الحكومة البريطانية تيريزا ماي الثلاثاء معركة نيابية كبرى مع استئناف جلسات النقاش حول مشروع القانون الذي يهدف إلى وضع حد لسيادة التشريعات الأوروبية على القانون البريطاني في إطار بريكست. وكان البرلمان صادق في قراءة أولى في أيلول سبتمبر الماضي على هذا النص الحيوي الذي من المفترض ان يتيح للمؤسسات في المملكة المتحدة مواصلة أعمالها بشكل طبيعي بعد خروجها بشكل تام من الاتحاد الأوروبي. لكن مراجعته بشكل دقيق تأخرت. وبررت الحكومة ذلك بضرورة أخذ الوقت الكافي لدراسة مختلف التعديلات الـ188 التي تم التقدم بها وستكون موضوع المراجعة أمام البرلمان في الأسابيع المقبلة. تواجه الحكومة إمكانية التعرض لانتكاسات حول تعديلات أساسية في حال وقف نواب محافظون مع النواب العماليين، اكبر أحزاب المعارضة. فرئيسة الحكومة لا تملك في الواقع سوى غالبية بسيطة في البرلمان نتيجة تعاونها مع الحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي. ويأتي هذا الاختبار في الوقت الذي تجد فيه رئيسة الحكومة نفسها في موقف ضعيف بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة في حزيران يونيو وتواجه صعوبات لفرض سيطرتها حتى داخل حكومتها نفسها. ففي الأسابيع الماضية، قدم وزيران استقالتهما الأول على خلفية فضيحة تحرش جنسي والثانية بتهمة القيام بدبلوماسية موازية مع إسرائيل. كما تشهد الحكومة تجاذبا واضحا بين مؤيدي طلاق واضح وآخرين يفضلون مقاربة أقل صرامة. وأوردت صحيفة "ميل أون صنداي" ان وزيري الخارجية بوريس جونسون والبيئة مايكل غوف وكلاهما من "صقور" بريكست صارم، اشترطا الاستعداد بشكل واضح ومفصل لاحتمال الخروج من التكتل الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاق مع بروكسل. - 29 آذار/مارس 2019 الساعة 23.00 ت غ من جهة أخرى، تواجه ماي ضغوطا متزايدة من بروكسل وأمهل كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه المملكة المتحدة أسبوعين لتوضيح التزاماتها حول شروط الطلاق إذا كانت تريد الحصول على ضوء أخضر من بروكسل بحلول نهاية العامة من أجل إطلاق المفاوضات التجارية لمرحلة ما بعد بريكست. سيكون الصدام الأول في المعركة النيابية المقبلة الثلاثاء عندما سيسعى حزب العمال إلى إجراء تصويت على تعديل يمدد فترة انتماء المملكة المتحدة في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي وضمن صلاحيات محكمة العدل الأوروبية خلال المرحلة الانتقالية. تبدأ هذه المرحلة بعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي وتستمر لعامين تقريبا. لكن الحكومة شددت على أن البلاد ستكون منفصلة تماما عن التكتل بمجرد خروجها منها في 29 آذار/مارس 2019 عند الساعة 23.00 ت غ. وأثار هذا الموعد الدقيق والذي أتى بموجب تعديل في القانون اعتراض بعض النواب المحافظين. وقال دومينيك غريف وزير العدل ان هذا التعديل "كان غير ضروري إطلاقا وسيأتي بنتيجة عكسية" ويزيل أي هامش للمناورة في حال تأخر المفاوضات. أما عمليات التصويت الأكثر توترا فستتم في الأسابيع المقبلة عندما سيسعى غريف ونواب محافظون آخرون الحد من السلطة التي يمنحها نص القانون إلى الحكومة من أجل تعديل القوانين الأوروبية بعد نقلها تباعا إلى التشريعات المحلية. عشية النقاش، بدت الحكومة وكأنها تحاول مهادنة المتمردين في حزبها عندما تعهدت ان النواب سيصوتون على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي. يعتبر كير ستارمر مسؤول بريكست في حزب العمال ان ذلك "يشكل تراجعا ملحوظا من جانب حكومة ضعيفة على شفير الانهيار". إلا ان وزير بريكست ديفيد ديفيس أقر بأنه وحتى لو عارض النواب مشروع القانون فان البلاد ستخرج من الاتحاد الأوروبي في كل الأحوال في 29 آذار/مارس 2019.
مشاركة :