حاجة المسلمين إلى علوم الدنيا | عبدالله فراج الشريف

  • 9/13/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لاشك أن علم الدين هو العلم الأنفع كما يقول علماء الشريعة، ذاك أنه هو العلم الذي ينتفع به المسلم في الحياتين: الدنيا والآخرة، فالدين منهج حياة لمن آمن به، واتباعه هذا المنهج يصلح له دنياه وآخرته. هذه حقيقة لاشك فيها، ولكن ذلك لا يعني أنه يقتصر عليه ويترك من علوم الدنيا ما يصلح له حياته الدنيا، التي هي مزرعته التي يزرع فيها ما تكون ثماره الناضجة يوم الدين، التي تنجيه من العذاب وتدخله الجنة. فعلوم الدين منها ماهو فرض عين على كل مسلم وهو كل ما يلزمه أن يقوم بالمهمة الأساس التي خلق من أجلها، وهي عبادة الله، والتي لا تصح إلا بما شرع الله، وأن يعلم مع ذلك الحلال والحرام، حتى تمضي حياته طاهرة نقية إلى أن يصل آخرته سالمًا لتفتح له أبواب الجنان. ولكن من علوم الدين ما هو فرض كفاية إذا تعين على معينين من أفراد الأمة سقط إثم تركه عن باقيها، وهؤلاء هم المتخصصون في هذه العلوم المتعمقون في قضايا العلم المجتهدون في مسائله. وتبقى علوم الدنيا التي يحتاجها الناس لبناء دنياهم التي يعبدون الله بها من علوم الطبيعة "الكيمياء والفيزياء والميكانيكا والأحياء، وكافة التقنيات التي تلزم اليوم للإبداع والاختراع، والتي نهضت بها الأمم من حولنا، وعلوم الطب وعلوم الهندسة وعلوم الزراعة، وكل علم تبنى به حياة البشر في زماننا". وهذه كلها علوم يجب أن يتخصص فيها أفراد من الأمة المسلمة ليقوموا ببناء حياتهم الدنيوية، وهم إذا تخصصوا تعينوا للقيام بهذا العلم والعمل به، وهم حينئذ يرفعون الإثم عن سائر الأمة، لأنها إذا لم تخصص لهذه العلوم والعمل بها لبناء هذه الحياة الدنيوية أبناء من أبنائها أثمت الأمة كلها. وهذا يلفت نظرنا إلى أن فروض العين إنما إثم تركها على من تركها فقط لا تشاركه الأمة في ذلك الإثم، ولكن فروض الكفايات، يلزم الأمة كلها أن تعين لها من أفرادها من يقومون بها، فإذا لم تعينهم أثمت وإذا تركوا ما كلفوا به أثموا وأثمت الأمة معهم. وعلى هذا ففروض الكفايات في رأيي أعلى شأنًا من فروض العين، فإثم تركها لا يتجاوز أصحابها، أما فروض الكفايات فإثم تركها يعم المسلمين كلهم وحتمًا من لا يعمل لدنياه لن يعمل لآخرته، وإذا لم يبن المسلمون دنياهم فلن يجدوا دنيا يعملون فيها لآخرتهم. ولا يتصور أحد أن المسلم يستطيع أن يتخلى عن الدنيا، وهي المرحلة التي يزرع فيها الثمار لآخرته. ومنذ ظهر الإسلام يوم بعث سيدنا محمد بن عبدالله إمام الرسل وخاتم النبيين وفروض الكفايات تسد الحاجة إليها عبر السلطة، فما إن أسس رسول الله دولته في المدينة، حتى اختار من شباب الأنصار والمهاجرين من يتعلمون صناعة السلاح من اليهود، وحينما أسر بعض قريش ممن يعرفون القراءة والكتابة اختير من شباب المسلمين من يتعلمون من الأسرى القراءة والكتابة، وجعل تعليمهم فداء للأسرى، وفي عصر سيدنا عمر بن الخطاب استعان بالفرس الذين آمنوا ممن عملوا في جهاز دولة فارس لسجلات الدواوين. وهكذا استمر المسلمون في تعلم علوم الأمم الأخرى كاليونان والهند وفارس وترجمتها للعربية واتخاذها أساسًا يبنون عليه علوم عصرهم التي ترقى بدنياهم، وحتى برز علماء من المسلمين في كل علوم الطبيعة والأحياء، وكان لهم العناية بالزراعة وأنماط الري عبر الأنهار والمياه الجوفية، مستعينين بمن نبغوا في تلك العلوم من الأمم الأخرى. ثم جاءت العصور المتأخرة، والتي ركدت فيها العلوم في بلدان المسلمين، وانتشر فيها الجهل، وتخلى المسلمون عن كل فروض الكفايات، وجهلوا فوائدها، وساعد على ذلك ركود في العلوم الدينية، والتي ظهر بين من تعلموها ثم علموها من نشروا بين المسلمين كراهية الدنيا بل واحتقارها، وبالتالي احتقار كل العلوم الدنيوية التي ترقى بحياة البشر، واستمر الحال حتى هذه الأيام، حيث وجدنا من يحارب الابتعاث لتعلم هذه العلوم الكفائية، ورأينا من يقول: إن علم الرياضيات علم لا ينفع ولا يضر الجهل به. وإذا لم يتوسع المسلمون في تعليم هذه العلوم بالصورة التي تنهض ببلدانهم وترقى بها حياتهم، لينافسوا الأمم من حولهم، وليبنوا حضارة لهم معاصرة تنافس حضارات الأمم الحية في هذا العالم، وما لم يفعل المسلمون ذلك فالتراجع سيعيدهم إلى وضع أسوأ من أوضاع القرون الوسطى في أوروبا، فهل يفعلون؟ هو ما أرجو، والله ولي التوفيق. alshareef_a2005@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (15) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :