العاملات في لبنان بين العبودية الواضحة و”المقنعة”!!

  • 9/14/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كل الوطن، أسامة الفيصل، بيروت: أظهرت دراسة تتعلق باستقدام عاملات منازل من نيبال وبنغلادش بأنه يتم استخدام العاملات بشكل أساسي من قبل وسطاء غير مرخصين أو منظمين عبر القوانين الراعية للهجرة في الدول الأصل، حيث تضطر معظم العاملات للوقوع تحت عبودية الدين لتأمين الأموال التي يطلبها الوكلاء والوسطاء في الدول الأصل تحت حجة تغطية تكاليف الهجرة. ومن أبرز النتائج أيضاً هو أنه تبين بأن العاملات يتم خداعهن حول شروط وظروف العمل في لبنان، من ساعات العمل إلى العطلة الأسبوعية والراتب ونوع العمل في بعض الحالات، وصولاً إلى توقيع عقود لم يفهمنها. ولدى النظر في ظروف أول عمل للمهاجرات في لبنان، تبين توفر عدد من مؤشرات السخرة على نحو يدل على وقوع العاملات في لبنان ضحايا للعمل القسري، علما أن 82% من العاملات أفدن بأنهن شعرن بأنهن مجبرات على العمل. وقد تأيد ذلك بالنسبة العالية من العاملات اللواتي عملن لساعات طويلة يوميا وحرمن من الراحة والعطلة الأسبوعية وصودرت أوراقهن الثبوتية ومنعن من الخروج بمفردهن وتم احتجازهن في المنزل وحرمن من حق الاتصال بعائلاتهن. كما تعرض بعضهن إلى العنف الجسدي والجنسي. وأفادت 50% من المشاركات في المسح أنهن لم يكن يقبضن رواتبهن كل شهر، و40% منهن أفدن بأن أصحاب العمل صادروا مبالغ من رواتبهن بلغ معدلها ثلاثةَ أشهر. وقد تبين أن الأموال المقتطعة يمكن أن يفرضها صاحب العمل لكي يسترجع تكاليف الاستقدام. وفي الحالات الأخرى، قد يكون الهدف من الاقتطاع زيادة ربح وكالة الاستقدام في لبنان أو في البلد الأصل، فيكون الاقتطاع ممرا آمنا للربح غير المشروع. إطلاق الدراسة فقد أطلقت منظمة كفى عنف واستغلال (كفى) والمفكرة القانونية في كلية الطب في الجامعة اليسوعية في بيروت، دراسة بعنوان أحلام للبيع: بين الاستقدام والعمل في لبنان، رحلة استغلال عاملات منازل من نيبال وبنغلادش، تتناول الآليات والممارسات المتعلقة باستقدام عاملات منازل من نيبال وبنغلادش واستغلالهن في العمل في لبنان. في بداية الجلسة، عرضت مسؤولة قسم مكافة استغلال النساء والاتجار بهن في منظمة كفى، غادة جبور، والصحافية سعدى علوه، لأبرز نتائج الدراسة وتوصياتها، وعقب عليها ثلاثة خبراء في موضوع الهجرة من نيبال وبنغلادش هم المحامي العضو في لجنة الهجرة في نقابة المحامين في بنغلادش الأستاذ دال بهادور دامي، والمحامي في المحكمة العليا في نيبال ورئيس مركز TERAI للعدالة دبندرا جها، ومدير الجمعية الوطنية البنغالية للنساء المحاميات عبدلله الحسن. وفي الختام، عرضت مديرة برنامج إصلاح آليات الاستقدام في منتدى المهاجرين في آسيا السيدة تاتسي ماكابواغ لأفضل الممارسات الدولية المتعلقة بآليات الاستقدام. نتائج الدراسة استندت الدراسة وفق بيان للمنظمة إلى أساليب البحث الكمية والنوعية، وتضمنت مقابلات شبه موجهة ومسحا مع عاملات بنغاليات ونيباليات في لبنان وعاملات كن قد عدن إلى بلدهن، وممثلين عن وكالات استقدام وأصحاب عمل ومسؤولين رسميين. وبينما أضاءت دراسات سابقة على جزء من الواقع، متناولة أوضاع العاملات في البلد الأصل أو في بلد الإستقبال على حدة، سعت هذه الدراسة إلى رسم صورة شاملة لمسار الهجرة من بنغلادش أو نيبال إلى لبنان. وقد أبرزت أن معظم العاملات المشاركات في الدراسة وقعنَ ضحية ممارسات شبيهة بالإتجار بالبشر والعمل القسري. على صعيد الاستقدام، بينت النتائج أن غالبية العاملات المهاجرات أمن بأنفسهن تكاليف الاستقدام بواسطة قروض مع فوائد ربوية. فاستدانت 63% من المشاركات في المسح مبالغ تراوحت مع فوائدها ما بين 100 و1000 دولار أميركي، وتراوحت فترة السداد ما بين نصف السنة والأربع سنوات. ومن ناحية أخرى، يخضع أصحاب العمل إلى استغلال مادي من قبل وكالات الاستقدام، وذلك عبر تسديدهم هم أيضا مبالغ عالية. فبحسب الآليات الرسمية تبلغ كلفة المعاملات الرسمية لإتمام هجرة عاملة منزل من بنغلادش ونيبال حوالي 650 دولارا اميركيا، إنما ما يتقاضاه الوكلاء في لبنان، من أصحاب العمل، فيتراوح ما بين 1300 و3000 دولار. وبالتالي يقدر هامش الربح بشكل مضاعف للكلفة الحقيقية، فيصبح تحديد بدل الأتعاب حكرا على الإرادة الأحادية للوكلاء، العشوائية وغير المضبوطة. وخدعت المهاجرات حول ظروف العمل والمعيشة في لبنان، إما عبر حجب معلومات مهمة عنهن أو عبر توفير معلومات كاذبة من قبل الوسطاء والوكلاء، رغم وعي هؤلاء للشروط والظروف الحقيقية للعمل والنظام الراعي له في لبنان. كما خدعن حول نوع العمل الذي سيقمن به في لبنان، وظروف الأسرة التي سيعملن لديها، وحول ساعات العمل والراحة اليومية والأسبوعية والراتب، وحول إمكانية الاتصال بعائلاتهن. وصرحت 83% من العاملات المشاركات في المسح أنهن لم يكن ليتخذن قرار الهجرة إلى لبنان لو علمن بشروط توظيفهن وهجرتهن. وقد ساهم نظام الكفالة واختلال توازن القوة في العلاقة بين العاملة وصاحب العمل ووطأة عبودية الدين في عزل عاملة المنزل وحرمانها من إمكانية تغيير ظروف عملها في لبنان. فيصبح الفرار، أي مغادرة المنزل ومكان العمل دون موافقة صاحبه، الحل الوحيد لإنهاء علاقة العمل المسيئة. توصيات خلصت الدراسة إلى توصيات أساسية تساهم في تغيير آليات استقدام عاملات المنازل المهاجرات والحد من ممارسات استغلالهن. ومن أهم التوصيات: - تفعيل دور الحكومات في إدارة عملية استخدام عاملات المنازل والمهاجرات واستقدامهن ووضع اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف بين لبنان والدول الأصل تفصل عمليات وآليات الاستخدام والاستقدام مع شروط وجود تمثيل ديبلوماسي وملحق عمالي لهذه الدول في لبنان، ومن أهمية ذلك الحد من دور الوكالات الخاصة ليصبح لوجستيا، ويخفف من تكاليف الاستخدام. على الاتفاقيات أن تتضمن وضع عقد موحد يفصل شروط العمل وظروف المعيشة في لبنان ويضمن الحق المطلق في إنهاء العلاقة التعاقدية كما وأن يضمن الحصول على الحد الأدنى للأجور المطبق على المستوى الوطني في لبنان. تفعيل وتوسيع المراقبة على وكالات الاستخدام والاستقدام من أجل وضع حد للفساد وللتعامل مع الوسطاء غير المرخصين، كما وإدخال آليات الشفافية المالية والإيصالات المفصلة، وضبط التكاليف وهوامش ربحها التي مفترض أن يتحملها صاحب العمل لوحده وتجريم مصادرة راتب العاملة أو أجزاء منه. تعزيز حصول عاملات المنازل المستقدمات إلى لبنان على معلومات كافية حول هجرتهن إليه وخصوصا في المناطق الريفية للدول الأصل وسلطاتها المحلية وتفعيل تسجيل العاملات في صناديق رعاية المهاجرين. ملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق عاملات المنازل في لبنان وضمان وصول العاملة المهاجرة لسبل الإنتصاف والتعويض القانوني عندما تنتهك حقوقها الأساسية. في انتظار تبلور الإرادة السياسية في وضع اتفاقيات بين الحكومات لتنظيم وضبط عمليات الاستخدام والاستقدام، وإلغاء نظام الكفالة، وضم عمال المنازل إلى قانون العمل، اتخاذ تدابير عملية وملموسة وسريعة للحد من العمل القسري والاتجار بالبشر.

مشاركة :