دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- برسمها الغني بالتفاصيل الدقيقة والمعقّدة، وملمسها الناعم كالبورسلان، تنظر فتاة لوحة "حداد جميل" لليوناردو دافنشي إلى من ينظر إليها، بردائها الأحمر، وكتفيها المائلين إلى جانب واحد. ولدى رؤية نظرة تلك الفتاة الثاقبة، التي صمدت أمام اختبار الزمن، قد تفهم سبب شهرة رسامها. لكن، تبقى تلك اللوحة وغيرها من لوحات دافنشي ثانوية، أمام عمل دافنشي الأشهر على الإطلاق، وهو لوحة الـ"موناليزا." لكن، ستتمكن الشابة ذات الرداء الأحمر من جذب الإهتمام الذي تستحقه، بعد أن أعارها متحف الـ "لوفر" في باريس إلى متحف "لوفر" أبوظبي، ضمن تشكيلة من المقتنيات تشمل أعمالاً ساحرة أخرى مثل لوحة "La Gare Saint-Lazare" لكلود مونيه، وبورتريه ذاتية للهولندي فنسنت فان غوخ، ولوحة "Portrait of a Lady" لبابلو بيكاسو. هل يستحق “اللوفر أبوظبي” مئات الملايين لبنائه؟ 2:39 ويصف متحف "لوفر" أبوظبي نفسه بأول متحف عربي عالمي، وهو مصطلح يعني أنه سيضم أعمالاً من مختلف العصور والقارات. وللتوصل لهذة النتيجة بشكل كامل، يجب أن تشمل المعروضات أعمالاً لا تقتصر على دافنشي. ويقول المدير العلمي لوكالة متاحف فرنسا، جان فرانسوا شارنييه: "بعد انقضاء أكثر من قرن على حقبة الاستعمار، من غير الممكن استخدام فكرة المتحف الكلاسيكية للحديث عن المتاحف." وأُسست تلك الوكالة في العام 2007 لإدارة متحف "لوفر" أبوظبي، عندما وقّعت الحكومتان الإماراتية والفرنسية على اتفاقهما للمرة الأولى. قد يهمك أيضاً: شاهد أثمن الأعمال الفنية التي سيعرضها متحف اللوفر في أبوظبي! ويرى تشارنييه أن "لوفر" أبوظبي يمثّل فرصة لإعادة سرد قصة الحضارة البشرية. لذا، قرر حلّ فكرة الأقسام التقليدية في المتاحف، وفي المقابل وضع الأعمال التي تعود إلى الحقبة التاريخية ذاتها معاً، بغض النظر عن أصلها الجغرافي، لإيجاد العوامل المشتركة التي سادت في العالم في مختلف الحقبات. ويضيف: "(ابتعدنا) عن الرؤية المتعلقة بالقيم الأوروبية والغربية التي تتخلل العالم.. وسعينا لإيجاد حلٍ جديد للحديث عن العالمية ومعناها في عصرنا الذي تحكمه العولمة." رمز للمساواة وبعد وضع هذا الهدف بالحسبان، سعى متحف "لوفر" أبوظبي لإيجاد مقتنيات من خارج المؤسسات الفرنسية. وتشمل الأعمال المعروضة أدوات من العصر الحجري، ولوحة حجرية من مكة تعود إلى القرن الأول للميلاد استعارها المتحف من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية، وتشكيلة تشمل أكثر من 400 درهم فضي يعود إلى الخلافة العباسية في العراق استعارها المتحف من المتحف الوطني في سلطنة عمان، وتمثال برأسين يعود إلى ثمانية آلاف عام تعود ملكيته إلى قسم الآثار الأردني. ويسعى تشارنييه أيضاً للتوصل إلى سبلٍ جديدة لسرد القصص التاريخية، عن طريق الجمع ما بين أعمال لم يسبق أن وضعت جنباً إلى جنب. مثلاً، وُضع تمثال يعود للقرن الثاني للميلاد لـ "بوذاسف" من مملكة "غاندارا" في باكستان إلى جانب تمثال آخر لواعظ روماني من القرن ذاته. ويظهر على التمثالين الأثر الإغريقي في التصميم. وفي أماكن آخرى من المتحف، عُرضت أعمال من ديانات مختلفة بجانب بعضها بعضاً، بهدف تسليط الضوء على النقاط المشتركة بين البشرية. قد يهمك أيضاً: لماذا تتجه عيون العالم إلى "متحف المليار دولار" في أبوظبي؟ وتعليقاً على هذا، تقول روز بالستون، وهي مؤرّخة فنية مقيمة في الإمارات: "هذا النوع من المبادرات سيجعل المتحف رمزاً للمساواة. لا يمكن أن نضع أوروبا وأمريكا في قلب الخريطة بعد الآن، وحان الوقت لوجود متحفٍ يعكس المساواة الأكبر بين الدول والقارات." وتضيف: "هذا طموح جريء، إذ لكل شخصٍ فكرته الخاصة حول معنى العالمية. الأعمال التي شاهدتها في التشكيلة تعكس حتى الآن بداية جيدة." وتضم التشكيلة الدائمة للمتحف سوراً ذهبياً من القرن الثامن من شمالي إيران، وهي منطقة معروفة بأذربيجان الإيرانية، وكوزاً مطعّماً بأم اللؤلؤ من ولاية كجرات الهندية يعود الى القرن السابع عشر. ويمكن لزوار المتحف أيضاً رؤية ملّاحة نيجيرية الأصل نُحتت من عاج الفيل في بداية القرن السادس عشر، إلى جانب مجسّم لبوذا وهو يتأمل حُفر في كمبوديا في الفترة ما بين العامين 1100 و1150. وتقول بالستون: "تسرد كل المقتنيات التي نتعامل معها في هذا المتحف قصة مهمة. ويمكن أن تكون أهمية بعض تلك الأعمال قد غطتها أعمال أخرى عندما كانت في متاحف مليئة بأعمال شهيرة، لكن، لدى تلك الأعمال مساحتها الخاصة وقصتها الخاصة هنا ... وسيكون جليّاً أنها جزء من القصة العالمية التي يسردها متحف لوفر أبوظبي." وتشاهدون بعض الأعمال المميزة التي تنتظركم في متحف "لوفر" أبوظبي في معرض الصور أعلاه:
مشاركة :