتنا ننتبه أن بناء الأمم ليس بالعمران بل بالإنسان.
مشاركة :