جلس الفلسطيني محمود كعابنة وهو أب لثلاثة عشر فرداً خارج خيمته في منطقة المالح في الأغوار الشمالية بالضفة الغربية المحتلة والقلق يعتريه من أن تُقْدم القوات الإسرائيلية على هدمها في أي لحظة بعد صدور قرار بذلك. قال كعابنة (48 عاماً) لرويترز «متوقعين في أي وقت وأي دقيقة (أن تتم عمليات الهدم). إحنا زي المحكوم عليهم بالإعدام.. بستنى أي وقت ينفذوا القرار». واستيقظ المئات من سكان منطقة المالح الجبلية قبل عدة أيام على قرار من قائد الجيش الإسرائيلي يطلب منهم الرحيل عن المنطقة خلال أيام طواعية وإلا سيتم إجلاؤهم. تضم منطقة المالح بعض عيون الماء الصغيرة التي لا تكفي لآلاف الأغنام ومئات الأبقار والجمال التي يعتاش السكان من تربيتها. ويتضح من القرار الذي تضمن خريطة للمنطقة التي يتوجب إخلاؤها، أن مساحتها تصل إلى ما يقارب 550 دونم يسكن فيها 300 فرد في خيام بعضهم منذ عشرات السنين في منطقة أقامت فيها إسرائيل خلال السنوات الماضية مستوطنات ومعسكرات للجيش. ويرفض سكان المنطقة ما تدعيه إسرائيل من أن السبب وراء قرار إخلاء المنطقة أنها منطقة تدريب عسكري. وقال كعابنة متسائلاً: «إذا كانت هذه المنطقة منطقة تدريب عسكري، لماذا يسمحون للمستوطنين بالسكن فيها وتوفير كل الاحتياجات لهم وتقديم دعم مادي لهم من أجل السكن فيها». وتبدو الحياة قاسية في هذه الخيام، فلا شبكات مياه ولا كهرباء إلا بعض الخلايا الشمسية لبعض الخيام التي قيل إن مؤسسات محلية ودولية تبرعت بها لهم. وقال عدد من السكان إن السلطات الإسرائيلية قامت قبل عدة سنوات بإغلاق أكبر نبع للمياه في المنطقة بالباطون مما يضطرهم إلى شراء المياه من مناطق أخرى وإحضارها بصهاريج لاستخدامها في حياتهم اليومية وسقاية مواشيهم. ويتحدث السكان هناك عن تاريخ طويل من الصراع مع القوات الإسرائيلية وعمليات الهدم المتكررة لخيامهم لإجبارهم على الرحيل عن المنطقة التي تظهر فيها من الشرق مستوطنات فيها بيوت من الأسمنت وشبكات إنارة ومياه وعلى الجهة الغربية معسكرات للجيش الإسرائيلي. وقال كعابنة: «خلال السنوات الأخيرة هدمو خيامنا تلات مرات وبنيناها مرة أخرى. إحنا صامدين في المنطقة على حساب أنفسنا... والمستوطنين موفر لهم كل إشي حتى الأغنام موفرة لهم». وأضاف «حتى لو هدمو هالمرة رح نبني مرة تانية وما رح نطلع من المنطقة... ما في مكان تاني نروح عليه لأنهم رح يلحقونا عليه». ويرفض سكان الخيام ما يجري الحديث عنه بشأن مخطط إسرائيلي لإقامة تجمع سكاني حضري لبدو الأغوار قرب مدينة أريحا، متسائلين كيف يمكنهم العيش مع مواشيهم في منطقة مغلقة. وقال قاسم دراغمة الذي شارف عمره على الثمانين عاماً ويسكن في خيمة في منطقة المالح فيما كان يصب الماء لقطيع أغنامه «هدموا.. هددوا بالهدم.. إزعاج وين بدنا نروح.. لو يعطوني قصور ما قبلت أترك هون». وأضاف: «هاي الأرض ربينا فيها.. يتركونا (الإسرائيليون) بنعيش». وتقول إسرائيل إنها تريد الاحتفاظ بالسيطرة على منطقة الأغوار التي تمثل الحدود الشرقية للأراضي الفلسطينية مع الأردن في أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين لأسباب أمنية. ويرفض الفلسطينيون هذا الادعاء بالقول إن السبب هو الأهمية الاستراتيجية للمنطقة وما فيها من ثروات طبيعية وبهدف الإبقاء على المستوطنات فيها. وقال قيس عبد الكريم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية «إسرائيل ترفض التنازل عن أي قطعة من أرض فلسطين حتى عندما يتحدث نتانياهو (رئيس وزراء إسرائيل) عن دولة بلا حدود أو عن نماذج جديدة للسيادة فهو يتحدث في الواقع عن دولة افتراضية، دولة تقوم بسلطاتها على الشعب الفلسطيني من دون أن يكون لها سيطرة على أي أرض».
مشاركة :