اتجهت الأنظار أمس، إلى الرياض، لمتابعة مقابلة تلفزيونية تجريها محطة «المستقبل» مع رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري، والموجود في عاصمة المملكة العربية السعودية منذ عشرة أيام. ومع الإعلان عن إمكان إجراء المقابلة، طلب المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري اللبناني إعادة التذكير بموقف الرئيس ميشال عون والذي كان أبلغه أول من أمس، إلى «مراجع رسمية محلية وخارجية»، عن «أن الغموض المستمر منذ أسبوع والذي يكتنف وضع الرئيس الحريري منذ إعلانه استقالته، يجعل كل ما صدر ويمكن أن يصدر عنه من مواقف أو خطوات أو ما ينسب إليه، لا يعكس الحقيقة، بل هو نتيجة الوضع الغامض والملتبس الذي يعيشه الرئيس الحريري في المملكة العربية السعودية، وبالتالي لا يمكن الاعتداد به». وأضاف عون أمام زواره أمس، الى ان «الظروف الغامضة والملتبسة التي يعيش فيها الرئيس الحريري في الرياض وصلت الى درجة الحد من حريته وفرض شروط على اقامته وعلى التواصل معه حتى من افراد عائلته». وكانت كتلة «المستقبل» النيابية، دانت بعد اجتماع طارئ عقدته ليل أول من أمس، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة في دارة الرئيس الحريري في قلب بيروت، «أي حملات تستهدف المملكة العربية السعودية وقيادتها»، معتبرة أن «هذه الحملات جزء من مخطط لتخريب الاستقرار الوطني». وشددت «على العلاقات الأخوية مع المملكة، ورفض المزايدة عليها وعلى الرئيس الحريري بمحبتها والوفاء لدورها التاريخي في دعم لبنان». وجدّدت الكتلة «رفضها القاطع للتدخل الإيراني في شؤون البلدان العربية الشقيقة». واعتبرته «عاملاً من عوامل تأجيج الفتن والصراعات والحروب في منطقتنا». ودانت «الاعتداءات التي تستهدف المملكة من قبل أدوات إيران في اليمن وغيرها»، داعية «إلى كبح هذه الاعتداءات والتدخلات». وطالبت «بموقف عربي جامع من السياسات الإيرانية يحمّل إيران تبعات وأخطار ما تقوم به». وجدّدت الكتلة «وقوفها وراء قيادة الرئيس سعد الحريري، وهي تنتظر بفارغ الصبر عودته إلى لبنان، لتحمّل مسؤولياته الوطنية في قيادة المرحلة وحماية الوطن من الأخطار الداهمة». وغرّد أمس، الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان عبر «تويتر» قائلاً: «أخشى ما أخشاه أن يتمزّق الدستور نتيجة صراعات المحاور أو أن تحترق أوراقه بنيران الحرب المشتعلة، الدستور يحرّرنا إذا حميناه، ويحمينا متى حرّرناه». وسأل عضو الكتلة نضال طعمة في بيان منفصل أمس: «هل سقطت التسوية في لبنان، لأن هناك من استغلها إلى أبعد الحدود من دون أن يقدم أي التزام أم ما زال هناك مجال لإنقاذ هذه التسوية من خلال الخطوات العملية الآيلة إلى بناء دولة حقيقية بمرجعية قرارها للمؤسسات الدستورية وبحيادها عن أزمات المنطقة وبتكريس علاقاتها الأخوية مع بيئتها العربية، بحيث لا تكون إلا مصدر خير وسلام للأشقاء والأصدقاء؟». وشدد على أن «تلك هي القضية اليوم، والإجابات الواضحة عن هذه الأسئلة هي التي تعطي عودة الرئيس الحريري إلى لبنان بعدها وأهميتها ودورها الإنقاذي للمسار السلمي في هذا البلد». وجدد «رفضنا كل الحملات التي تحاول أن تشوّه صورة ودور المملكة العربية السعودية، التي تشكل ضامناً أساسياً للعروبة الواعدة في مخاض هذا المشرق، فيما يزداد يوماً بعد يوم التدخل الإيراني المرفوض في شؤون الدول العربية». وإذ شدد على ان «تضامننا مع الحريري واجب وطني»، شدد على وجوب «أن يتجاوز البعد العاطفي إلى الخطوات العملية العقلانية، ومع أهمية الحراك الذي يقوم به رئيس الجمهورية، فجلاء الصورة وجلاء الموقف يتطلبان أمرين في غاية الصراحة والوضوح: مدى استعداد «حزب الله» لتأكيد هويته اللبنانية، وقد يكون ذلك مقبولاً وفق الوثيقة التي كان قد وقّعها مع «التيار الوطني الحر»، لنضع حداً عملياً لموضوع تدخل «حزب الله» هنا وهناك، واتهامه بانتهاك السيادة الوطنية للبنان أولاً وللدول التي يتهمونه بأنه متدخل فيها. فاستعداد «حزب الله» لبلورة هويته المقاومة اللبنانية، وتحديد دور سلاحه في هذا الاتجاه من دون سواه، يقدم إجراء عملياً ينسجم مع تعاطفه مع الرئيس الحريري، الذي أعلن عنه، ويسهل إعطاء عودته التي نطالب بها جميعاً، المعنى الحقيقي الذي يضع حداً للأزمة القائمة». وقال إن «الأمر الثاني الذي يساهم في جلاء الصورة، الاستمرار في بلورة الموقف الشعبي الجامع الراقي عبر قنوات فكرية، وفنية، ورياضية. فالخطاب الموضوعي والعقلاني الذي يقوده «تيار المستقبل» انطلاقاً من المسلمات السيادية، يتكامل مع صدق الموقف الشعبي، الذي يقدر حساسية المرحلة، ويؤمن التضامن الواضح مع رئيس الحكومة». ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية فادي كرم «أن من يحاول التعمية على أسباب استقالة الحريري ويصرّ على مناقشة شكل الاستقالة ومكانها ووقتها، يغطي مخطط المشروع الإيراني في لبنان ويساعده». وإعتبر أن «إصرار بعضهم على مقاربة استقالة الحريري بالطريقة التي يحاولون القيام بها، لا حكمة فيها، لأن الاستقالة لم تتم بناء لرغبة الرئيس الحريري بعدم تحمل المسؤولية أو رغبة السعودية بضرب الاستقرار اللبناني. فالحقيقة إن عدم الاستقرار مرده إلى ضرب الحياد الذي تمّ التفاهم عليه منذ انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة، وبنتيجة ضرب الحياد تمّت الاستقالة، والحكمة اليوم بتسوية الحياد والعودة إليه». وتوقّع أن «يكون للحريري مبادرة وطنية للخروج من المأزق خلال إطلالته الإعلامية». وشدّد مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو أمام وزير البيئة طارق الخطيب الذي زاره أمس، على وجوب «أن ندرس أسباب ما حدث ولماذا وصلنا إلى هذه النقطة التي نعيشها اليوم؟ وأن نحاول معالجة المشكلات بإسلوب عملي وعلمي وأخلاقي ووطني، حتى نخرج من هذه الأزمة وألا تتكرر بأي شكل بعد ذلك». وقال: «كلنا متفقون على محبة الوطن وأن نتوحّد جميعاً في خدمة الوطن، وأملنا الوحيد بأن نفضّل مصلحة الوطن ونقدمها على أي مصالح حزبية أو طائفية أو مذهبية، وأطالب الرئيس عون بأن يحقّق هذا المطلب لإنقاذ لبنان مما يتخبّط به، فليس من مصلحتنا أبداً أن ننحاز إلى أي جانب آخر يعادي العرب، حتى لا نغرق لبنان في فتن طائفية أو مذهبية». وشدّد الجوزو على أن «لبنان بلد عربي، وعلاقتنا ومصلحتنا الاقتصادية والسياسية أن نكون إلى جانب أصدقائنا العرب، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، وألا يكون لبنان منصة للهجوم عليها خدمة لمشاريع طائفية ومذهبية تتناقض كل التناقض مع مصلحة لبنان العليا، والتي تضرّ باقتصاده ومستقبله ومستقبل أبنائه في الخليج». وكرّر الخطيب موقف عون، معتبراً أن «ما أعلن على لسان الرئيس سعد الحريري من خارج لبنان، أمر ملتبس، ولا يمكننا أن نحكم إذا كانت الاستقالة نابعة من إرادة حرة، أم أحاطت بها ظروف معينة». ورأى أن «مواقف رئيس الجمهورية حامية للوحدة الوطنية، ومواقف عاقلة وحكيمة».
مشاركة :