< امتدت تأثيرات الزلزال المدمر الذي ضرب شمال شرق العراق أول من أمس، ليشمل، أربع مناطق سعودية تقع في شمال وشرق ووسط السعودية، والتي شعر بها سكان تلك المناطق. وقال المدير العام للمركز الوطني للزلازل والبراكين الدكتور هاني زهران لـ«الحياة»: «إن الهزات الأرضية التي سجلتها القصيم والشمال والشرقية وحائل والجوف والحدود الشمالية، هي ناتجة من تأثير الزلزال الذي ضرب بغداد، ووصل تأثيره كشعور للشمال والشرق حتى وصلت القصيم، لكن ليس لها تأثير إطلاقاً». وزاد: «نحن سجلنا الحالة، ونتابع مع الدفاع المدني، ولا يوجد فيها خطورة»، مضيفاً: «هي وصلتنا خفيفة، لكن ربما للذين بالعراق سيكون تأثيرها عليهم مباشراً، لكن نحن لا، وكلما ابتعدت خف تأثيرها، وهذا طبيعي جداً. وكما هو معروف أن موجات الزلازل تنطلق من كل الاتجاهات، وكلما ابتعدت خف الشعور بها». وبين أن المركز الوطني يرصد جميع الهزات، إضافة إلى الهزات التي تحدث خارج المملكة. في حين قال المتحدث الرسمي باسم هيئة المساحة والجولوجيا في المملكة طارق أبا الخيل لـ«الحياة»: «إن منطقة تبوك والعيص وجازان تعد أكثر المناطق السعودية تعرضاً للزلازل بسبب موقعها الجغرافي، إضافة إلى النماص، التي تقع على التقاء ثلاثة صدوع». مشيراً إلى أن «الهيئة» لديها 225 محطة رصد زلزالي منتشرة في مناطق السعودية، إذ غالبيتها تقع في غرب المملكة. بينما أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن أمس (الإثنين) مقتل سبعة أشخاص بعد الزلزال، وإصابة 321 عراقياً بجروح، لافتاً إلى أن جميع الضحايا كانوا من سكان إقليم كردستان شمال العراق. وجاء هذا الزلزال بعد أقل من ثلاث أيام، على آخر هزة أرضية سجلت في النماص جنوب غربي السعودية، والتي شهدت نشاطاً في حركة الزلازل على مدار أسبوع سجلت خلالها محطات الرصد الزلزالي لهيئة المساحة والجيولوجيا 35 هزة أرضية منها أربع هزات أرضية ملموسة، بلغت أقوى هزة في النماص 4 بمقياس ريختر سجلت في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. ومن المعروف أن الزلازل لا تحدث بطريقة عشوائية، ولكنها تحدث في أماكن معروفة وهي ما تسمى بـ«الأحزمة الزلزالية»، وهي عادة تقع على الحدود الفاصلة للصفائح التكتونية المعروفة، في حين أن الزلزال الذي ضرب دول في منطقة الخليج يوم أول من أمس، حدث على حدود الصفيحة العربية في اتجاه الشمال الشرقي واصطدمت بالصفيحة الإيرانية والتركية، وكما هو معلوم أن الصفيحة العربية تتأثر بثلاثة أنواع من الحدود التكتونية، وهي الحدود التباعدية، والتقاربية، والتماسية، وتمثل شبة الجزيرة العربية الجزء الأكبر من هذه الصفيحة، ومن هنا جاءت تسميتها بالصفيحة العربية. ووفقاً للمعلومات التي (حصلت عليها «الحياة») فإن حدود الصفيحة العربية من الغرب تشمل نطاق اتساع قاع البحر الأحمر بمعدل انفتاح حوالي 2 سم في السنة، ومن الجنوب تضم نطاق اتساع قاع منتصف خليج عدن، وفي كلتا المنطقتين تزداد مساحة هذه الأجزاء من الصفيحة العربية. كما تشكل جبال زاغروس ومكران بإيران وجبال طوروس بجنوب تركيا، الحدود الشرقية والشمالية للصفيحة العربية، وهي حدود تقاربية يمثلها نطاق تصادم مع الصفيحة الأوراسية، فيما يحد الصفيحة العربية من الشمال الغربي حد تماس يساري، يسمى فالق البحر الميت ويمتد من الطرف الشمالي للبحر الأحمر حتى جبال طوروس بجنوب تركيا ماراً بالبحر الميت، كما يحد الصفيحة من الجنوب الشرقي حد تماس يميني يمتد من الطرف الشرقي لخليج عدن حتى الطرف الشرقي لجبال مكران بباكستان، ويطلق علية فالق أوينز، وتتحرك الصفيحة العربية ناحية الشمال الشرقي بين حدي التماس المذكورين، فيؤدى ذلك إلى اتساع مساحة البحر الأحمر وخليج عدن من جانب، ومزيد من الاصطدام عند جبال مكران وزاغروس وطوروس من الجانب الآخر. ويفسر ذلك أسباب حدوث الزلازل عند حدود الصفيحة العربية وعند سلاسل جبال زاغروس وجبال طوروس وخليج عدن والبحر الأحمر وعند فالق البحر الميت وفالق أوينز، وبالتالي فإن هذه القوى التي تؤثر على المملكة وبخاصة على حوافها تنتقل إلى داخل الصفيحة العربية وتتجمع إلى أن تصل إلى حد يزيد عن تحمل الصخور الموجودة، فتتسبب في حدوث زلازل أو قد تعمل على إعادة تنشيط الفوالق الموجودة داخل نطاق الصفيحة العربية. كذلك أشارت المعلومات أيضاً إلى أن العديد من الهزات الأرضية تحدث بالقرب من الحدود الفاصلة بين الصفيحة العربية والمناطق المحيطة بالصفائح التكتونية، إذ يحدث نشاط زلزالي كبير على طول نظام الصدع التحولي في البحر الميت، كما يحدث العديد من الهزات الأرضية أيضاً على طول الحافة الشمالية الشرقية للصفيحة العربية، نتيجة لاصطدامها مع الصفيحة الإيرانية في منطقة الإندساس بمحاذاة حزام جبال زاغروس، مع وجود نشاط زلزالي على طول محور البحر الأحمر وخليج عدن. وبينت المعلومات أن منطقة خليج العقبة شمال السعودية تعد الأكثر تعرضاً للنشاط الزلزالي بسبب جغرافيتها، إذ يقع في منطقة خليج العقبة بصورة أساسية عدد من الصدوع التحويلية اليسارية النشطة شبه المتوازية مع الأحواض العميقة المتباعدة في خليج العقبة. وتنقسم الهزات الأرضية إلى نوعين، الأول هي الهزات الطبيعية والناتجة من الحركية التكتونية، وتحدث بسبب الحركات المفاجئة للصفائح التكتونية الناتجة من تشوه القشرة الأرضية، وهي ما تعرف باسم الهزات الحركية الأرضية، وليست بسبب النشاط البركاني أو انهيار الكهوف أو الانزلاقات الأرضية، وتحدث معظم الأنشطة الزلزالية على الصدوع الموجودة سابقاً، على رغم أنها قد تكون ساكنة لفترات طويلة من الزمن. أما النوع الثاني فهو هزات أرضية بركانية تحدث بسبب حركة اللابة (الحمم) أثناء محاولة خروجها وثورانها، إذ سجل التاريخ في عام 1256 آخر ثوران بركاني في السعودية وتحديداً في حرة رهاط بالقرب من المدينة المنورة، تزامن معه نشاط زلزالي في تلك المنطقة.
مشاركة :