وزير الطاقة والمياه اللبناني سيزار أبي خليل أمس طمأنة شركات النفط العالمية بشأن مستقبل تراخيص النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية. وأكد أنه لن يكون هناك أي تأخر بسبب الأزمة السياسية التي اندلعت جراء استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري. وقال على هامش مؤتمر للطاقة في أبوظبي إن أول جولة تراخيص تجريها البلاد ستمضي قدما في مواعيدها وأن الحكومة ما زالت تعمل والدستور لا يزال قائما وأن العمل يسير بشكل طبيعي. ويحاول لبنان تسريع خطوات استكشاف ثروته من النفط والغاز بعد أن سبقته الدول المجاورة وخاصة إسرائيل إلى تحقيق اكتشافات كبيرة. ويقدر المسؤولون حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية بنحو 96 تريليون قدم مكعبة من الغاز ونحو 850 مليون برميل من النفط. وأعاد لبنان إطلاق جولة التراخيص التي يتنافس فيها العارضون على حقوق الاستكشاف والإنتاج في يناير بعد تأخر استمر ثلاث سنوات بسبب حالة الشلل السياسي. وقال وزير الطاقة إن الشركات ستتفاوض بشأن العروض الفنية يومي 27 و28 نوفمبر ثم سيرفع تقييما لمجلس الوزراء اللبناني لنيل الموافقة النهائية. واكتشفت احتياطيات غاز كبيرة بالفعل في مياه قريبة في إسرائيل وقبرص وهو ما يشير إلى احتمال اكتشاف الغاز في لبنان أيضا، لكن النزاعات السياسية حالت حتى الآن دون بدء التنقيب.سيزار أبي خليل: الشركات ستتفاوض بشأن العروض الفنية للتراخيص يومي 27 و28 نوفمبر الجاري وكانت الحكومة اللبنانية قد أقرت بداية العام الحالي مرسومين لتحديد الكتل الجغرافية للتنقيب عن النفط والغاز، وهو ما مهد الطريق لانطلاق جولة تراخيص الاحتياطات البحرية المتوقفة منذ عام 2013. ويرى محللون أن تأخر لبنان في سباق استثمار ثروات النفط والغاز في البحر المتوسط، قد يؤدي إلى خسارته جانبا من تلك الاحتياطات بسبب تداخل الحقول في المياه الإقليمية مع الدول المجاورة، التي قطعت شوطا طويلا في استغلال تلك الحقول. في هذه الأثناء تعافت سندات لبنان الدولارية نسبيا، بعدما شهدت موجة هبوط شديدة خلال الأسبوع الماضي وذلك بعدما قال رئيس الوزراء سعد الحريري إنه سيعود إلى البلاد قريبا. وقال جيسون توفي الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس “انحسرت المخاوف قليلا من نشوب صراع بالوكالة في لبنان بين إيران والسعودية”. ورغم انحسار المخاوف نسبيا إلا أن بعض السياسيين والمصرفيين اللبنانيين يخشون من أن دولا خليجية بقيادة السعودية قد تفرض على لبنان مقاطعة شبيهة بالمقاطعة المفروضة على قطر بسبب دور حزب الله في أزمات المنطقة بدفع من إيران. ويعمل ما يصل إلى 400 ألف لبناني في الخليج وتقدر تدفقات التحويلات النقدية على بلدهم بما يصل إلى 8 مليارات دولار سنويا، وهي مصدر حيوي للسيولة للمساعدة في الحيلولة دون انهيار الاقتصاد ومعاونة الحكومة المثقلة بالديون على مواصلة العمل. ونسبت وكالة رويترز إلى مسؤول لبناني رفيع المستوى قوله “يجب أن ننظر بجدية إلى العقوبات العربية. هذه تهديدات جدية للبنان في ظل الاقتصاد الهش. إذا قطعوا الواردات ستكون كارثة”. وحذر الحريري يوم الأحد من عقوبات عربية محتملة ومن خطر يحدق بفرص عمل مئات الآلاف من اللبنانيين الذين يعيشون في منطقة الخليج. وقال مصدر لبناني مطلع على السياسة السعودية إن تصريحات الحريري أعطت مؤشرا على ما قد يكون بانتظار لبنان إذا لم يتم التوصل إلى حل وسط حقيقي، مشيرا إلى أن قطر تمثل نموذجا للإجراءات. وقال المحلل السياسي اللبناني سركيس نعوم إن الرياض تريد من الحريري أن يعود إلى لبنان ويضغط على الرئيس ميشال عون لفتح حوار والتعامل مع شروطها بخصوص تدخلات حزب الله في دول المنطقة.8 مليارات دولار يحولها 400 ألف لبناني يعملون في الخليج سنويا وهي مورد أساسي للاقتصاد اللبناني وأضاف أن الحد الأدنى المطلوب من الأطراف السياسية اللبنانية هو الخروج بموقف “يعتبره السعوديون مرضيا لهم” للحيلولة دون فرض السعودية عقوبات على لبنان. وضخت السعودية في الماضي مليارات الدولارات في لبنان للمساعدة في إعادة الإعمار بعد الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990 وبعد توغلات إسرائيلية واسعة في جنوب لبنان. لكنها تبدو الآن مستعدة لاتخاذ إجراءات صارمة قد تلحق ضررا اقتصاديا كبيرا بلبنان، في محاولة لإضعاف موقف حزب الله في الداخل وفي المنطقة إذا لم يتم تنفيذ مطالب الرياض. وأثارت الشروط السعودية القلق بين بعض اللبنانيين الذين لطالما اعتبروا حزب الله “دولة داخل دولة”. ويعتقد كثيرون أن الحل ليس بأيدي الأطراف المحلية. وقال مصرفي لبناني كبير لرويترز إن “لبنان سيدفع الثمن”. وأضاف أن وسيلة الضغط الوحيدة التي يملكها السعوديون هي الضغوط الاقتصادية وأن بإمكانهم الضغط من خلال فرض عقوبات مؤلمة. وتقول مصادر سياسية إن قائمة العقوبات المحتملة يمكن أن تشمل حظرا للرحلات الجوية والتأشيرات والصادرات والتحويلات النقدية من المغتربين. ويجمع المحللون على أن الاقتصاد اللبناني في وضع بالغ الهشاشة في ظل ارتفاع الدين العام واقتراب النمو الاقتصادي من الركود إضافة إلى أعباء استضافة اللاجئين السوريين. واستبعدوا أن يتمكن من الصمود أمام أي ضربة جديدة لحبل الانقاذ الاقتصادي الذي يأتيه من دول الخليج.
مشاركة :