أغلب الناس يريدون «طولة العمر»، على شرط أن يستمر معهم الشباب لأطول فترة ممكنة، لهذا لا يتورع كثير منهم عن الكذب عندما يسألهم من لا يعرفهم عن أعمارهم الحقيقية، فينقصونها بالكلام عدة سنوات؛ بل إنه سبق لي أن عرفت رجلاً توفاه الله، قد زوّر في تاريخ حفيظة النفوس إلى درجة أن الفارق بين عمره وعمر أكبر أبنائه أصبح ثلاث سنوات فقط، طبعاً هو الأكبر.والغريب أن الرجل عموماً عندما يتجاوز الثمانين من عمره – وهذه تسمى مرحلة «اليأس» – تنقلب الآية؛ عندها يبدأ الكذب، لا في تصغير عمره، لكن في تكبيره.وبالمناسبة، فقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية سنة 1930 مقالاً تحدثت فيه عن كشف البروفسور وونغ تشنغ تشي، مخطوطات تعود للحكومة الإمبراطورية الصينية، بتاريخ 1827. وتحدثت تلك المخطوطات عن تهنئة العجوز الصيني لي تسينغ أوين بعيد ميلاده الـ150، كما أن وثائق أخرى بينها كشفت عن تهنئته بعيد ميلاده الـ200، وذلك في عام 1877. وهو يعيش على نظام غذائي مكون من أعشاب الجنسينغ البري، والتوت، ونبيذ الأرز.وبحسب أحد تلامذة المعمر لي، فإنه التقى في إحدى المرات رجلاً يبلغ من العمر 500 سنة، واسمه لي هو، وهو الذي وصاه باتباع نظام غذائي خاص، من شأنه أن يطيل من متوسط عمر الإنسان، وأن يتجاوز الحدود البشرية المعروفة في سنوات العيش والصحة السليمة. وقد نصحه وقال له: «دع الهدوء يسيطر على قلبك، واجلس مثل السلحفاة، وامشِ مثل الحمامة، ونم مثل الكلب». انتهى.كل ما تقدم من كلام هو أشبه ما يكون بالأساطير، ولا أقول الأكاذيب؛ لأن جميع الكائنات الحيّة لها عمر افتراضي من المستحيل أن تتجاوزه.والكائن الوحيد الغريب والعجيب هو ما يسمى دب البحر، أو الـ«Tardigrade»، وهو الذي يستطيع أن يقاوم البرد والحر والجفاف وحتى فراغ الفضاء، وهو يتميز بقوة خارقة تساعده على تحمل أصعب الظروف من خلال تقليص نفسه ليصبح شبه جاف، فلا تظهر عليه أي علامة للحياة، إثر ذلك يصبح نشاطه الأيضي بالكاد قابلاً للقياس، وأحياناً يتوقف تماماً؛ لكنه قابل للاستعادة، وينطبق عليه القول: «سبحان من يحيي العظام وهي رميم».والكلام الوحيد الذي نؤمن ونصدق ونسلم به نحن، هو الإعجاز الذي جاء به الذكر الحكيم، عندما قال في سورة الكهف: «ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً»، وكذلك في صورة العنكبوت: «ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً»، صدق الله العظيم.
مشاركة :