بيروت - قتل 53 شخصا على الاقل، غالبيتهم مدنيون، في غارات جوية استهدفت الاثنين سوقا تجارية في بلدة الاتارب التي تسيطر عليها فصائل معارضة واسلامية في شمال سوريا، بحسب ما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان في حصيلة جديدة. وكان المرصد قال في وقت سابق ان 29 مدنيا بينهم خمسة اطفال قتلوا في الاتارب دون ان يكون بامكانه تحديد ما اذا كانت الغارات سورية او روسية. ويقول المرصد انه يحدد الجهة التي تنفذ الغارات استنادا الى نوعية الذخيرة المستخدمة والطائرات التي تطلقها والارتفاع الذي يتم منه اطلاق هذه الذخائر. وبحسب المرصد فقد حصدت الغارات عددا من الجرحى اضافة الى وجود كثير من المفقودين، كما ألحقت دماراً كبيراً بالسوق. ورأى شاهد مسعفين ورجالاً يعملون على سحب الضحايا من تحت الأنقاض ونقل القتلى والمصابين فيما كان رجل يغطي جثتي طفلين صغيرين بكيس من القماش. كما شاهد رجلا آخر يحمل طفلة صغيرة ترتدي قميصاً زهرياً وهو يسير فوق الركام فيما تجمّع العشرات خلفه. وأظهرت صور التقطها بقعاً من الدماء على الأرض فيما صناديق الفاكهة والخضار مبعثرة بين الركام ويكسوها التراب. وفي صورة اخرى، ظهرت جثة رجل ممددة في وسط الشارع. وتقع الأتارب التي تسيطر عليها فصائل معارضة واسلامية في ريف حلب الغربي، الذي يشكل مع محافظة ادلب المجاورة (شمال غرب) وأجزاء من محافظتي حماة (وسط) واللاذقية (غرب) إحدى مناطق خفض التوتر في سوريا. وتوصلت روسيا وإيران أبرز حلفاء دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة، في أيار/مايو في اطار محادثات استانا، الى اتفاق لاقامة أربع مناطق خفض توتر في سوريا. وبدأ سريانه عملياً في ادلب ومحيطها في شهر ايلول/سبتمبر. أميركا تريد من روسيا أفعالا لا أقوالا من جهة اخرى، أفاد دبلوماسيون الاثنين ان الخلاف ما زال مستمرا بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن تمديد مهمة الفريق الاممي المكلف التحقيق في استخدام اسلحة كيميائية في سوريا والذي تنتهي مهمته بعد ثلاثة ايام فقط. وردا على اسئلة الصحافيين حول ما اذا حصل تقارب في المواقف بين موسكو وواشنطن بهذا الشأن قال السفير الروسي في الامم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الاثنين "نتحدث عن مشروع القرار الذي تقدموا" به ولكن "لدينا نحن مشروع قرار تقدمنا به". واضاف "نحن نتواصل مع الاميركيين والمسألة لم تنته بعد"، مشددا على ان روسيا تؤيد تمديد مهمة فريق التحقيق الذي يؤدي عملا "مهما"، وأنها تأمل التوصل الى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن تمديد مهمة "آلية التحقيق المشتركة بين الامم المتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية". ولكن رد واشنطن لم يتأخر، إذ قالت البعثة الاميركية في الامم المتحدة ان "روسيا تعبّر بالكلمات عن دعمها لتمديد مهمة آلية التحقيق المشتركة ولكن هذه الكلمات ليست مؤيدة بأفعال". واضافت البعثة الاميركية ان "مشروع القرار الذي قدمته روسيا من دون اي مفاوضات بشأنه ليس مفيدا ولا يتمتع بأي دعم ولا يمكن أخذه على محمل الجد". والتوتر على اشده بين القوتين العظميين بشأن التمديد للجنة التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الاسلحة الكيميائية والأمم المتحدة والتي ينتهي تفويضها في 16 تشرين الثاني/نوفمبر. والشهر الفائت اتهم تقرير وضعته "آلية التحقيق المشترك" بين الامم المتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية سلاح الجو السوري بقصف بلدة خان شيخون التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة ادلب (شمال) بغاز السارين في 4 نيسان/ابريل الفائت مما اوقع اكثر من 80 قتيلا. لكن روسيا رفضت الاعتراف بنتائج التحقيق بدعوى أن المحققين لم يسافروا إلى خان شيخون وعملوا على عينات يمكن أن تكون أجهزة الاستخبارات الغربية تلاعبت بها. وينص مشروع القرار الروسي على تمديد عمل لجنة التحقيق لستة اشهر، ولكنه في المقابل يطلب منها "الاحتفاظ بنتائج عملها حتى يصبح التحقيق الكامل والملائم في موقع الحادث ممكنا". وردا على مشروع القرار الروسي قدمت واشنطن مشروع قرار مضادا يكرس نتائج التحقيق في هجوم خان شيخون ويجدد لمدة 18 شهرا مهمة المحققين الذين ما زال عليهم التحقيق في حوالي 60 هجوما كيميائيا مزعوما. وطرحت دول عدة بينها السويد ومصر حلولا للتسوية لكن واشنطن رفضتها رفضا قاطعا، بحسب دبلوماسيين. وتنتهي مهمة لجنة التحقيق مساء الخميس ولذلك يتعين على مجلس الامن اصدار قرار قبل حلول هذا الموعد لتمكين اللجنة من الاستمرار بعملها.
مشاركة :