الإخوان المسلمون 2020: كيف وإلى أين؟ "6"

  • 11/12/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الإخوان والعنف: لا تتبنى جماعة الإخوان المسلمين العنف كوسيلة للوصول إلى أهدافها، ولا تشكل أي أجنحة عسكرية لها في أي دولة، ولا تحمل السلاح في وجه أي مسلم تحت أي ظرف. أما في حال الاحتلال، فهم جزء من الشعب يتعاونون مع غيرهم على طرد هذا المحتل دون أن يشكّل الإخوان قوة عسكرية خاصة بهم. وللأسف، فإن معظم أنماط الاحتلال الحديثة للدول المسلمة هي إما مباشرة وإما بالوكالة، من خلال أنظمة ديكتاتورية أو حكام جعلوا ولاءهم للمحتل الذي ربطهم بمصالحه، وهذه معضلة تكاد تكون غير مسبوقة في تاريخنا الإسلامي، وبالتالي فهي تحتاج إلى اجتهاد فقهي جديد يعالج الأمر بما يستحق. ويبقى الأصل الثابت الذي لا يتغير، ألا ينزلق الإخوان إلى أي صراع مسلح حتى في ظل مثل هذه الوضعية. الإخوان ومنظمات العمل المدني:ربما لا توجد حكومة في أي دولة على مستوى في العالم يمكنها إدارة كل أطياف الشعب وتحقيق مصالحه كافةً، وإنما عليها بالأساس أن توفر المناخات والقوانين الكفيلة بتحقيق ذلك. ومع تطور الممارسة السياسية والاجتماعية، أصبحت منظمات المجتمع المدني ركناً أساسياً في بناء المجتمعات الحديثة بعيداً عن السيطرة المباشرة للحكومات، فالنقابات المهنية والجمعيات الخيرية - كل حسب تخصصه - يمكنها الوصول إلى الفئات الأكثر حاجة، لتسد ثغرة حيوية في خدمة المجتمع وتطويره. يؤمن الإخوان بوجوب توفير الحريات لتلك المنظمات ودعمها في القيام بواجبها على أكمل وجه، كما أنهم يشاركون مع قطاعات الشعب كافة في تنمية الموجود من هذه المؤسسات الخدمية والخيرية وازدهارها، فضلاً عن تأسيس المزيد منها حيثما دعت الحاجة. وحين يفعلون هذا لا يتطلعون إلى السيطرة على هذه المنظمات؛ بل يسعهم أن يكونوا فيها جنوداً وأن تكون قياداتها من خيرة أبناء الشعب المشهود لهم بالكفاءة والتخصصية والنزاهة. الإخوان والتعليم والبحث العلمي:يؤمن الإخوان المسلمون بأن العلم فريضة شرعية وحق إنساني لكل البشر، وأن نهضة الأمم لا تتحقق إلا بشعب متعلم يمتلك مخزوناً من الطاقات البشرية المؤهلة لهذا النهوض. ومن ثم يجب الاستثمار استراتيجياً في التعليم، والعناية بالكوادر المتميزة، وصناعة العلماء والرموز من المنطلق الكيفي قبل الكمّي، وأن يوجه التعليم لخدمة الوطن ومواطنيه، لا لمجرد الحصول على شهادة لا مجال لها في خدمة المجتمع. كما يجب توجيه البحث العلمي ليصب في مصلحة الوطن وحل مشاكله ورسم مستقبله بدلاً من إضاعته في إثبات المثبت أو اجترار ما تم تجاوزه علمياً في دول أخرى أكثر تقدماً. ومن نافلة القول تأكيد أن "محو أمية المجتمع" - في عصر العولمة وثورة التكنولوجيا - خطوة أساسية لأية نهضة، فشعب لا يقرأ ولا يكتب لن يحقق أي تقدم. الإخوان والصحة:إن حفظ الأنفس من ضرورات الإسلام ومقاصد الشريعة، فلا نعمة أفضل من العافية. كما أن الشعوب التي تنهشها الأمراض، لا ترزح في أغلال التخلف والتأخر فقط؛ بل لا ينعم أبناؤها بحياة كريمة تليق بالبشر الأسوياء. ولذا يجب أن يكون اهتمام الدولة بالصحة الشخصية والعامة وكذلك توفير العلاج المجاني لكل أفراد الشعب من أهم الأولويات الاستراتيجية. الإخوان ومؤسسات الدولة:يرى الإخوان أن مؤسسات الدولة تنشأ لخدمة الوطن والحفاظ على هويته وقيمه وحماية نظامه المتفق عليه من خلال دستور شارك الشعب في صياغته وإقراره. فيجب ألا تسخّر لخدمة الحاكم أو النظام ولا لتكريس الاستبداد أو ظلم الشعوب. وينبغي أن يخضع الالتحاق بهذه المؤسسات أو الترقي فيها لمعايير الكفاءة والمهنية والأمانة، لا أن تكون حكراً على طبقة أو شريحة. ونظراً إلى ما تعانيه كثير من دول العالم من مشاكل وتخلف وقهر؛ بسبب انحراف مؤسسات الدولة عن وظيفتها الحقيقية التي من أجلها أقيمت، فمن الأهمية بمكان وجود جهات رقابية مستقلة تتابع عمل هذه المؤسسات وتشكيلها. فاستقلال القضاء ونزاهته كفيلان بعلاج مظاهر الانحراف في بقية مؤسسات الدولة وتحقيق العدل لكل أبناء الشعب. فلا يمكن أن يحقق المجتمع السلام والاستقرار ثم التقدّم في أجواء الظلم والقهر والاستعباد. الإخوان والإعلام:الاعلام جهاز هام لنشر الوعي والثقافة والعلم قبل الترفيه، وقيامه بهذه الأدوار يتطلب وجود درجة عالية من الحرية تمكنه من أداء مهمته، ولا بد من وجود "ميثاق إعلامي" يضمن الحفاظ على قيم المجتمع الأصيلة وهويته، ويحفظ أعراض الناس وخصوصيتهم، ويمنع الإشاعات التي تمزق نسيج الوطن وتنخر جذوره، على أن توجد كذلك هيئة مستقلة عن القيادة السياسية تراقب مهنية هذا الأداء وتمنعه من الانحراف أو التجيير لصالح أجندات خاصة أو حزبية. الإخوان ومختلف شرائح المجتمع:إن الإخوان جزء من نسيج الوطن الذي يعيشون فيه وإليه ينتمون، وعلاقتهم بالآخرين ممن يشاركون ذات الانتماء قائمة على مبدأ المواطنة، فهم لا يرون أنفسهم فوق بقية أفراد الشعب ولا أفضل من غيرهم، لكنهم يسخرون حياتهم لخدمة دينهم وجميع أبناء الوطن حسبة لله وابتغاء ثوابه، مع يقينهم بأنهم لا يحتكرون الدين ولا يزعمون امتلاك الحقيقة المطلقة ولا الطريقة الأوحد لفهمه، كما أنهم لا يملكون صكوك غفران ولا يزعمون حيازة مفاتيح رحمة الله وجنته؛ بل يؤمنون بأن المجتمع يسع الجميع، وعلاقتهم ببقية الشرائح فيه تقوم على التعاون والاحترام والتفاهم، ولا عداوة لهم تجاه أية فئة من الشعب أياً كانت عقيدتهم أو أعراقهم أو مشاربهم. العلاقة بين الإخوان على مستوى العالم:لا يوجد تنظيم يجمع الإخوان على مستوى العالم أو حتى خارج حدود القطر الواحد؛ بل ينشئ الإخوان المسلمون منصات أو منتديات تجمع كل العاملين في الحقل الإسلامي ممن يحملون الفكر الوسطى، أياً كانت مسمياتهم أو هياكلهم التنظيمية، وبالتالي فهي ليست محصورة على المؤسسات الإخوانية. قد تكون هذه المنصات على مستوى عرقي أو جغرافي أو إقليمي أو دولي، شأنها في ذلك كبقية التجمعات والأفكار والتوجهات في العالم. ولا تحمل تلك المنصات أية سلطة تنفيذية على المؤسسات المشاركة فيها؛ بل تمثل وعاء لتبادل الخبرات والأفكار وتطوير العمل والسعي لخدمة الأوطان ونهضة الأمم. وبعض هذه المنصات له طبيعة تخصصية؛ فمنها الإعلامي أو السياسي أو التربوي أو الدعوي وهكذا إلى غير ذلك من مجالات. وتسجل هذه المؤسسات بشكل قانوني ويكون لها دستورها المتوافق عليه من قبل المؤسسات الأعضاء؛ كي تدار بطريقة شفافة تعتمد آليات الجودة في أعمالها، دون رابط تنظيمي بين هذه المنصات. الإخوان والدول الإسلامية:لا يتدخل الإخوان في الشؤون الداخلية لأية دولة أخرى؛ بل يعتبرون نشر قيم العدل والمساواة ورعاية المستضعفين ونصرة المظلومين حقوقاً إنسانية ينبغي تحقيقها، وبذل النصيحة في هذا الصدد للحاكم والرعية واجب. كما يدعم الإخوان أي مؤسسات تجمع الدول الإسلامية وتسعى لتقوية الروابط فيما بينها، وتتبنى تحقيق المطالب المشروعة لشعوبها، ونشر قيم الوسطية والاعتدال بين أبناء الأمة حيثما كانوا. الإخوان وجدلية الشرق والغرب:لا يؤمن الإخوان بصراع الحضارات، ويعتقدون أن الحروب في العالم كانت بالأساس من أجل بسط النفوذ والسيطرة وتحقيق المصالح، وليست اختلافاً فكرياً أو عقائدياً بالضرورة، كما أن أدلجة كل خلاف وإلباسه رداء الدين من أقبح الجنايات في حق الأديان. كما يعتبر الإخوان القيم الإنسانية التي يؤمنون بها -ولا يختلف عليها منصف- كفيلة بتحقيق أعلى مستويات الأخوة الإنسانية، وبناء جسور التفاهم والتعاون مع كل شعوب العالم، على اختلاف عقائدهم وأعراقهم ومذاهبهم. وهم في هذا الإطار يدينون كافة أنواع احتلال الشعوب أو الاستعمار -مباشراً كان أو غير مباشر- وما يستتبعه من نهب ثروات الأمم واستنزاف مقدراتها بغير حق. كما يرون أن منظمة الأمم المتحدة بعد مرور ستة عقود على نهاية الحرب العالمية التي أسست نظامها لصالح المنتصرين، يجب ألا تبقى تحت سيطرة من يسمون بالدول الكبار، بل إن تحقيق العدل ونشر السلام في العالم هو مهمتها الأساسية. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :