سلّطت صحيفة «جلوب آند ميل» الكندية الضوء على ما يفعله النظام السعودي بمنطقة الشرق الأوسط، وقالت إن لبنان يمر بأزمة محتملة لم يشهدها من قبل، مع اعتبار ولي العهد السعودي بن سلمان للبنان وحزب الله لاعبين خطيرين في المنطقة ويهددان أمن المملكة والأنظمة العربية التي تحاول تقليم أظافر ما يسمى بـ «عميل إيران» في المنطقة.أضافت الصحيفة في تقريرها أن الأحداث المتسارعة التي شهدها الأسبوع الماضي لا تتعلق كثيراً بلبنان بقدر ما هي تخص المملكة تحت قيادة الأمير الشاب، فالفرق بينهما واضح كما يقول التقرير. فلبنان -باعتباره مسرحاً وميداناً للقتال لقوى كبرى- قد يشهد حرباً أهلية وحملات إرهاب وغزو أجنبي وصراع طائفي وشلل حكومي دائم. يتابع التقرير: السعودية من ناحية أخرى، تمر بتحول سياسي إقليمي وداخلي مفاجئ وغير مسبوق، فيه تتجلى وحشية ونشاط سياسة محمد بن سلمان التي شن حروباً في اليمن وحملة تشبه الحرب ضد قطر، وشملت أيضاً اعتقال مئات السعوديين البارزين من ضمنهم أعضاء من الأسرة الحاكمة، كما عمل بن سلمان على هدم أسس الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السعودية. يقول التقرير: إن نتيجة سياسة بن سلمان إما تعزز دور السعودية بصفتها قوة شرق أوسطية على المدى الطويل، أو أن ينتهي بها المطاف إلى دول عربية تعج بالتوتر الاقتصادي والصراع الطائفي وصراعات السلطة والمعارك الأيديولوجية الإقليمية. وأوضح التقرير أن ما أثار الأزمة اللبنانية الأخيرة هو استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري من السعودية وعلى قناة سعودية، ما يجعل اللبنانيون يعتبرون استقالة الحريري قراراً سعودياً أُملي عليه ودليلاً على أنه أسير لدى النظام السعودي. وأضاف أن السعودية باتت تستهدف لبنان الآن بسبب الدور غير المتجانس الذي يلعبه حزب الله في حكم لبنان وهو الحليف لإيران؛ مشيراً إلى أن الأشباح التي تطارد الأنظمة العربية السلطوية هو إدراكهم لحجم طموحات الهيمنة الإيرانية في المنطقة. ورصد التقرير بعض التغيرات التي طرأت في موقف السعودية وبعض دول الخليج من لبنان، وهي تصريح الرياض بأن حكومة لبنان ستُعامَل بصفتها حكومة إعلان حرب على السعودية بسبب ما أسماه ثامر السبهان الوزير السعودي النافذ اعتداء من حزب الله وتراخياً من حكومة بيروت في ردع الحزب الشيعي خلال العام الماضي. كذلك طالبت السعودية وبعض دول الخليج رعاياها بمغادرة لبنان، وهو ما أثار مخاوف اللبنانيين من كارثة وشيكة تخطط لها الرياض لزعزعة استقرار لبنان وإضعاف إيران وحزب الله. ووضع التقرير ثلاثة خيارات قال إن التاريخ المعاصر يقترحها في مثل هذه الظروف؛ أولها بدء حملات اغتيالات وعنف محلي لإذكاء حرب أهلية، وثانياً شن ضربات عسكرية من قِبل إسرائيل أو أطراف أخرى، وثالثاً خنق اقتصاد لبنان. ولفت التقرير إلى أن انهيار اقتصاد لبنان اليوم هو نقطة الضعف الأكبر فيه، بالنظر إلى اعتماده على دول أخرى وعلى التحويلات المالية والاستثمارات والسياح، والعقود من السعودية ودول الخليج التي تضغط على لبنان الآن. يشرح التقرير أن عدة عوامل جديدة دخلت على ساحة التوترات اللبنانية والإقليمية، أكثرها أهمية التقاء أهداف كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية؛ إذ تجتمع الأطراف الثلاثة على كبح نفوذ إيران وإضعاف حزب الله ومحاربة الإرهاب وضمان هيمنة إسرائيل العسكرية والأمنية. وتابع التقرير أن أكبر مشكلة تواجه لبنان الآن هي انعدام الخبرة لدى ولي العهد السعودي ورئيس أميركا دونالد ترمب؛ إذ يستعمل الاثنان التهديدات والقوة العسكرية لإظهار مقدرتهم وتأكيد فحولتهم السياسية. ويشير التقرير إلى أن التحول السعودي المفاجئ ضد لبنان ربما يُفسر بحاجة محمد بن سلمان لتحقيق أي نجاح للتعويض عن إخفاقه المحرج في السياسة الخارجية حتى الآن مثل حرب اليمن الفاشلة، وفشل حصار قطر، والمحاولة غير الناجحة لقلب نظام الأسد، والعجز عن مواجهة مقاومة حماس وحزب الله. يتابع التقرير: في الواقع، فإن الإخفاق الإسرائيلي-السعودي-الأميركي في هذه القضايا أدى إلى تعزيز قوة إيران وحزب الله، وخلق في الوقت ذاته فرصاً جديدة أمام روسيا وتركيا لتحسين علاقتهما الاستراتيجية مع المنطقة العربية؛ متوقعاً أن يحدث الأمر ذاته في لبنان في الشهور المقبلة. واعتبر التقرير أن تصريح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون حول التطورات الأخيرة في السعودية هو تحول مذهل ومضطرب في الوقت نفسه، وربما يمثل أول مثال على مطالبة واشنطن السعودية بالحد من هيجانها الإقليمي وعدم رمي لبنان في الفوضى. وأشار التقرير إلى أن البيان الأميركي ورسائله المختطلة تضمنا دعم حكومة لبنان برئاسة الحريري، لكنه عارض بشدة حزب الله الذي تبقى قوته العسكرية خارج نطاق السيطرة الحكومية. وأوضح التقرير أن تلك التطورات تأتي في سياق تعزيز بن سلمان لنفوذه داخل المملكة بإزاحة كل خصومه، وأنه بات يشكّل السعودية على غرار أنظمة سلطوية مثل مصر وسوريا وليبيا إبان نظام القذافي؛ بحيث يضع كل القوة الاقتصادية والسياسية والإعلامية في يد واحدة. وختم التقرير بالقول إن هذه التطورات تنذر بنذير سيئ على المنطقة لأن الأنظمة الأمنية القائمة على حكم العائلات كانت دائماً كوارث بالنسبة للشعوب العربية، وهو ما يفسر الفوضى والعنف الذين يجتاحان المنطقة الآن.;
مشاركة :