في بلاد «العم سام»، يكاد لا يدخل الأميركيون إلى الحديث عن رئيسهم وسياساتهم الخارجية والداخلية إلا عبر بوابة «تويتر» التي فتحها ترامب على مصاريعها. وبفضل تغريداته، تموج الـ «سوشال ميديا» بمقدار هائل من الحروب المتأرجحة بين الصراع النووي والتدخل الروسي والسجال الانتخابي والعرض المسرحي والعداء للكوري الشمالي و... قائمة طويلة مما بات في أذهان الناس في العالم بأسره. باختصار، من الولايات المتحدة يبدو المشهد السياسي كأنه يغرّد قائلاً «وقعت أميركا في قبضة «تويتر» وتغريداته وهاشتاغاته». في الأيام القليلة الماضية، اجتاح الولايات المتحدة «هاشتاغ» تقول كلماته «ليس رئاسيّاً» Not so presidential. ونبع من سجال رئاسي- مسرحي قوامه غضب ترامب من عرض مسرحي نقدي لرئاسته قدّمه المخرج الأميركي المشهور مايكل مور في «برودواي» تحت عنوان «شروط استسلامي». وإذ اشتهر ترامب باندفاعاته التغريديّة التي تصيب حينًا وتخيب حينًا، غرّد مهاجماً مور واصفاّ مسرحيته بأنها عرض «قذر وفاشل». وبدأ تغريدته بعبارة «على رغم أن الأمر ليس رئاسياّ»، فالتقطها مور واستخدمها في تغريدته هجوماً مضاداً على ترامب. لم يتحمل الرئيس أسلوب مور في الانتقاد الساخر في «شروط استسلامي» الذي عمل على تشجيع الأميركيين الليبراليين الغاضبين من سياسات ترامب وأسلوبه في إدارة البيت الأبيض، على مقاومة تستمر طيلة ولاية الرئيس. مقاومة وصدقيّة يسير بعض الأميركيّين بحراك قوامه مقاومة رئاسة ترامب، مستخدمين قنوات عنكبوتية وإعلامية تحظى بمتابعة عالية جداً، ما أدخل الرئيس الأميركي في دوامة التغريد والتغريد المضاد. وفي كل تغريدة مؤيدة أو معارضة، هادئة أو زاعقة، ينشغل الملايين في أميركا وخارجها بما تبثه الكوابل الضوئيّة للشبكة العنكبوتيّة. فقد شنّ البليونير الأميركي توم ستاير حملة تلفزيونية وعنكبوتية لحشد الدعم اللازم لخلع ترامب من الرئاسة بأساليب دستوريّة وقانونيّة. صار اسم ستاير يستخدم كـ «هاشتاغ» مثير للجدال. إذ تظهر تغريدات مؤيدة لدعوة البليونير الأميركي لخلع الرئيس قائلة «علينا دعم ستاير في حملته حتى ننجو ببلدنا من هذا المعتوه (ترامب)». وهنالك تغريدات تركب موجة خلع الرئيس لكنها لا تؤمن بالضرورة بصدق مشاعر ستاير، فتقول «علينا جميعاً الاحتشاد خلف ستاير. لديه المال، ويريد تنحية الرئيس، ويدفع دوني (دونالد ترامب) نحو الجنون». وثمة تغريدات ترى في ستاير عدواً لأميركا ومصالحها والديموقراطية والصناديق التي أتت بترامب رئيساً، فتقول «كل ما كان ينقص هذا الإعلان (الذي يذيعه ستاير على «سي أن أن» مناشداً الأميركيين الاحتشاد لخلع ترامب) هو دموع اصطناعيّة ومتعصّبون يحضّون الناس على تصديقهم والتفاعل معهم. قدرات هذا البليونير التمثيلية أشبه بقدرات هيلاري المخادعة». وبذا، تتزاحم التغريدات التي تستقطب الجمهور بين مؤيد لأميركا وواعد بأن يجلعها عظيمة مجدداً، ومعارض يجد في ترامب شخصاً غريب الأطوار يفتقد القدرة والصدقية ويقود أميركا نحو الهاوية.
مشاركة :