خالد القشطيني: الطريق المسدود للإسلام السياسي

  • 9/14/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

قدمت مؤسسة الحوار الإنساني في لندن، وهي المؤسسة التي أقامها السيد حسين الصدر لهذا الغرض ويديرها الزميل غانم جواد، ندوة جديرة بشأن الأوضاع الطائفية والسياسية في العراق. شارك في هذه الندوة السيد جواد الخوئي الأستاذ في الحوزة الدينية في النجف، والإعلامية العراقية السيدة جينا العمو، والدكتور سعد سلوم من بغداد. أثارت طروحات السيد الخوئي اهتمام الحاضرين، وجرت مناقشتها بإمعان من قبلهم، لا سيما أنه كان يتكلم بلسان الحوزة والمرجعيات الدينية النجفية. كان من أهم ما طرحه أن الرأي هناك قد استقر على رفض الإسلام السياسي. قال إن تجربة هذا المنطلق أثبتت فشلها في العراق كما فشلت في مصر. فالسنوات العشر التي مر بها العراق أظهرت ضرورة فصل الدين عن الدولة واستبعاد تدخل الجهات الدينية في أمور البلاد السياسية وعجز الإسلام السياسي عن حل مشاكل البلاد. عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. فما فعله «داعش» في العراق هو أن أيقظ مشاعر العراقيين بالوحدة الوطنية وأخطار المنظمات والأحزاب الإسلاموية، مثلما كشفت لهم تجارب السنوات العشر الماضية خطل الطائفية وأخطارها. الواقع أنها هي التي فجّرت كل هذه المشاكل التي زعزعت مستقبل العراق وعروبته ومكانته كجزء متمم للعالم العربي. ولهذا اقترح أحد الحاضرين فصل الدين عن الدولة ووضع ذلك في مقدمة الدستور، إضافة إلى مراعاة حقوق الأقليات، أو بالأحرى المكونات الدينية غير الإسلامية. وهذه نقطة تعرضت لها الندوة. مجرد ذكر اصطلاح «الأقليات» ينطوي على تهميشها والتعويل على دور الأكثرية فقط. ينبغي وصفها بالمكونات لا بالأقليات، لأنها هي التي تسهم في تكوين المجتمع. وهنا أكد الأستاذ الخوئي على ضرورة صيانة هذه المكونات لأنها تعطي المجتمع العراقي التنوع الذي تميز به واستفاد منه وأقام عليه حضارته. وهذه نقطة طالما أشرت إليها من قبل. فأبناء هذه المكونات يسعون دائما للتعلم والتميز والتخصص في شتى الميادين، ومنها مثلا إتقان اللغات الأجنبية واحتراف الصيرفة والحسابات والطبابة والترجمة والصيدلة والفنون كالموسيقى، والحرف الفلكلورية كالصياغة والخياطة والتطريز والنقش. الحضارة العربية والإسلامية قامت على أكتاف أبناء هذه المكونات، وفي مقدمتهم المسيحيون واليهود والصابئة. لقد فات علي الكثير مما طرحه المتحدثون والمشاركون في الندوة. فالواقع أنني ابتليت بهذه العاهة، وهي فقدان حاسة السمع. قلت للحاضرين إنني ألاحظ ابتلائي بهذه العاهة بصورة خاصة عندما يتكلم العراقيون في الشؤون العامة. لا أسمع ما يقولون. وأعتقد أن هذه العاهة التي ابتليت بها منذ سنوات تعود لأسباب نفسية. وهو أمر يعيا الأطباء عن معالجته. والسبب النفسي كما أشعر يعود لاعتقادي بأن هناك من العراقيين من يقولون ما لا يفعلون. فما الفائدة من الإصغاء وإرهاق أذني لسماع ما يقولون؟ لاحظت مثلا أن الندوة أكدت على اعتقاد الحوزة بإبعاد الدين عن السياسة. إذن فلم كل هذه التدخلات والطروحات التي ما زالت تصدر من جانبها أو تنسب إليها؟

مشاركة :