استعاد تنظيم «داعش» أمس، إثر هجوم مضاد نصف مساحة البوكمال الحدودية مع العراق، غداة إعلان جيش النظام السوري وحلفائه السيطرة بالكامل على المدينة التي تعد الأخيرة بيد التنظيم الإرهابي في سورية. وشنّ التنظيم مساء الخميس هجوماً مضاداً أتاح له صباح أمس، الاستيلاء على أحياء عدة في الجزء الشمالي من المدينة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن تنظيم «داعش» سيطر على «أكثر من 40% من المدينة، تتركز في أحياء في شمالها وشمال شرقها وشمال غربها». وأوضح أن التنظيم «يحاول الدفاع عن آخر معاقله» في سورية، حيث لاتزال الاشتباكات العنيفة مستمرة. وانكفأ التنظيم في مواجهة هجمات ضده على طرفي الحدود السورية العراقية، إلى مدينة البوكمال. إلا أن قوات النظام السوري وحلفاءها حققت تقدماً سريعاً باتجاه المدينة، عززه سيطرة القوات العراقية الأسبوع الماضي على قضاء القائم على الجهة المقابلة للحدود. ويؤكد عبدالرحمن أن «حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، ومقاتلين عراقيين شكلوا عماد المعركة لطرد التنظيم من البوكمال». وأجبرت المعارك باتجاه البوكمال منذ أسابيع نحو 120 ألف شخص على النزوح من المدينة، وفق تقديرات الأمم المتحدة. وكانت المدينة «خالية من المدنيين»، بحسب عبد الرحمن، حين سيطرت عليها قوات النظام. ويسعى الكثير من المدنيين إلى الفرار من مناطق سيطرة التنظيم، حتى إنّ بعضهم يهيم في المناطق الصحراوية حيث تنعدم الاتصالات. وسيطر تنظيم «داعش» منذ صيف 2014 على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، وعلى الأحياء الشرقية من المدينة، مركز المحافظة. إلا أنه على وقع هجمات عدة شنتها أطراف متعددة، خسر التنظيم المتطرف خلال الأسابيع الماضية الجزء الأكبر من المحافظة، وطُرد بشكل كامل من مركزها مدينة دير الزور. وتشكل محافظة دير الزور مسرحاً لعمليتين عسكريتين منفصلتين، الأولى يقودها جيش النظام السوري وحلفاؤه بدعم روسي عند الضفاف الغربية لنهر الفرات حيث تقع دير الزور والبوكمال، والثانية تخوضها قوات سورية الديمقراطية، وهي فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن، عند الضفاف الشمالية للنهر الذي يقسم المحافظة. وتحقق قوات سورية الديمقراطية منذ أسابيع تقدماً ضد التنظيم في منطقة يغلب عليها الطابع الصحراوي، وتمكنت الخميس من طرد المتطرفين من أربع قرى جديدة. وأثبتت قوات سورية الديمقراطية على مر العامين الماضيين فعاليتها في القتال، وطردت التنظيم من مناطق واسعة في شمال سورية، أبرزها مدينة الرقة معقله السوري الأبرز سابقاً. ونتيجة طرد التنظيم من أغلبية المناطق التي أعلن منها «خلافته» في عام 2014، أفاد التحالف الدولي بتراجع في غاراته الجوية الداعمة للقوات العراقية من جهة، وقوات سورية الديمقراطية من جهة ثانية. واستعادت قوات النظام السوري خلال العامين الماضيين زمام المبادرة الميدانية بفضل الدعم الجوي الروسي أساساً. وباتت تسيطر اليوم على 52% من مساحة البلاد، بعد معارك على جبهات مختلفة سواء ضد التنظيم أو الفصائل المعارضة. وبات تنظيم «داعش» يسيطر على 30% فقط من مساحة محافظة دير الزور تضم نحو 30 قرية وبلدة على ضفاف نهر الفرات، فضلاً عن منطقتين صحراويتين، الأولى في الريف الشرقي حيث تخوض قوات سورية الديمقراطية بدعم أميركي عمليات ضده، والثانية في الريف الجنوبي حيث يقاتله جيش النظام السوري وحلفاؤه. ولايزال تنظيم «داعش» يسيطر على جيوب محدودة في محافظة حمص، فضلاً عن حي الحجر الأسود وجزء من مخيم اليرموك في جنوب دمشق. ولم يعد أمام القوات العراقية من جهتها سوى استعادة قضاء راوة المجاور ومناطق صحراوية محيطة من محافظة الأنبار، لتعلن استعادة كل الأراضي التي سيطر عليها التنظيم عام 2014.
مشاركة :