منذ إنشاء هيئة مكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية حتى بداية الأسبوع الماضي قبيل إنشاء اللجنة المستقلة المعنية بالسعي وراء المفسدين ومَن أضاعوا المال العام لم يكن لمكافحة الفساد صوت مسموع ولا سوط مؤلم.. ولا شيء أكثر دلالة من تصريحات النيابة العامة في المملكة العربية السعودية حول المبالغ التي اختُلست أو أضيعت من المال العام. قابل الشارع هذه القرارات بنشوة وتحفز؛ فبعد هذا لن يجرؤ أحد على المساس بالمال العام كما حصل. يكفي أننا فعلاً رأينا كائنًا من كان تحت طائلة القانون والنظام. منذ العام 2012 والمملكة تتقدم وتتراجع في مؤشر الشفافية ومكافحة الفساد حتى سجلت قفزة للأمام في العام 2016 محققة 46 نقطة بعدما كانت 52 نقطة في العام الذي سبقه ضمن هذا المؤشر. هناك 176 دولة لم ولن يستطيع أي منها الوصول إلى الكمال في القضاء على الفساد مهما كانت قوة الأنظمة وتطبيقها.. الدنمارك تأتي على رأس قائمة الدول الأقل فسادًا والأعلى شفافية بـ 90 نقطة من أصل 100 نقطة، ومتوسط دول العالم تحرز 43 نقطة. ولا شك أن وقفة الحزم هذه التي شهدت إشادة دولية ستساهم في قفزه أكبر، ولاسيما أن مثل هذه الإجراءات ما إن تنطلق إلا وتصبح سلوكًا يُتبع، لا يتنازل عنه أحد. في السنوات العشر الماضية جاوز الإنفاق الحكومي ما قيمته تريليون ريال، وهذا رقم ضخم، أحدث تغيرًا من حيث المشاريع والإنشاءات والحركة الاقتصادية، لكن السؤال: هل الأثر الذي يحدثه من حيث الكفاءة في الإنفاق يوازي أثر ما لمسه الاقتصاد؟! الحرب التي قامت على الفساد تُجاوبنا بـ»لا»؛ فحجم الأثر على الاقتصاد أقل كفاءة من قيمة الإنفاق، وكذلك حجم المشاريع التي تعثرت وتوقفت يُجاوب أيضًا عن هذا السؤال. لوقفة الحزم هذه على الفساد أثرها على أنفس المتلقين من الشرفاء، وهي محفز، ستلمس أثره البلاد؛ وذلك لأننا سنعود للقاعدة الأساسية «لكل مجتهد نصيب». اليوم كائن من كان في قبضة العدالة، وهذا وحده محفز عظيم للشرفاء، ورعب مستمر للخائنين واللصوص.
مشاركة :