افتُتحت فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب على أرض المعارض الدولية في منطقة مشرف ، ويفترض أن يُؤدي معرض الكويت للكتاب - الذي تشارك فيه هذا العام 479 دار نشر، وتقدم اكثر من 11 ألف عنوان جديد - الدور الثقافي المهم للكويت باعتباره فرصة يلتقي من خلالها المسؤولون عن الشأن الثقافي وصناع الكتاب والأدباء والمثقفون، كما يحمل المعرض هذا العام دلالة خاصة، وذلك لأن دولة الكويت تحتفل هذا العام بكونها عاصمة الشباب العربي 2017م ، وكم كنا نتمنى أن يُصبِحَ المعرض من أهم التظاهرات الثقافية التي يقيمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كونه ثاني اكبر معرض للكتاب بعد معرض القاهرة للكتاب .قد يقرأ البعض بدافع الوجاهة والتباهي فهم يفعلون ذلك لأن الأمم التي نادراً ما تقرأ، سينظر أفرادها نظرة إجلال واحترام لكل من يحمل كتاباً في يده حتى لو لم يكن هدفه تثقيف نفسه لكن الأسوأ من القراءة للتعاظم والتفاخر هو عدم القراءة أصلاً ، وعلى الرغم مما يُقال من أن العرب أثروا الحضارة الإنسانية قديماً من مؤلفات وكتب قيمة في كافة أنواع العلوم من طب وصيدلة وهندسة وشتى صنوف العلوم الإنسانية الأخرى، فتفردوا بها حين كان بقية العالم غارقاً في جهله؛ فإن أحدث إحصائيات اليونسكو تشير إلى أن نصيب الفرد في العالم العربي من قراءة الكتب هو ربع صفحة سنوياً ! أما الأمريكي فيقرأ أحد عشر كتاباً والإنجليزي يقرأ سبعة كتب .وربما اختلفت صورة المثقف الآن عن تلك الصورة التي شاهدناها في أفلام الخمسينيات فلم يعد هو ذلك المتشدق بكلامٍ لا يفهمه من حوله، ويصمهم هو بالجهل وينغلق على نفسه دون أن يأخذ بأيديهم أو يقدم نفسه كقدوة أو مثال ، وأعداد المثقفين في تزايد مستمر ولكنها ما زالت قليلة ودون تأثير كبير على أرض الواقع؛ فإلى الآن ما زالت الفجوة كبيرة بين المثقفين في العالم العربي من جهة وبين المتعلمين الذين ربما نالوا أعلى الشهادات في مجالاتهم مكتفين بها ولا يهتمون بغيرها والأميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون والذين يشكلون 38 % من سكان الوطن العربي من جهة ثانية .وعزوف العرب عن القراءة يُعزى إلى الظروف الاقتصادية التي تعاني منها معظم البلدان العربية، من ارتفاع الاسعار وتعاظم معدلات البطالة والفقر، فمن يلهث وراء لقمة العيش لن يجد وقتاً ولا مالًا للقراءة أو لشراء الكتب. ولكنه سيجد الوقت والمال ليقتنيَ هاتفاً محمولاً باهظ الثمن ، وسَيُمضي وقتاً طويلاً في تصفح المواقع الإلكترونية، وربما لم يقرأ في حياته كتاباً واحداً، فالوجاهة عنده لم تعد بالقراءة فقط ، كما تساهم مناهج التعليم في ابتعاد شباب العرب عن القراءة فالمناهج محشوة ومستنزفةً لمعظم وقت الطلاب وطاقاتهم ، كما أن الأسر العربية تشجع أبناءها على التحصيل الدراسي لبناء المستقبل والحصول على وظيفة دون الإلتفات إلى بناء العقل وإثراء المخزون الثقافي والفكري .ويُفترض أن تساهم معارض الكتب المقامة في الدول العربية في اجتذاب قراء جدد ونشر الوعي الثقافي بين فئة الشباب تحديداً ، فبالقراءة تتحول الشخصيات من أشد حالات الضعف إلى شخصيات ناجحة ملهمة ، كما يجب أن نؤمن بأن استعادة حضارتنا وبناء مستقبلنا لن يتما أبدا إلا إذا كانت القراءة من أولوياتنا كما قال الأديب الأمريكي (راي برادبري) (لا يجب عليك أن تحرق الكتب لتدمر حضارة، فقط إجعل الناس تكف عن قراءتها) ، ربما يقرأ البعض للتسلية، ولا ضير في ذلك، ولكن الأمم المتقدمة تقرأ للحفاظ على هويتها وتقدمها ، فالإنسان المثقف الواعي هو وحده القادر على تغيير العالم من حوله ، أما الجاهل فبإمكانه هدم أعظم الحضارات. فعلى النقيض مما قاله المفكر الأمريكي (ألبرت هيوبارد) من أنه لن يكون هناك بلد متحضر حتى ينفق على شراء الكتب أكثر مما ينفق على شراء العلكة سنجد أكثر الكتب مبيعا في عالمنا العربي هي كتب الطبخ وتفسير الأحلام ، فهل هذا دليل على أن العرب أمة نائمة ؟ !عبدالله الهدلق
مشاركة :