زيارة رئيس الوزراء الأثيبوبي هايلي ماريام ديسالين إلى الدوحة مرتبطة بتمويل مشروع السد.العرب محمود زكي [نُشر في 2017/11/14، العدد: 10812، ص(2)]لقاء في توقيت مريب القاهرة - تزامن فشل الجولة الجديدة من مفاوضات سد النهضة مع قيام رئيس وزراء إثيوبيا هايلي ماريام ديسالين، بزيارة لقطر، ليثير أكثر من تساؤل حول ما إذا كان للدوحة المعروفة خصومتها مع القاهرة دور في فشل أي مسعى للتسوية بخصوص هذا الملف. ووصل رئيس الوزراء الأثيوبي الاثنين إلى الدوحة، على أن يلتقيه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الثلاثاء. ولا تستبعد أوساط مصرية في أن تكون لقطر بصمتها في التعنت الإثيوبي الذي ظهر في الجولة الأخيرة خاصة وأن الدوحة لطالما سعت لتوظيف جملة من الأوراق ضد مصر ومنها دعم جماعات إرهابية، والتقارب مع دول معادية للقاهرة. وتأتي زيارة ديسالين (لم تحدد مدتها) للدوحة، بعد الزيارة التي قام بها أمير قطر لإثيوبيا في أبريل الماضي، والتي كانت أول زيارة له للدولة الواقعة بالقرن الأفريقي، منذ تسلمه السلطة ببلاده في 25 يونيو 2013. ويرى محللون أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي تصب في سياق بحث أديس أبابا عن ممولين لاستكمال بناء سد النهضة، بعد أن تلقت ضربة موجعة عقب اعتقال الملياردير السعودي محمد حسين العمودي، أحد ممولي مشروع السد، وتم توقيفه في الرياض بأمر ملكي بتهم تتعلق بالفساد مؤخرا. وتخشى أديس أبابا أن يؤثر اعتقال العمودي على مسار بناء سد النهضة، في ظل أزمة اقتصادية حادة وارتفاع في معدلات التضخم، وهذا يجعلها غير قادرة على استكمال البناء من دون دعم خارجي، وتأمل في مساعدة قطر في ذلك. وألمح مسؤولون إلى أن الغضب المصري الواضح من فشل مفاوضات القاهرة، يرجع إلى الشعور بوجود تواطؤ بين إثيوبيا والسودان مع دول أخرى تناصب القاهرة العداء، في إشارة إلى قطر ومحاولة الاستفادة من الأزمة. وقال محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري في مصر، إن اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة على المستوى الوزاري، الذي استضافته القاهرة، يومي السبت والأحد، بمشاركة وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا، لم يتوصل إلى اتفاق لاعتماد التقرير الخاص بالدراسات، والمقدم من الشركة الاستشارية المنوط بها إنهاء الدراستين الخاصتين بآثار سد النهضة على دولتي المصب (مصر والسودان). وعبر الوزير المصري عن قلق بلاده من هذا التطور لما ينطوي عليه من تعثر للمسار الفني، على الرغم مما بذلته القاهرة من جهود لضمان استكمال الدراسات. وتتركز الأزمة الرئيسية في كمية المياه خلف سد النهضة وفترة ملء الخزان، وتخشى مصر من تأثيره على إمداداتها من المياه، مطالبة بتخفيض السعة التخزينية للسد والمقدرة بـ74 مليار متر مكعب من المياه إلى أقل من النصف. ولفت مصدر مصري قريب من ملف المياه لـ”العرب” إلى أن غضب وزير الري ستكون له تداعيات على ما ستؤول إليه أزمة سد النهضة، قائلا “للمرة الأولى تذكر القاهرة صراحة أن السودان أحد عوائق الوصول إلى حل، وقيامها بدور سلبي يعاند الإرادة المصرية”. وأشار المصدر إلى أن الموقف الإثيوبي أصبح واضحا وهو “المماطلة حتى انتهاء السد وملء خزانه دون وضع قواعد حاكمة حتى تصبح تلك هي الآلية عند بناء أي سد جديد”. وتتفاوض مصر وإثيوبيا والسودان منذ أكثر من سبعة أعوام وقد بلغ عدد الاجتماعات أكثر من 17 اجتماعا دون التوصل إلى صيغة أو اتفاق محدد ينهي الأزمة. وأكد المصدر لـ”العرب” أن الخطوة القادمة ستكون بمثابة “تصعيد سياسي كبير قد يصل إلى مستوى رؤساء الدول للضغط على الأطراف المعنية خاصة السودان التي تمارس دورا سلبيا”. ويتهم خبراء مصريون الجانب الإثيوبي بمحاولة إشغال مصر في مفاوضات واهية بلا جدوى حتى ينتهي بناء السد، المقرر تشغيله بحلول عام 2019، والميل نحو التحالف مع قطر لاستهداف أمن مصر المائي. ويرى هؤلاء أن موقف السودان يزداد غموضا، لذلك فالخيار الأمثل لحل الأزمة تأجيل إثيوبيا لعملية ملء خزان السد لما بعد التوصل إلى آلية تنسيق محددة، ما يجنب الجميع بعض المشكلات، وهو ما تسعى إليه القاهرة وترفضه إثيوبيا التي تأمل في أن تنتج الكهرباء بحلول العام الجديد. وأكملت اللجنة الفنية الثلاثية التداول حول المسائل الفنية لدراسات آثار السد على دولتي السودان ومصر، منتصف سبتمبر الماضي، وأعلنت مصر موافقتها المبدئية على الدراسة الفنية الخاصة بسد النهضة. ولم تتفق القاهرة مع الخرطوم على آلية موحدة لمواجهة التعنت الإثيوبي في الموافقة على الطلبات الهندسية لحماية الأمن المائي المصري، ما تسبب في عرقلة العديد من الاتفاقات المشتركة. وقال نادر فوزي الخبير ستشار وزير الري المصري سابقا، إن المفاوضات كانت تسير في شكل دائري، تنطلق من نقطة لتعود إليها من جديد دون الوصول لحل نهائي، ما ينذر بعدم استبعاد اشتعال أزمة كبيرة بين مصر وإثيوبيا، حال لم تلتزم أديس أبابا بما وقعت عليه بالخرطوم في مارس 2015، والخاص بعدم تأثير السد سلبا على مصر. وتوصلت الدول الثلاث إلى اتفاق في الخرطوم نص على أن “تقوم المكاتب الاستشارية بإعداد دراسة فنية عن سد النهضة في مدة لا تزيد عن 11 شهرًا، ويتم الاتفاق بعد انتهاء الدراسات على كيفية إنجاز سد النهضة وتشغيله دون الإضرار بدولتي المصب؛ مصر والسودان”.
مشاركة :